هب الشعب المصري استجابة لدعوة حزب العمل ورموز الأمة وقيادات العمل السياسي والوطني بمصر والوطن العربي لنصرة الحكومة الفلسطينية والتضامن مع حركة حماس التي تواجه ضغوطًا كبيرة لدفعها للاعتراف بالكيان الصهيوني وبالاتفاقات الموقعة معه؛ فامتلأ الجامع الأزهر عن بكرة أبيه واحتشد عشرات آلاف من المصلين بعد صلاة الجمعة في تظاهرة ضخمة شهدت حضورًا إعلاميًا كثيفًا وتخللتها هتافات الجماهير المدوية والتي عبرت عن تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني وحكومته المنتخبة من حركة حماس، والوقوف بقوة أمام حملة الضغوط الأمريكية والصهيونية التي تزايدت وطأتُها على الفلسطينيين في الفترة الأخيرة. كتب: محمد أبو المجد
وأعلنت الجماهير رفضها للضغوطات والمؤامرات الدنيئة التي تتعرض لها الحركة بتواطؤ الحكام العرب لتركيعها وإجبارها على الاعتراف بشرعية الاحتلال ووجود الكيان الصهيوني وهتفت تقول: "كلمة نقولها جيل ورا جيل.. لن تعترف بإسرائيل", "بالروح بالدم.. نفديكي ياحماس", "إيه الظلم ده كله ياناس.. عملت إيه في الدنيا حماس؟", "شد حيلك ياهنية.. عايزين دولة إسلامية", "هنية ومشعل والزهار.. شدوا حيلكم ياأطهار", "يادحلان ياحقود.. روح اتشطر ع اليهود".
وقد شارك في المؤتمر رموز القوى الوطنية والسياسية وفي مقدمتها الدكتور مجدي قرقر الأمين العام المساعد لحزب العمل ومحمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين، والدكتور عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق، والدكتور محمد علي بشر عضو مكتب الإرشاد بالإخوان والأمين العام لنقابة المهندسين سابقًا، ومحمد علوان نائب رئيس حزب الوفد، وجورج إسحاق منسق حركة كفاية، والدكتور جمال زهران منسق كتلة المستقلين بمجلس الشعب، وعبد العظيم المغربي ممثل الحزب الناصري.
دعم حماس.. واجب شرعي وقد ألقى الدكتور مجدي قرقر –الأمين العام المساعد لحزب العمل- كلمة ذكر فيها أن روح رمضان شهر الانتصارات تدفع الشعوب لأن نقف صفًا واحدًا خلف قوى وحركات المقاومة الإسلامية الشريفة في شتى بقاع الأرض, فها هي انتفاضة الأقصى في فلسطين تدخل عامها السادس وفي القلب منها حركة حماس, مؤكدًا أننا يجب علينا أن ندعم حماس لأن الشعب الفلسطيني هو الذي اختارها واختار طريق المقاومة والجهاد بملء إرادته؛ مؤكدا أن خيار الشعوب هو المقاومة, أما خيار الحكام فكان الذل والتبعية والاستسلام يدفعهم لهذا حب الدنيا وعبادة الكرسي. وطالب الأمين العام المساعد لحزب العمل بتخصيص جزء من أموال الزكاة لصالح المقاومة في فلسطين لأنه نوع من الجهاد بالمال والذي قدمه الله عز وجل على الجهاد بالنفس. واستنكر قرقر المحاولات التي تقوم بها أطراف مشبوهة خارجيًا وداخليًا والتي جاء النظام المصري في مقدمتها لإجبار حماس على الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب غير محدد المعالم ولا الحدود مقابل امتيازات زهيدة لا يمكن أن تقبلها حماس فهي لم ولن تبيع مبادئها مقابل أي شئ, لأنها إذا باعت فستكون قد تخلت عن شعبها الذي اعتبرها رمزًا للمقاومة والصمود.
