بدأت غزوات الرسول بغزوة بدر، الذي انتصر فيها الاسلام انتصارا هائلا.. وتوالت الغزوات التي انتهت بفتح مكة ودخول الناس أفواجا في الدين الحنيف والغزوة تطلق علي الجيش الذي يشترك فيه بنفسه النبي عليه الصلاة والسلام. والسرية هي تلك التي أناب فيها الرسول الكريم عنه قائدا علي الجيش المسافر لأداء مهمته. وقد قدر المؤرخون عدد الغزوات التي اشترك فيها الرسول بسبع وعشرين غزوة، وقاتل في تسع منها، وأن عدد سراياه قد بلغت الستين وبعض هذه السرايا أطلق عليها غزوة رغم أن الرسول الكريم لم يشترك فيها كغزوة مؤتة. واذا كانت غزوة (بدر) من أهم الغزوات لأنها كانت نقطة فاصلة، حيث انتصر فيها الاسلام مع الشرك، فإن من أهم الغزوات بعد ذلك كانت غزوة أحد، والذي كاد أن ينتصر فيها المسلمون لولا مخالفة الرماة لأوامر رسول الله، فنزلوا إلي ساحة المعركة تاركين مواقعهم رغبة في الغنائم، وكانت فرصة أمام خالد بن الوليد الذي كان ما يزال علي الشرك أن يلتف حول المسلمين ويحقق بعض الانتصارات، وصمد المسلمون حول الرسول، مما اضطر جيش مكة أن يعود من حيث أتي، خوفا من أن يتحول انتصاره إلي هزيمة علي يد المسلمين، ثم تتابعت الغزوات، مثل غزوة الأحزاب، الذي لم تحقق نتائج ملموسة من حصارها للمدينة، فقد هبت ريح عاصفة قلبت ميزان القوي وانسحب المشركون من المعركة: أو كما يقول القرآن الكريم في سورة الأحزاب: »إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا«. الأحزاب 01 -11 لقد دافع الله سبحانه وتعالي عن المؤمنين، عندما أرسل لهم هذه الريح الشديدة التي اقتلعت خيامهم وجعلتهم يعيشون الخوف الخوف والفزع، وقد صور القرآن الكريم ذلك بأسلوبه المعجز. »ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفي الله المؤمنين القتال، وكان الله قويا عزيزا« الأحزاب 52 توالت الأيام.. وعقدت هدنة بين قريش والرسول فيما عرف باسم صلح الحديبية، وكان في السنة السادسة من الهجرة، وكان الرسول الكريم قد فكر هو والمسلمون أن يتوجهوا إلي مكة لزيارة بيت الله الحرام بهدف العمرة ونزل مع أصحابه عند الحديبية، وكان عدد المسلمين نحو ألف وأربعمائة من الصحابة، واعترض أهل مكة، وبعث الرسول إليهم عثمان بن عفان ليبلغهم أنه عليه الصلاة والسلام لم يأت من أجل الحرب، ولكن بهدف العمرة واحتجزت مكة عثمان بن عفان وشاع أنه قتل، وقرر المسلمون القتال، وبايعوا الرسول الكريم علي الحرب تحت شجرة هناك.. وكما يقول القرآن الكريم في سورة الفتح: »لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا« الفتح 81 وسميت هذه البيعة (بيعة الرضوان).. وما كادت مكة تعلم بعزم المسلمين علي الحرب حتي أرسلت وفدا يفاوض الرسول، وعلي رأس ضد الوفد سهيل بن عمرو، وجرت مفاوضات بين مكة والرسول، انتهت بأن تعقد هدنة بينهم وبين الرسول لمدة عشر سنوات وأن علي النبي أن يرد النبي من يأتيه مسلما من قريش، وعلي العكس لاترد مكة من يأتيها من المسلمين، وأن من يريد الدخول في عهد قريش دخل فيه، ومن يريد الدخول في عهد محمد من غير قريش دخل فيه، وأن يحيء المسلمون العمرة إلي العام التالي، وأن تكون مدة إقامتهم في مكة لأداء العمرة ثلاثة أيام، ويكونوا بلا أسلحة. وقد وافق الرسول علي هذه الشروط، فيما عارض هذه الشروط بعض المسلمين، ثم سرعان ما وافقوا عليها حتي لايغضبوا رسول الله »صلي الله عليه وسلم«.. ففي هذه المعاهدة أو الصلح اعتراف من مكة بالمسلمين الذي عقدوا صلحا معهم، وقد وصف الله سبحانه وتعالي هذا الصلح بأنه فتح، فقال تعالي في سورة الفتح: »إنا فتحنا لك فتحا مبينا. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما. وينصرك الله نصرا عزيزا« وفي السنة الثانية للهجرة تم فتح مكة، عندما نقضت قريش صلح الحديبية، عندما اشتبك بنو بكر حلفاء قريش مع بني خزاعة حلفاء المسلمين، واستجدت كل قبيلة بحلفائها، ومن هنا قام الرسول الكريم علي رأس جيش كبير قوامة عشرة آلاف مقاتل، مما اضطر قريش أن تفتح أبوابها بدون قتال للمسلمين، فقد شعرت قريش بأنها لاقبل لها بهذا الجيش الكبير، وقد أسلم أبوسفيان بن حرب، وسعد سعادة غامرة بقول الرسول له: - من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، وأن من دخل المسجد فهو آمن. ودخلت جيوش المسلمين مكة من أربع جهات، وطاف الرسول وأصحابه بالكعبة المشرفة، وحطموا الأوثان وهم يرددون قوله تعالي: »وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا« الاسراء 18 وعفا الرسول الكريم عن أهل مكة، عندما سألهم - ما ترون أني فاعل بكم؟ فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم فقال الرسول الكريم: اذهبوا فأنتم الطلقاء. يقول الامام البخاري : قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم« يوم فتح مكة: :إن مكة حرمها الله تعالي، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، أو يعضد بها شجرة، فإن أحدا ترخص لقتال رسول الله فقولوا: إن الله تعالي قد أذن لرسوله، ولم يأذن لكم.. وإنما أذن لي ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد منكم الغائب«. وكان فتح مكة إيذانا بانتصار المسلمين، وأن تتوحد شبه الجزيرة العربية كلها تحت راية واحدة هي راية الاسلام، فقد خصصت قبائل نصاري نجران، وقبائل نجد واليمن وعمان.. وكان عام العاشر من الهجرة: 136م حتي دانت له كل أنحاء شبه الجزيرة. وكان من أهم الغزوات التي حدثت بعد فتح مكة هي غزوة حنين والطائف، حيث انتصر الرسول الكريم انتصارا هاما عليهم، رغم أن المسلمين في أول معركة غرتهم كثرتهم، وفوجئوا بجنود هوازن وثقيف تهاجمهم، وصمد الرسول الكريم في المعركة وهو ينادي المسلمين بالثبات في المعركة ويقول. »أنا النبي لاكذب.. أنا ابن عبدالمطلب« وانتصر المسلمون، ودخل الناس في الاسلام.. وكانت هذه الغزوة في السنة الثانية للهجرة.