طالبت "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" بإجراء تعديلات في قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية، تمكن من تغليظ العقوبة ضد مرتكبي جرائم التعذيب بمصر، وإعمال حق الضحايا في تحريك الدعوى الجنائية المباشرة ضد المتورطين في هذه الجرائم. ورصدت المنظمة، في تقرير لها حمل عنوان "متى تتوقف جريمة التعذيب في مصر؟"، (56) حالة تعذيب المواطنين داخل أقسام الشرطة، من بينها (13) حالة وفاة توافرت لدى المنظمة شكوك قوية بأن سببها التعذيب وسوء المعاملة، فضلاً عن 25 حاله اضطهاد واحتجاز تعسفي، خلال الفترة من يونيو 2008 حتى فبراير 2009. وقالت التقرير إن هذه الحالات ليست سوى عينة محدودة بين مئات الحالات الأخرى التي تلقت المنظمة معلومات بشأنها، مؤكدًة أنها مؤشر على مدى شيوع التعذيب بأقسام الشرطة، ومدى القصور التشريعي عن وقفه وملاحقة ومعاقبة مرتكبيه. ودعت المنظمة إلى تعديلات قانونية تتضمن تغيير تعريف جريمة التعذيب في القانون المصري طبقاً للمواثيق الدولية، حتى تشمل ما ورد في اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر عام 1986، بهدف مواجهه ظاهرة الإفلات من العقاب، إضافًة إلى تغليظ العقوبة ضد مرتكبي جرائم التعذيب وعدم جواز استعمال الرأفة والظروف المخففة للعقوبة، وإعمال حق الضحايا في تحريك الدعوى الجنائية المباشرة ضد مرتكبي هذه الجرائم. وشددت على ضرورة تصديق الحكومة المصرية على الإعلانيين المشار إليهما في المادتين (21 ، 22 ) من الاتفاقية الدولية لمناهضه التعذيب، والتي بمقتضاها يمكن للجنة مناهضه التعذيب بالأمم المتحدة أن تبت في الشكاوى المقدمة من ذوى أشخاص تتعلق بانتهاك مصر لالتزاماتها المنصوص عليها بالاتفاقية، موضحًة أن إصدار مصر لهذين الإعلانين سيكون دليلا على أن السلطة ليس لديها ما تخشاه فيما يتعلق بالتزاماها بتجريم التعذيب، وإساءة المعاملة في السجون، ومراكز الاحتجاز المختلفة. كما أكدت ضرورة استصدار تشريع جديد يقرر حق المدعى المدني في الادعاء المباشر أمام محكمه الجنايات بجرائم الاعتداء على الحرية الشخصية، أو حرمه الحياة الخاصة للمواطنين، إضافًة إلى التحقيق الفوري من قبل النيابة العامة في البلاغات المقدمة من الهيئات والأفراد عن الاعتداءات التي يتعرض لها المحتجزون بالسجون وأماكن الاحتجاز. وأشارت إلى ضرورة التفتيش الدوري من قبل رجال النيابة العامة على أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز وضبط الأدوات المستخدمة في التعذيب ومحاسبة مستخدميها، فضلاً عن زيادة عدد الدورات التدريبية والتثقيفية لضباط الشرطة وخاصة العاملون منهم بالمباحث الجنائية لتعريفهم كيفية التعامل مع المحتجزين داخل أقسام الشرطة بما يضمن احترام أدمية المواطنين وحرياتهم الأساسية التي كفلها لهم الدستور والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. كما طالبت بوضع ضوابط ومقاييس محدده لمراقبة أداء ضباط الشرطة وخاصة في إدارات المباحث، إضافًة إلى الاعتراف بالمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان والتعاون معها والتحقيق في جميع البلاغات المقدمة منها إلى النائب العام ، ووزير الداخلية، وتزويدها بالمعلومات ونتائج التحقيقات. ولفتت المنظمة إلى حتمية اتخاذ الإجراءات الجنائية العاجلة ضد المتهمين بارتكاب جرائم التعذيب، والاحتجاز الغير قانوني وإحالتهم إلى المحاكمات الفورية، وقيام النيابة العامة بالتفتيش الدوري لأقسام الشرطة، وأماكن الاحتجاز للتعرف على الأوضاع القانونية للمحتجزين. يُذكر أن التقرير تناول الإطار التشريعي المنظم لجريمة التعذيب في مصر، والذي يضم أهم المواثيق الدولية المؤثمة لجريمة التعذيب والدستور المصري وقانون العقوبات، فضلاً عن بعض الحالات النموذجية للوفاة والتعذيب والاحتجاز والاضطهاد وسوء المعاملة والتي رصدتها المنظمة خلال الفترة من يونيو 2008 حتى فبراير 2009، كما وضع التقرير قراءة تحليلية لظاهرة التعذيب بمصر خلال الفترة من عام 1993 وحتى 2009، والتي توضح مدى تفاقم ظاهرة التعذيب خلال السنوات الماضية وأسباب استشراء تلك الظاهرة.