جهود جيدة.. ولكن ورحب قرقر بالجهود الرسمية المصرية المبذولة للصلح بين فتح وحماس ومنع الاقتتال بينهما, ولكنه شدد أنه يجب على مصر ألا تتحيز لطرف على حساب آخر وأن تحرص على أن يكون الحوار الوطني فعالاً وألا يفرط في ثوابت الشعب الفلسطيني وعلى رأسها المقاومة وعدم الاعتراف بالاحتلال, وإلا فإن دور مصر في غير هذه الحالة سيكون مشبوهًا وغير مقبول. وحيا قرقر الدكتور عصام العريان –المعتقل حاليًا- والذي كان قد اقترح إجراء حلقات نقاشية في اتحاد الأطباء العرب على كافة المستويات حول مستقبل حركة حماس في ظل السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تقابلها وكيفية مواجهتها, ولكن اعتقاله الظالم حال دون استمرار تلك الحلقات, ودعا قرقر د. عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب إلى العمل على استئناف تلك الحوارات لاحتياج حماس لها لاجتياز محنتها الحالية.
تصريحات مستفزة واستنكر قرقر تصريحات وزير الأوقاف الأخيرة والتي تطالب بمنع التظاهرات في المساجد واعتبرها مستفزة, وتساءل: ما هو دور المسجد إذن يا سيادة الوزير؟! أليس دوره هو استنهاض الأمة وتعريفها بقضاياها وحثها على الجهاد, ودور الأزهر الجهادي والذي قاد الثورات على الاحتلال وقوى الظلم على مر العصور خير شاهد على ذلك.
مناصرة حماس.. مناصرة للحق
وفي كلمته قال الأستاذ محمد مهدي عاكف إن فلسطين في حاجة ماسة لدعم الأمة العربية والإسلامية في مواجهة القوى الصهيونية والأمريكية، مؤكدًا أننا جميعًا مع هذا الدعم بكل ما نملك من قوة ومن عزم، وأن وقفة المسلمين في الأزهر اليوم هو بمثابة إعلان أمام العالم أجمع أننا مع الحق الفلسطيني الذي أرادت قوى الشر في العالم أن ينتزعوه من شعب فلسطين وحكومته المنتخبة. وأضاف عاكف أن حماس تقف الآن في الصف الأول لصد المخططات الصهيونية والأمريكية العدوانية على الشعب الفلسطيني, بل والشعوب العربية بكاملها, لذلك فإنه من الضروري أن ندعم حماس بكل السبل الممكنة, مؤكدًا أن الشرفاء وحدهم هم من سيقفون خلف حماس لأنها مع الحق أما الخونة والعملاء وأشباه الرجال فسيختارون طريق المهادنة لأعداء الله والوطن. وقال عاكف: إن المرء ليقف مذهولاً أمام هذا الحصار الرهيب المفروض على الشعب الفلسطيني لإذلاله وإجباره على الركوع لقوى الباطل, ويا ليته من أعدائها فقط بل إن من بني جلدتنا من يشارك في هذا الحصار بكل الجهود الممكنة يدفعهم الحقد على حماس القوية المجاهدة الشريفة. واختتم فضيلة المرشد كلمته بتوجيه التحية للشعب الفلسطيني وقواه المقاومة وعلى رأسها حركة حماس ورجالها المخلصين, وطالبهم بالصبر والثبات فجموع الأمة وراءهم على درب الجهاد وطريق العزة والكرامة، كما أعلن تأييد الجماعة لكل المجاهدين في العراق ولبنان وأفغانستان والسودان، داعيًا اللهَ- في ختام كلمته- أن يكشف الغمة عن الأمة الإسلامية.
استنكار وتحذير
وقد شهدت التظاهرة حضور الدكتور عزيز صدقي –رئيس الوزراء المصري الأسبق ورئيس الجبهة الوطنية للتغيير- والذي ألقى كلمة ذكر فيها أنه عندما كان يرى ازدياد الظلم وتفشي الفساد وطغيان العملاء كان يناجي الله أن يرفع هذا الأمر عن الأمة فكان يشعر بطمأنينة غريبة تنبأه بأن نصر الله قريب وأنه سيظهر عباده الشرفاء المؤمنين. واستنكر صدقي التحالف التي تقوم أمريكا وعملاؤها بتكوينه الآن تحت مسمى "تحالف الدول المعتدلة", مؤكدًا أنه يرفض هذا لأنه لا يجب أن نتحالف إلا مع المؤمنين, محذرًا النظام المصري من أن ينجر إلى مثل هذه التحالفات التي هي ضد الأمة وشعوبها وثوابتها. وطالب صدقي الشعوب أن تعرف أنها هي صاحبة القرار وليس الحكام وأن تصمد في وجه الطغيان فنصر الله قريب وبشرياته بالفعل قد بدأت وستستمر بإذن الله.
