أعلن حزب العمل المصري تضامنه مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير، ورفضه قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني تحت زعم ارتكاب جرائم حرب بإقليم دارفور، مؤكدا أن قادة الكيان الصهيوني أولي بتقديمهم للمحاكمة بتهم جرائم الحرب ضد العزل في فلسطين، كما أن بوش أولى بتقديمه للمحاكمة بتهمة غزو العراق وقتل قرابة المليونين. يأتي ذلك في الوقت الذي استنكر العديد من الدول العربية قرار المحكمة الجنائية الدولية ، في حين استنكر العديد من القوى السياسية والشعبية العربية ما وصفوه ازدواجية المعايير التي تنتهجها المحكمة مطالبين بإصدار أمر اعتقال قادة إسرائيل. وأكد الرئيس السوداني عمر حسن البشير استعداد بلاده لكل تداعيات مذكرة المحكمة الجنائية الدولية الخاصة باعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم حرب بإقليم دارفور, في وقت ردت الخرطوم على قرار المحكمة بطرد عدد من المؤسسات الخيرية بتهمة انتهاك القانون وتسريب معلومات للمحكمة الجنائية. وقال البشير في مسيرة شارك فيها عشرات الآلاف من السودانيين بالخرطوم، إن من وصفهم بأعداء السودان حاربوه بالحصار الاقتصادي والسياسي وبأنهم اليوم يأتون "بفرية جديدة", مؤكدا أن حكومته رفضت كل أنواع الضغوط من مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي. وهاجم الرئيس السوداني الولاياتالمتحدة قائلا إنها متورطة في الإبادة الجماعية بعد ضربها الفيتناميين بالأسلحة المحرمة وغزوها العراق وقتلها نحو مليوني شخص وتشريد سبعة ملايين آخرين تحت كذبة وجود أسلحة دمار شامل. وقبيل مشاركته في المسيرة قال البشير في خطاب متلفز من مقر رئاسة الوزراء إن هناك "بعض الدول تحاول السيطرة على ممتلكات القارة (الأفريقية)", مشيرا إلى أن قرار المحكمة الجنائية لا يستهدف السودان فحسب بل كل الدول التي ترفض ما وصفها بسياسات الإملاء. وتساءل "لماذا يتحرك المجتمع الدولي ضده بينما ترك إسرائيل تضرب غزة أمام مرأى الجميع؟", وأضاف أن الدول التي "تدعي حماية حقوق الإنسان هي أول من ينتهك هذه الحقوق". كما أعلن البشير أن حكومته طردت عشر وكالات إغاثة أجنبية بعد رصد أنشطة تتناقض مع كل اللوائح والقوانين, متعهدا باتخاذ إجراء حاسم ومسؤول مع من يهدد استقرار بلاده. ومن بين هذه المنظمات منظمة "أطباء بلا حدود" و"المجلس النرويجي لشؤون اللاجئين" و"أوكسفام" البريطانية، واتهمت الخرطوم هذه المنظمات بانتهاك القانون وتسريب معلومات للجنائية الدولية.
تنديد عربي رسمي وشعبي وعلى الصعيد العربي استنكر العديد من الدول العربية قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب بإقليم دارفور، في حين استنكر العديد من القوى السياسية والشعبية العربية ما وصفوه ازدواجية المعايير التي تنتهجها المحكمة مطالبين بإصدار أمر اعتقال قادة إسرائيل. وفي ما يلي أبرز المواقف الرسمية العربية: الجامعة العربية: أعربت عن انزعاجها الشديد لصدور القرار, مشددة على التضامن مع السودان في مواجهة أي مخططات تستهدف النيل من سيادته ووحدته واستقراره. كما أبدت أسفها لعدم تمكن مجلس الأمن من استخدام المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية لتأجيل الإجراءات المتخذة. سوريا: عبرت عن قلقها البالغ وانزعاجها الشديد إزاء القرار الذي رأت فيه "تطورا خطيرا يخالف منظومة العلاقات الدولية". كما اعتبرت أن القرار "يشكل سابقة خطيرة" تتجاهل حصانة رؤساء الدول التي ضمنتها اتفاقية فيينا لعام 1961. لبنان: أعرب عن قلقه من انعكاسات القرار على الاستقرار في السودان ومصير العملية السياسية الجارية (في دارفور) واتفاقية السلام الشامل. وانتقدت الخارجية المعايير المزدوجة في تطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني، في ضوء جرائم الحرب والعدوان التي ارتكبتها إسرائيل ومسؤولوها لا سيما خلال العدوان على غزة مؤخرا ولبنان 2006. الإمارات العربية: عبرت عن مخاوفها من تداعيات القرار السلبية على استقرار الأوضاع في السودان والحوار السياسي القائم فيه، والجهود المبذولة لتفعيل العملية السياسية في دارفور. مصر: دعت مجلس الأمن لعقد اجتماع عاجل وطارئ بهدف اتخاذ قرار لتأجيل تنفيذ قرار التوقيف بحق البشير. كما دعت لعقد مؤتمر دولي رفيع للاتفاق على رؤية شاملة ومتكاملة للتعامل مع