موعد التسجيل لاختبارات القدرات لطلاب الشهادات المعادلة    محافظة الجيزة تخفض درجات القبول بالثانوي العام إلى 220 درجة    جنوب سيناء والمنظمة العربية يخططان لجذب استثمارات إلى شرم الشيخ    بيكو مصر تخفض أسعار أجهزتها المنزلية 20%    «أونروا»: استشهاد وإصابة أكثر من 40 ألف طفل في غزة    مباشر مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام الآن في نهائي كأس السوبر الأوروبي 2025    محمود ناجي حكمًا لمباراة أنجولا والكونغو في أمم أفريقيا للمحليين    رئيس اتحاد اليد بعد التأهل التاريخي: قادرين على تخطي إسبانيا    رسميًا.. ميلان يعلن التعاقد مع كوني دي فينتر    كرة سلة.. سبب غياب إسماعيل مسعود عن منتخب مصر بالأفروباسكت    الكشف عن سبب تأخر صفقة انتقال كومان إلى النصر السعودي    الأجهزة الأمنية تلقي القبض على «أم ملك» لنشرها فيديوهات تسيء إلى المجتمع المصري    الداخلية تكشف تفاصيل تضرر إحدى السيدات من جيرانها في الجيزة    «السكة الحديد» تُعلن مواعيد تشغيل قطارات خط «القاهرة / السد العالي» (المواعيد)    بعد إحالتها للتحقيق في المهن التمثيلية.. القصة الكاملة ل أزمة بدرية طلبة    عمرو يوسف: تحمست ل «درويش» لأن أحداثه تدور في الأربعينيات (فيديو)    وصية محمد منير    خالد الجندي يكشف عن آية قرآنية تحمل رسالة لكل من يتحدث باسم الدين    غيب نسبي وغيب مطلق.. خالد الجندي يكشف عن أنواع الغيب والفرق بينها    مطار القاهرة يشهد استكمال المرحلة الرابعة من التدريب على أجهزة AED    افتتاح وحدة العلاج الإشعاعي بمستشفى الأورام الجامعي في المنيا    لتركه العمل دون إذن رسمي.. إحالة عامل ب«صحة الباجور» في المنوفية للتحقيق    انتشار حرائق الغابات بجنوب أوروبا.. وفاة رجل إطفاء وتضرر منازل ومصانع    «يصلهم الفُتات».. إسرائيل تبني مجاعة غزة على أوجاع البطون الخاوية    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    محافظ شمال سيناء يبحث استدامة خدمات مياه الشرب بالمدن والقرى    رئيس الوزراء: "مصر لن تغفل حقها في مياه نهر النيل فهي مسألة حياة للمصريين"    «شرم الشيخ للمسرح» يعلن تفاصيل مسابقة عصام السيد في دورته العاشرة    عمرو يوسف يوضح حقيقة تشابه فيلم «درويش» مع مسلسل «جراند أوتيل» |فيديو    تفاصيل أول مشروع ل راغب علامة بعد حل أزمته مع نقابة الموسيقيين    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    التنمية المحلية: مسار العائلة المقدسة من أهم المشروعات التراثية والدينية    رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة    أتالانتا يقدم عرضًا ب40 مليون يورو لضم رودريجو مونيز من فولهام    روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة    إلغاء جلسة لجنة الخارجية والأمن بالكنيست لعدم توفر أغلبية للمصادقة على تمديد أوامر استدعاء الاحتياط    الداخلية الكويتية: جميع جنسيات العالم مرحب بها في البلاد باستثناء «جنسية الاحتلال»    مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    وزير الصحة يشكر النائب العام على سرعة الاستجابة في واقعة "مستشفى دكرنس"    3 أيام من البحث.. انتشال جثة مندوب أدوية غرق بعد انقلاب سيارته في ترعة بسوهاج    «أتعرض لحملة تشويه».. الشناوي يوجه رسالة حادة ل مسؤول الأهلي (إعلامي يكشف)    حبس وغرامة 2 مليون جنيه.. عقوبة الخطأ الطبي الجسيم وفق "المسؤولية الطبية"    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    السد العالي يستقبل مياه نهر عطبرة والنيل الأبيض.. خبير يكشف التفاصيل    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يا فخامة الرئيس (2) ؟؟
نشر في الشعب يوم 29 - 07 - 2006


الواقعية والأمن القومي في تصريحات "مبارك"
السؤال قديم، "لماذا يا فخامة الرئيس"، سألناه عقب حديث الست ساعات الشهير للرئيس "مبارك" عام 2005 فيما سمي وقتها بشهادة "مبارك" للتاريخ، لنقد بعض ما جاء فيها من أحداث تاريخية ولما أغفلته من أدوار قيادات وشخصيات وزعامات مصرية عديدة.
