سطور عربية :[email protected] 1- حقق المسلمون في رمضان انتصارات كثيرة ، سأكتفي بذكر معركتين من هذه المعارك لأقارن بين نتائجهما السياسية ، الاولى فتح مكة و الثانية معركة العاشر من رمضان السادس من اكتوبر ، حدثت المعركة الاولى بعد ان نقضت قريش معاهدة الحديبية و أعانت قبيلة بكر حليفتها على قبيلة خزاعة حليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطلبت خزاعة من الرسول صلى الله عليه و سلم نصرتها اعمالا لنصوص المعاهدة التى بينها و بينه ، فوعدهم الرسول بالنصر و بدأ في الاستعداد للمعركة و في بداية الاسبوع الثاني من شهر رمضان من العام الثامن للهجرة توجه الرسول صلى الله عليه و سلم على رأس جيش قوامه عشرة الاف مجاهد لفتح مكة ، و دخل جيش المسلمون مكة في العشرين من شهر رمضان دون قتال ، و دخل الرسول الكعبة و طاف بها ، و كسر اصنامها بيده و هو يتلو : ( و قل جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ) و قال لقريش ( ما تظنون اني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيرا ، اخ كريم و ابن اخ كريم ، قال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) .. هكذا حقق الرسول صلى الله عليه و سلم نصرا عسكريا و لو بدون قتال ، و تمسك بجني الثمار العقيدية و السياسية لهذا النصر العسكري فدخل الكعبة و كسر الاصنلم بيده و ثبت بذلك عقيدة التوحيد و هو يتلو : ( و قل جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ) كما ارسى الرسول صلى الله عليه و سلم بعد فتح مكة و دخوله الكعبة دعائم الحرية اهذه الامة الوليدة عندما قال لقريش ( ما تظنون اني فاعل بكم ؟) قالوا : خيرا ، اخ كريم و ابن اخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، اي اذهبوا فأنتم الاحرار ، لدرجة ان بعض المؤرخين و المفكرين يطلقون على الامة العربية التي تكونت من خلال الدعوة و الجهاد ( امة الطلقاء ) ، اي امة الحرية و العفو و التواضع و عدم الاستعلاء و القهر و العنصرية ، و التمسك بالحق ، لقد غرس الرسول ( جين الحرية ) في احشاء هذه الامة منذ لحظة ميلادها ، فهي بحق امة الطلقاء امة الحرية ، امة الاسلام . هذا عن فتح مكة ، فماذا عن معركة العاشر من رمضان 1394 هجرية ، قاتلت الجيوش العربية ببسالة و حققت انتصارات عربية عظيمة ، و بالذات على الجبهة المصرية و اوقعت هزيمة كبيرة بقوات العدو الصهيوني المدعومة عسكريا و سياسيا من العدو الامريكي ، و قهرت اكبر مانع مائي و هو قناة السويس ، و اضخم حائط ترابي رملي شيده العدو على الشاطيء الشرقي لقناة السويس ، و حطم اعظم و اخطر الخطوط الدفاعية على الاطلاق و هو خط بارليف الذي شيده العدو الصهيوني خلف الشاطيء الشرقي للقناة مباشرة و المزود بأنابيب ( نابالم ) اوصلها العدو الى اعماق قناة السويس ، كل هذه التحصينات تهاوت تحت اقدام العسكرية العربية خلال ست ساعات يوم العاشر من رمضان 1394 هجرية ، و عبرت القوات العربية الى سيناء بحوالي 80،000 مقاتل خلال اقل من 48 ساعة من بداية القتال ، و تحطمت تحت اقدام العسكرية العربية اسطورة جيش العدو الذي لا يقهر ، هذا الانتصار العسكري الكبير استراتيجيا تم التفريط في نتائجه السياسية ، حيث ان الهدف من كل الحروب التى خاضها العرب و في القلب منهم مصر التى فيها خير اجناد الارض ، و التي هي في رباط الى يوم الدين – الهدف هو – هزيمة العدو و تحرير الارض العربية المحتلة كلها ( الرض 1948 و ارض 1967 ) ، هذا هو الهدف الذي استشهد في سبيله مئات الالاف من الشباب العربي منذ دخول العصابات الصهيونية الارض العربية في فلسطين مرورا بحرب 1948 و حرب 1956 و حرب 1967 و حرب الاستنزاف وصولا الى حرب 1973 ، خاض الشباب العربي هذه الحروب لتحرير الارض العربية و تحرير المواطن العربي ، لكن القيادة السيلسية المصرية و على رأسها انور السادات فرطت تماما في نتائج الانتصار العسكري الكبير الذي تحقق ، فبدلا من السعي سياسيا اتحقيق الهدف الذي استشهد في سبيله الشباب العربي ، الهدف الذي كان بمثابة ( عقد قتالي ) بين القيادة السياسية و رجال القوات المسلحة و الشعب ، هذا الهدف اسقطته القيادة السياسية و انقلبت عليه تماما ، فبدلا من تحرير كل الارض تم التوقيع مع العدو على ( كامب ديفيد ) و ( معاهدة السلام ) و اعترفت مصر بدولة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) ، اعترفت بسرقة و اغتصاب الارض العربية لصالح الكيان الصهيوني في مقابل عودة سيناء منقوصة السيادة و منهوبة الموارد و منزوعة السلاح ، لقد عادت سيناء و لكنها ظلت في خدمة الامن الصهيوتي بكل ابعاده العسكرية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و ذلك وفقا لنصوص اتفاقية السلام ، و ارسى اطار كامب ديفيد و اتفاقية السلام ما يسمى بمبدأ الارض مقابل السلام ، اي حصول العرب على اراضيهم منقوصة السيادة مقابل الاعتراف بأسرائيل دولة صهيونية على الارض العربية في فلسطين اي ان كامب ديفيد و اتفاقية السلام ارستا مبدأ المقايضة ، مقايضة ارض عربية بأرض عربية و جزء من الشعب العربي بجزء اخر من الشعب العربي ، اي مقايضة الارض العربية التي احتلت عام 1967 بالأرض العربية التي احتلت 1948 و مقايضة عرب 1967 بعرب 1948 لذلك فهي مقايضة غير مشروعة و خيانة للامة و شهدائها ، انتصرنا عسكريا عام 1973 و في مقابل هذا الانتصار انكسرت ارادتنا السياسية فتنازلنا عن ارضنا و اعتفرنا بالعدو المغتصب لحقوقنا ، اكثر من ذلك فأن معاهدة السلام تضمنت الاسس التي قلبت الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و التربوية في مصر رأسا على عقب ، حيث تحول الاقتصاد في مصر من اقتصاد حرب و اقتصاد مقاومة الى اقتصاد طفيلي هزيل تابع و خادم للرأسمالية العالمية و الصهيونية ، و تم توليد طبقة اجتماعية طفيلية تعيش و تتعايش على خدمة مصالح العدو و تم تصعيد هذه الطبقة لسدة الحكم في البلاد و تم اجراء التعديلات على مناهج التعليم و على الخطاب الديني بما يحقق التغييب النفسي للشعب العربي بما يجعله يقبل بالوجود الصهيوني ، و لقد كان من تداعيات كامب ديفيد و اتفاقية السلام كل الاتفاقيات التي و قعت بين الكيان الصهيوني و العديد من الدول العربية الاخرى ووضع المقاومة الفلسطينية على طريق الاعتراف بالعدو في مقابل دويلة فلسطينية لا قيمة لها ، و كان من تداعياتها ايضا خطر تعريب الصراع بين الامة و العدو الصهيوني ليتحول الى اقتتال عربي عربي في العرلق و لبنان و فلسطين و السودان . هذا هو الفرق بين فتح مكة في رمضان و تحوله الى قاعدة لنصرة الحق و الحرية و معركة العاشر من رمضان 1394 هجرية و التي تحول النصر العسكري العربي فيها الى قاعدة لهزيمة سياسية عربية استراتيجية.
2- نشرت الصحف العالمية و المحلية و اذاعت و كالات الانباء خبرا عن مشاركة بوش ووزيرة خارجيته رايس افطارا في البيت الابيض حضره ائمة و قادة الجالية الاسلامية في الولاياتالمتحدةالامريكية ، و نقلت وسائل الاعلام عن بوش قوله بالعربية للمسلمين الحاضرين ( رمضان كريم ) و قوله ايضا مدحا في الاسلام و المسلمين ان الاسلام دين السلام و المودة و العلم و انه اسس حضارة عظيمة اثرت في الدنيا كلها ، و قبل واقعة الافطار باسابيع قليلة كان بوش قد جدد هجومه على الاسلام واصفا اياه بالفاشية و المسلمون بالفاشيست ، و تلا ذلك هجوم رأس الكنيسة الكاثوليكية على الاسلام و رسوله و هجوم العديد من المفكرين و السياسيين في عدد من بلاد الغرب على الاسلام و رسوله ،و لكن الحقيقة تقتضي القول ان العديد ايضا من السياسيين و المفكرين في الغرب هاجموا الهجوم على الإسلام و المسلمين ما دلالة ذلك ؟ دلالته , أن الغرب يعيش حالة من التفاعل مع الإسلام و المسلمين و شعورهم بالخوف و الهزيمة نتيجة لعاملين : الأول أرتفاع معدل انتشار الإسلام في العالم الغربي و بالذات في أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمير و الثاني ضربات المجاهدون المتلاحقة ضد القوات الأمريكية في البلاد العربية و الإسلامية, إن التحالف الغربي بقيادة أمريكا يواجه الهزيمة , ففي أفغانستان , أعلن قائد قوات التحالف الغربي انه يخوض هناك أكبر معركة برية منذ أنتهاء الحرب العالمية الثانية , و أن قوات التحالف ستضطر للبقاء في أفغانستان عشرون عاما أخرى على حد قوله و و في العراق قال بوش أخيرا أن الوضع في العراق شبيه بالوضع في فيتنام , و صرحت وزيرة خارجيته اثناء وجودها في مصر لترأس أجتماع مجموعة دول 6+2 (دول الخليج + الأردن و مصر)لبحث الوضع في العراق و المنطقة و مواجهة إيران – بأن أمريكا تريد الخروج من العراق بكرامة- , و انتقد احد المسؤلين الامريكيين بوش لتكراره القول بأنه لا يفكر في سحب قواته من العراق سريعا و نصحه انه إزاء الوضع المتأزم للقوات الأمريكية في العراق فإنه –أي بوش- يجب ان يطلب من الحكومة العراقية (العميلة )ان تطلب منه –أي من بوش- سحب القوات الأمريكية بسرعة و بذلك يجد بوش ما يستند عليه لتبرير سحب قواته المهزومة من العراق و يحقق لها قدر من الكرامة على حد قول رايس , و بالفعل فقد قال طالباني شيئا قريبا من ذلك عندما قال انه سيطلب سحب القوات الأمريكية مع بقاء وجود أمريكي محدود طويل الأمد في العراق في المنطقة الشمالية, و قال طالباني انه لا يطلب عددا كبيرا من القوات الأمريكية انه يطلب فقط وجود قاعدتين جويتين بالأضافة إلى عشرة الاف جندي أمريكي....إنها الهزيمة و البحث عن الخروج بكرامة..و في لبنان حقق حزب الله بفضل من الله اولا و المقاومة العراقية ثانيا انتصارا كاسحا على العدو الصهيوني و على الهخطط و التكنولوجيا الأمريكية , فقد حققت المقاومة العراقية أمريكا جثة هامدة في العراق و بالتالي صال حزب الله و جال في العمق الصهيوني لأول مرة في تاريخ الصراع , و في الصومال أستطاعت قوات المحاكم الشرعية هزيمة أمراء الحرب عملاء أمريكا , و في السودان نجد الصمود و الثبات في المواجهة و رفض دخول القوات الدولية (الاستعمارية)اراضي السودان في دارفور .. و في فلسطين , مازالت حتى الان الثورة في منزلة أعلى من السلطة بالرغم من الحصار المفروض عليها من قبل الدول العربية و الغربية ... هذا يعني أن الجهاد يحقق الانتصارات و ان الإسلام رايته خفاقة عالية و هذا ما يجعل الغرب و قياداته السياسية و الفكرية تعيش حالة من التوتر و التردد و الذهول ينعكس في تصريحات عدائة و حتى لا يصيبنا الغرور, فإن نقطة الضعف الأساسية التي تتحكم في المقاومة العربية هي أفتقاد الوحدة و التنسيق فيما بينها جميعا ...و تحقيق هذه الوحدة يعد السبب و الشرط لتحقيق النصر على العدو و ما النصر الا من عند الله. 3- درسنا في كلية الاقتصاد و العلوم السياسية علم الاقتصاد بفروعه المتعددة, و مازال عالقا في ذاكرتي حتى الان صوت الدكتور رفعت المحجوب رحمه الله و هو يعرف علم الاقتصاد بأنه علم دراسة الندرة أي علم دراسة التوفيق بين ندرة الموارد (الامكانيات )و تعدد الحاجات (لا نهائياتها) لكن الحقيقة ان هذا التعريف سطحي , إنه مبني على النظر إلى ظواهر الواقع الذي نعيشه , واقع الرأسمالية العالمية , واقع الشركات فوق القومية المتعدةة الجنسيات , واقع الاحتكارات , واقع المركز (الغرب -أمريكا)و الأطراف (أمريكا الجنوبية و أسيا و افريقيا), واقع الاستغلال الطبقي و نهب موارد الشعوب , واقع الاستعلاء و العنصرية الغربية , إن الندرة التي يدرسها علم الاقتصاد هي نتاج هذا النظام العالمي الاستغلالي الطبقي و بتعبير أخر إنه إذا ما انهار هذا النظام و تحررت الشعوب المقهورة و زالت النظم الطبقية الاستغلالية انتهت حالة الندرة الاقتصادية و حلت محلها ظاهرة الوفرة الاقتصادية , هذه هي سنة الخلق , كل مخلوق خلق و معه رزقه , يقول الله تعالى ,," و أتاكم من كل ما سألتموه و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار" ابراهيم-34 و يقول سبحانه و تعالى " و الارض مددناها و القينا فيها رواسي و انبتنا فيها من كل شيء موزون و جعلنا لكم فيها معايش و من لستم له برازقين " ..." و إن من شيء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم " الحجر -19 و 20 و21 و يقول الله تعالى " و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم " سورة النحل -18 واخيرا نقول صدق الله فإن القراّن هو كتاب الله للناس -كل الناس- ليخرجهم من الظلمات إلى النور ... بقلم محمد السخاوي:[email protected]