التحديات المختلفة التي تواجه السودان. الجماهيرية الليبية: أكدت وقوفها مع الشعب السوداني، وإدانتها ورفضها بشدة لمذكرة اعتقال البشير الدولية. واعتبرت القرار سابقة خطيرة تؤكد عدم نزاهة واستقلالية وعدالة المحكمة. اليمن: أدان قرار الجنائية ووصفه بالسابقة الخطيرة والتدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول، وأنه لا يخدم بأي حال جهود إحلال السلام في دارفور ويهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة. وانتقد عدم اتخاذ أي أجراء من الجنائية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين. الأردن: أعلن أنه مع الإجماع العربي في قضية الرئيس السوداني. وأكد احترام التزاماته بالمواثيق والمعاهدات التي وقع عليها، في إشارة لتوقيعه على قانون المحكمة الجنائية الدولية. موريتانيا: وصف نواب البرلمان القرار بأنه "جائر ويشكل أكبر دليل على أن المحكمة أداة من أدوات السياسة الأميركية التي تتميز بازدواجية المعايير". وقال النواب في بيان إن قرار المحكمة صدر "في وقت ما تزال فيه هذه المحكمة ترفض مجرد التفكير بالتحقيق أو البحث فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل ضد المدنيين في غزة ولبنان، ومن طرف إدارة (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش في العراق وأفغانستان طيلة الأعوام الماضية. وعلى المستوى الشعبي: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: استنكر القرار واعتبره "عدوانا على القانون الدولي وقواعده المستقرة" وأكد أنه لم يصدر "بمقتضى القواعد القانونية بل هو قرار تمليه أهواء سياسية". وذكر الاتحاد (في بيان وقعه رئيسه الشيخ يوسف القرضاوي) العرب والمسلمين والعالم أجمع بسياسة ازدواج المعايير التي تتبعها المنظمات الدولية "فالقتلة الصهاينة لا يوجَّه إليهم لوم فضلاً عن اتهام، ومثلهم الأميركان الذين ارتكبوا ما ارتكبوا في احتلال العراق". الإخوان المسلمون بمصر: دعت جميع الدول العربية والإسلامية الأعضاء بالمحكمة الجنائية، للانسحاب منها ردا على قرار اعتقال البشير. حزب الله اللبناني: دان بشدة القرار، وتساءل عن سبب عدم ملاحقة المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين. ورأى في توقيت القرار بعد مرحلة المصالحة والتوافق المتقدمة التي وصلتها معالجة أزمة دارفور "محاولة مكشوفة ومشبوهة لإعادة تفجير الأوضاع في الإقليم وتهديدا لسيادة السودان ووحدة أراضيه". الأردن: تظاهر العشرات من أنصار المعارضة تنديدا بمذكرة التوقيف، ووصفوها بأنها ذات دوافع سياسية. مجلس النقابات المهنية الأردنية المشكل من 14 نقابة استنكر عدم التفات الجنائية والمنظمات الدولية للمجازر الصهيونية بحق سكان قطاع غزة, وشكك في نزاهة وحيادية المحكمة. حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني: استنكر ما وصفها بانتقائية الجنائية في التعامل مع قضايا المنطقة، وتأجيج الصراعات والحيلولة دون نجاح جهود التوفيق بين الفرقاء السودانيين. الأحزاب والقوى والشخصيات بلبنان: دانت مذكرة المحكمة قائلة في بيان إنها تأتي بعد فشل الضغوط الأميركية الغربية في إخضاع النظام الوطني في السودان، والفشل في جعله يتخلى عن ثوابت استقلاله وحرية قراره ووحدته. حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي بفلسطين: دانتا قرار المحكمة، واعتبرتا أنه يعكس ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع قضايا المنطقة. حركة مجتمع السلم بالجزائر: دانت قرار الجنائية، وحذرت من عواقبه وتداعياته على جهود السلم والأمن والاستقرار في العالم كله. حزب تواصل الإسلامي بموريتانيا: رفض بشدة اعتقال البشير. كما نددت نقابة المحامين بالقرار، وطالبت بملاحقة ومساءلة مجرمي الحرب الصهيونية. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة ومقرها دمشق: اعتبرت القرار "جائراً وموجهاً ضد الشعب السوداني والأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم". حزب الوحدة الشعبية المعارض في تونس: استنكر قرار المحكمة الدولية، واعتبر أنه "يؤكد ازدواجية المعايير، ويندرج في سياق إذلال الأمة العربية". ودعا إلى رفض قرار المحكمة "الذي يستهدف الإسراع بتنفيذ مخططات استعمارية تستهدف وحدة السودان واستقلاله والنيل من سيادته الوطنية وتقسيمه على أسس دينية وعرقية".