ومنذ أيام جاء تصريح ليس بغريب منسوبا للرئيس المصرى. فقد نقل موقع العربية (السعودية) عن صحيفة "الجمهورية" الحكومية المصرية (الأربعاء 26 يوليو) عن الرئيس المصري تأكيده أن مصر لن تدخل حربا ضد إسرائيل للدفاع عن لبنان أو عن حزب الله، ناقدا من يطالبون بدخول "مصر" الحرب أنهم لا يدركون أن زمن المغامرات الخارجية قد أنتهي، وأن هذا السيناريو (الحرب) مستحيل في حين يحتاج الشعب المصري إلي التنمية والخدمات وفرص العمل، وأن هذه الحرب ليست حربه مؤكدا بأن إسرائيل لن تهاجم "مصر" تحت أي ظرف. ونقل موقع "مفكرة الإسلام" عن الصحف المصرية قول مبارك أن الجيش المصري هو للدفاع عن مصر فقط، وأنه لا يوجد جندي أجنبي واحد علي أرض مصر، وأنه طوال فترة حكمه لا يهوي الشعارات والعنتريات (حسب قوله).
ولا ندعّى إطلاعنا علي ما يسمي بالصحف القومية المصرية (ولن يكون) رغم توافرها مجانا علي الإنترنت لليقين التام بأنها ليست صحفا وليست قومية ولكنها مجرد نشرات دعائية وصحائف تسويق إعلامي للسلطة الحاكمة حزبا وأفرادا وفئة مصالح مالية نفعية (أولجاركية).
والاهتمام بتدقيق و"تفلية" (Debug) كلام الرئيس "مبارك" يأتي لأهمية موقعه وتراكم خبرته بحكم استمراره في القصر الرئاسي المصري حوالي ثلث قرن من الزمان منذ أن كان نائبا فرئيسا (1975 – 2006)، ولأنه معبرا رسميا عن السياسة المصرية لكون الرئيس هو المحور الأساسي والنجم الأوحد الذي تدور حول فلكه كل مؤسسات وهيئات وآليات ومصائر الديار المصرية، ولأن كلامه بقوة القانون هو قانون بل وأقوي من القانون (!).
والتصريح ليس غريبا لكونه يأتي في سياق تصريحات سابقة هاجم فيها "مبارك" الشيعة العراقيين وأتهمهم بالولاء لإيران، ويأتي أيضا في أعقاب توصيفه القريب لعملية "الوعد الصادق" لحزب الله بأنها "مغامرة" مجردا إياها من شرف وشرعية "المقاومة" بغية اختزالها ومنع تأثيرها الفيروسي (!) علي استنهاض همم الشعوب العربية ومتهما بأنها السبب الرئيسي في الحرب الدائرة بلبنان الآن - وهو الأمر الذي ظهر لاحقا عدم صحته بتقارير صحفية إسرائيلية وأمريكية (سان فرانسيسكو كرونيكال) وشهادات وتحليلات سياسية (حسن نصر الله وهو صادق، ودولة الرئيس نبيه بري وغيرهم)، ولانعدام المنطقية بين طبيعة "المقدمات" (عملية حزب الله) وحجم "النتائج" (الحرب الشاملة المفتوحة والتأييد الأمريكي المسبق والمتواطئ العلني) ولطبيعة العمليات العسكرية وحجم القوات ومقدار الدمار وشموله ونوعيته. وتصريحات "مبارك" ليست غريبة أيضا لمجيئها في أتساق ووتيرة السياسة العامة لمصرية المنصاعة تماما للإدارة الأمريكية والمتعاونة طوعا وليس كرها مع الكيان الإسرائيلي سياسيا وتجاريا وماليا وأمنيا (!!)، والمنفصلة كلية عن هموم والآم وآمال شعبها.