نظام موال للصهاينة أما الأستاذ محمد علوان –نائب رئيس حزب الوفد- فقد أكد في كلمته على أن سكوت النظام المصري على ما يحدث الآن في فلسطين من قتل للأبرياء ومؤامرات على الشرفاء لهو أمر يدل على أن هذا النظام قد استمرأ الذل والهوان وأنه نظام ليس بمؤمن قد خرج على الإسلام بسياساته الموالية لليهود والأمريكان ضد أبناء الشعب الفلسطيني وحركة حماس. وأضاف علوان أننا الآن نواجه حملة صليبية جديدة تهدف إلى محاربة المسلمين والقضاء على دينهم بمساعدة عملائهم من حكام الدول والأنظمة المهترئة والتي ستسقط يومًا بيد الشعوب.
اعتذار باسم الأقباط وكان لافتًا حضور جورج إسحاق–منسق حركة كفاية- والذي ألقى كلمة بدأها بتوجيه اعتذار باسم أقباط ومسيحيي مصر للمسلمين في كل مكان على الإساءات الأخيرة المتكررة التي وجهتها القوى الغربية إلى الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وطالب اسحاق حركة حماس بالصبر والثبات أمام تلك الضغوطات الدنيئة وألا تدفعها هذه الضغوطات إلى تغيير ثوابتها التي انتخبها الشعب الفلسطيني عليها, ودعا كل القوى الفلسطينية إلى التوحد والوقوف صفًا واحدًا في مواجهة عدوها الأمريكي والصهيوني وأن ينبذوا الفتنة والاقتتال فيما بينهم. وطالب اسحق بوجوب إلغاء معاهدة "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل واعتبرها سببًا رئيسيًا لما يحدث للفلسطينيين اليوم لأنها حيدت دور مصر وأخرجتها بشكل مهين من الصراع, وعندما تخرج مصر من الصراع تخرج كل الدول العربية منه ويبقى الصهاينة والأمريكان هم الفائزين.
النقابات المهنية وراء حماس وقد ألقى كلمة النقابات المهنية الدكتور محمد علي بشر حيث أكد أن وقفة الجماهير المصرية في هذا اليوم في الجامع الأزهر لهي أصدق تعبير عن أصالة شعب مصر واختياره لطريق المقاومة والجهاد ضد قوى الشر والطغيان وفي مقدمتها أمريكا والصهاينة والاتحاد الأوروبي الذين يمارسون أبشع أنواع الضغط على حماس لتقبل الاحتلال وبالكيان الصهيوني الذي يرفض أصلا الاعتراف بحماس حتى لو اعترفت هي به! وأكد بشر وقوف القوى الوطنية والنقابات المهنية في مصر والعالم العربي خلف الشعب الفلسطيني وقيادته المنتخبة قلبًا وقالبًا, معتبرًا أن نجاح حماس الحقيقي هو استمرار ثباتها على مبادئها وأصولها ومن ورائها كل الشرفاء في العالم ولن يتركوها وحدها أبدًا وإن تخاذلت الحكومات في وجه العواصف والأعاصير التي تهب عليها من قوى الباطل والكفر وأذنابهم من العملاء.
المقاومة هي الخيار أما الدكتور جمال زهران –المتحدث باسم كتلة المستقلين في مجلس الشعب- فقد أكد في كلمته أن الدور الآن على الشعوب وعلى الحكام أن يصمتوا فالخيار الآن هو خيار الشعوب وهو المقاومة وليس خيار الحكام وهو السلام المزعوم ومن الآن وصاعدًا يجب أن يسقط شعار "السلام خيار استراتيجي", فانتصارات المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين قد قضت تمامًا على هذا الشعار الزائف.