وصل العاصمة السودانية الخرطوم وفد من أكثر من 50 قياديا من عدد من البرلمانات العربية والإسلامية لدعم الرئيس عمر البشير بعد صدور مذكرة اعتقاله من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب بدارفور، ويأتي ذلك وسط تواصل التنديد بمذكرة الاعتقال آخرها من المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، والمؤتمر القومي الإسلامي. فقد قال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني الذي يرأس وفد البرلمانات العربية والإسلامية إن الهدف من قرار المحكمة التآمر على المسلمين وإهانة الشعوب الإسلامية، داعيا إلى تظافر الجهود للوقوف بوجه القرار. وكان رئيس البرلمان السوداني إبراهيم الطاهر الذي شارك في أعمال مؤتمر نصرة الفلسطينيين بإيران وجه دعوة لنظيره الإيراني لزيارة الخرطوم. يذكر أن المتضامنين شاركوا في مؤتمر "فلسطين رمز المقاومة, وغزة ضحية الجرائم" الذي عقد ليومين بالعاصمة طهران بهدف مناصرة الفلسطينيين وإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة. قرار مسيس في غضون ذلك استنكر المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، والمؤتمر القومي الإسلامي قرار اعتقال الرئيس السوداني، واعتبرت أن القرار "مسيس ولا علاقة له بأصول المحاكمات والبيئات القانونية ويستهدف تشجيع حركات الانفصال من أجل تمزيق السودان لاسيّما وأن توقيت صدوره يجيء لإفشال الجهود التي تبذلها الحكومة السودانية لحل مشكلة دارفور والمبادرة التي قامت بها دولة قطر والتي شكلت خطوة إيجابية في هذا السبيل". واعتبرت المؤتمرات الثلاثة في بيان أصدرته أن القرار يمثل "دليلاً قاطعاً على أن أميركا والحركة الصهيونية كانتا الطرفين الأساسيين في تعيين المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو والقضاة الذين وقعوا على هذا القرار". وذكر البيان أن الحيادية والنزاهة والموضوعية في تطبيق قوانين هذه المحكمة كانت تقتضي "صدور قرارات جلب بحق العسكريين والسياسيين الذين ارتكبوا جرائم الحرب والإبادة في قطاع غزّة".
إفشال القرار وفي وقت سابق أكد علي عثمان محمد طه نائب الرئيس السوداني أن الحكومة ستمضي في مواجهة إفشال قرار المحكمة الجنائية، واعتبر طه في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة السودانية الخرطوم عقب صدور القرار أن تأييد الدول العربية والأفريقية ودول عدم الانحياز ومجموعة ال77 وغيرها للسودان ليس مجاملة أو تعاطفا وإنما تعبير عن مواقف تحتاجها لحماية أوضاعها وسيادتها وقرارها الوطني. وقال إن القضية سياسية وإن الحكومة السودانية ستتحرك مع الدول الداعمة لها ومع أعضاء مجلس الأمن خاصة الصين وروسيا اللتين تملكان حق النقض لمواجهة قرار المحكمة، وثمن مواقف الدول التي ساندت السودان لا سيما الموقف المصري والعربي عموما. وأضاف طه أن الموقف الوطني الداخلي متماسك ورافض للقرار بما في ذلك الحركة الشعبية لتحرير السودان، وأكد أن الحكومة ستمضي في مسيرة السلام بما في ذلك مسار دارفور وإنفاذ جميع مشروعات التنمية. اتهامات وجاءت تلك التصريحات الرسمية بعد صدور مذكرة الاعتقال الدولية بحق الرئيس السوداني عن المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي ووجهت المحكمة تهما للبشير بتصفية مدنيين والتهجير القسري والتعذيب والاغتصاب، مشيرة إلى أنه مشتبه به جنائيا بوصفه مشاركا غير مباشر في هجمات دارفور. وأضافت المحكمة أن هناك سبعة اتهامات تعرض البشير للمحاكمة لا تشمل تهمة الإبادة الجماعية. وأكدت أن على الدول الوفاء بالتزاماتها بعد صدور المذكرة التي تأتي بعد مرور أكثر من سبعة أشهر من إصدار المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو طلب إصدارها بحق الرئيس السوداني. بدوره أكد أوكامبو في مؤتمر صحفي بلاهاي أنه يمكن اعتقال البشير في حال سفره في المجال الدولي، مشددا على أن على السودان احترام القانون الدولي و"لا يمكنه الوقوف ضد مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية". ويعتبر البشير أول رئيس دولة لا يزال في منصبه تلاحقه المحكمة التي يوجد مقرها بلاهاي منذ تأسيسها عام 2002.