هناك من صنف الحديث بالانهزامية وبأنه يجيء استكمالا للخمول والجمود والخروج المصري من دوائر التأثير الإقليمية والعالمية وتشرنقها علي نفسها وهو الأمر الذي سيؤدي طبقا لقوانين الطبيعة الديناميكية التفاعلية إلي هلاكها. وهناك من نعتها بالفطنة والحكمة والبرجماتية والواقعية والمصالح المرسلة لأمة المصرية وبأنها جاءت تحت عنوان "رحم الله امرأ عرف قدر نفسه فحفظها" . ونظرا لحساسية الموضوع وعظيم خطورته وفائق أهميته نعقب علي التصريح بشيء من الاختصار وكثير من الحذار في النقاط الآنية:
1 – بالنسبة لحدود الأمن القومي (الشرقي بالخصوص)، وقومي هنا مقصود به الوطني المصري وليس العربي، فقد أمتد قديما ليبدأ بالتخوم الشرقية لبلاد الشام أيام تواجد القوات المصرية في بلاد ما بين النهرين (الزمن الفرعوني)، ثم تقلص ليكون بدايته علي خط يقع في الثلث الغربي لفلسطين (أبان الحرب العالمية الأولي)، ثم تقلص ليكون بدايته علي الحدود الدولية بين مصر وإسرائيل بعد عام 1948، ثم تقلص ليكون بدايته علي خط قناة السويس بعد نكسة يونيو 1967.
والسؤال الآن، أين بداية خط الدفاع الأول للديار المصرية في ظل نزع سلاح سيناء بعد اتفاقية "كامب ديفيد" ؟؟؟؟ - حيث يوجد في سيناء الآن فرقة عسكرية مصرية واحدة محدودة التسليح في المنطقة (أ)، وقوات حرس حدود في المنطقة (ب) حيث المضايق، وقوات أمن (شرطة) في المنطقة (ج) المتاخمة للحدود الدولية بقوة 750 فردا – علما بأن الطيران الحربي المصري ممنوع ومحظور في سيناء. ولذا فقد صدق السيد رئيس البلاد (!!)، فلا شأن لنا وما يحدث في لبنان (!!) لأنها بعيدة تماما عن خط الدفاع المصري الأول مجهول المكان.
2 – بالنسبة لمقولة إسرائيل لن تهاجم مصر تحت أي ظرف. وهو هنا أيضا صادق تماما، فلماذا تهاجم إسرائيل مصر الآن ؟؟؟. الأعمال العسكرية لا تُشن عبثا بل لفرض إرادة منتصر علي مهزوم، وعندما يتم فرض الإرادة فلا حاجة لشن أي عمل عسكري. يكفي التلويح بالتهديد والوعيد (!!). فعلا لن تهاجم إسرائيل مصر الآن (!!) ولكن السؤال الملح والهام هو: هل هذا التأكيد صحيح بمطلقه أم أنه خاص بنظام حكم الرئيس مبارك أو مثيله أو شبيهه أو مستنسخ منه ؟؟؟؟.
3 – مقولة الرئيس أن زمن المغامرات الخارجية قد أنتهي، ومقولة أن الجيش المصري للدفاع عن مصر فقط. حقيقة لا نعرف هل المقصود بالمغامرات هو تدخل الجيش المصري في اليمن أم مساندة سوريا طبقا لاتفاقية الدفاع العربية المشتركة أم ماذا ؟؟. وهل يشمل هذا التوصيف حرب 1973 التي أعطت "مبارك" شرعية الحكم لكونه صاحب الضربة الجوية الأولي رغم أن القوات الجوية التي كان يرأسها كانت أقل أسلحة القوات المسلحة مجهودا وفاعلية (بشهادة السيد "أمين هويدي" مدير المخابرات ووزير الدفاع الأسبق، ومن وقائع عمليات حرب أكتوبر الواردة في مذكرات "الشاذلي" رئيس الأركان المصري الأسبق، وغيرهم) ؟؟.
ولماذا لا يسري هذا التصريح علي حالة إرسال الإدارة المصرية عدد أثنين فرقة عسكرية مصرية (فرقة مدرعات وفرقة مشاة ميكانيكي) إلي "حفر الباطن" بالعربية السعودية للمشاركة في حرب العراق الأولي (1991) ولإعطاء الشرعية للقوات الأمريكية. تلك القوة المصرية التي كانت تشكل 40% من قوات الجيش المصري التي عبرت قناة السويس في حرب أكتوبر 1973. تلك القوات التي أوكل لها "نورمان شوارتسكوف" (قائد المنطقة المركزية الأمريكية في ذلك الوقت) المهام الخطرة في معارك المواجهة التصادمية مع القوات العراقية (بالتوازي مع قوات الالتفاف من غرب العراق فيما سمي بعملية "المجد للعذراء") ؟؟؟؟.
4 – مقولة أنه لا يوجد جندي أجنبي واحد علي أرض مصر هي مقولة قد تكون صحيحة لحظيا (!)، بمعني أنه قد لا يوجد قوات أجنبية الآن ولكن يوجد ما هو أفدح وأخطر (!!). توجد قواعد وتسهيلات موضوعة في خطة الانتشار الإستراتيجي للجيش الأمريكي (تحت الطلب) كشفتها أحدي المجلات الأمريكية علنيا منذ حوالي العام وذكرها العديد من المحللين المصريين. إضافة لذلك فهي مقولة تتنافي أصلا مع طبيعة التحالف المصري العضوي مع الإدارة الأمريكية والمناورات العسكرية الروتينية. (ولا مزيد من الإفصاح !!!).
5 – مقولة أنه طوال فترة حكمه لا يهوي الشعارات والعنتريات، هي تتوافق بقدر ما مع مقولة سابقة لسيادته بأنه "لا رجل تاريخ ولا جغرافيا". وبعيدا عن جدلية جدوى "الشعارات" وأهميتها المقترنة بالأفعال والمعبرة عن الأعمال نقول أن سيادته قد أفاض علينا بالكثير مما يندرج تحي هذا التصنيف "شعارات وعنتريات" (حسب تعبيره). ظهر أقربها وأحدثها في تصريحاته ووعوده الأخيرة أثناء حملة الانتخابات الرئاسية التي تضمنت تعيين أربعة ونصف مليون عاطلا مصريا وبناء آلاف المصانع وزيادة الرواتب بالضعف وضبط جموح الأسعار وعدم زيادتها والقيام بإصلاح دستوري وإطلاق الحريات ومنع حبس الصحافيين في قضايا النشر وغيرهم وغير غيرهم، وهو ما ظهر خلافه وعكسه تماما (علي أرض الواقع المصري) في العام المنصرم الذي أعقب إعادة رئاسته، تلك الوعود التي فندها العديد من الخبراء الوطنيون المختصون وأظهروا إستحاله إنجازها وتطبيقها. فماذا يمكن أن نسمي تلك التصريحات وإلي أي تصنيف تنتمي ؟؟.
6 – مضمون تصريح الرئيس باستحالة دخول الحرب هو حقيقة واقعة منذ السبعينات وسقوط "مصر" في شبكة "كامب ديفيد" العنكبوتية. فقد سبق للرئيس السابق "السادات" إعلان أن 99% من أوراق اللعبة بأيدي الأمريكان، واللعبة هنا هي "المباراة السياسية" الخاصة بإدارة الصراع، أي أننا تنازلنا عن إستراتيجيتنا الكاملة وقرارنا الكليّ إلي اللاعب الأمريكي الذي هو بالتبعية يعتبر "الكفيل" والراعي الأول للدولة العبرية – أي أننا أسلمنا إستراتيجيتنا وقرارنا إلي إسرائيل عبر الوسيط الأمريكي (!!). يضاف علي ذلك مقولة "السادات" أن حرب أكتوبر هي أخر الحروب، وهو قرار فردي من جانب واحد غير ملزم لإسرائيل بدليل التهديدات المتكررة من سياسيين وعسكريين إسرائيليين بإعادة احتلال سيناء في غضون أربع وعشرين ساعة (!!)، أو التهديد بضرب أهداف إستراتيجية مثل السد العالي. ولن نتطرق إلي ما قاله الرئيس الأسبق السادات للصحفي الكبير "أحمد بهاء الدين" بأننا نريد تجربة الجلوس علي "حجر" أمريكا (!!!!). عموما ... ونظرا لكون الجمهورية المصرية الحالية هي الامتداد العضوي والطبيعي لجمهورية "مصر" السادات (بعد التحسين والتطوير) فقد صدق الرئيس "مبارك" تماما (!!)، ولكن المشكلة أن ذلك القرار جاء من جانب واحد، فهل يمكن أن تلتزم به إسرائيل بالمطلق وإلي الأبد أم هو التزام خاص لمصر السادات ومصر مبارك ومصر التي علي شاكلتهما وغرارهما ؟؟؟؟؟.
7 – إن تصريحات السيد الرئيس يؤكدها البناء التركيبي للمؤسسة العسكرية المصرية وتطورها (بالنسبة لإسرائيل) وطبيعة أعمالهما الحالية. فالقوات المسلحة طبقا للمتوافر من معلومات منشورة لا يتجاوز عددها الثلث مليون فردا مقابل 700 ألف من قوات الأمن المركزي التابع للشرطة وحوالي النصف مليون تخصصات أخري (إجمالي المليون وربع المليون فردا في المؤسسة الأمنية المصرية)، وهو الأمر الذي يشي بمعان كثيرة أهمها غلبة منظور الأمن الداخلي علي الأمن الخارجي، بمعنى أن استهداف النظام المصري قد بات داخليا وليس خارجيا (!!!). أي أن العدو الإستراتيجي لمصر قد أنتقل من "الشمال الشرقي" حيث "إسرائيل" إلي الإسكندرية ودمنهور وأسيوط والقاهرة وخاصة ميدان التحرير (!!!!).
يضاف إلى هذا أن مهام القوات المسلحة المصرية قد امتدت لتشمل القيام بقمع إي انتفاضة جماهيرية تعجز منظومة الأمن المصري عن التصدي لها علي غرار عملية الجنرال "الجمسي" أثناء ثورة "الخبز" أو الجياع عام 1977. أما تطور القوات المسلحة عسكريا وتسليحيا بالمقارنة بجيش العدوان (وليس الدفاع) الإسرائيلي فيظهر تراجعا حادا ومخيفا تورده دراسات المعاهد والمراكز العسكرية العالمية وعلي رأسها مجلة "جينز" للشئون العسكرية (ولا مزيد من الإفصاح). كما تجدر الإشارة أيضا إلي تقارير لجان متخصصة في الكونجرس الأمريكي تظهر سوء استخدام المعونة العسكرية (1.3 مليار دولار أمريكي سنويا). ويضاف علي هذا أن طبيعة الأعمال الخدمية المكلف بها الجيش حاليا (زراعة واستصلاح أراضي، تربية دواجن ومواشي، مشروعات الصرف الصحي، ... الخ) تؤثر بالسلب علي طبيعة حرفيه الجيش القتالية وأداءه العملياتي وشخصيته ورمزيته المتأصلة في الوجدان المصري.
8 – وأخيرا وليس أخرا، فأن تصريح السيد الرئيس يجيء متسقا تماما مع انحسار الدور المصري عالميا وإقليميا وجموده وخموله وتشرنقه علي ذاته، متعاملا مع تفاعلات الأحداث العالمية بمنطق التعاون الروتيني اليومي كموظفي مصلحة حكومية أو مكاتب خدمية (!!)، ناسيا متناسيا أن تطورات الأحداث الدولية وأطماع القوي العالمية وطموحات القوي الإقليمية لن تدع "مصر" في حالها حتى لو نسجت ألف ألف شرنقة علي نفسها (!!).
وللتدليل، فأن الدكتور العلامة "جمال حمدان" يذكر في موسوعته الخالدة "شخصية مصر" مثلثات القوي الإقليمية في الخمسينات وحتى بدية السبعينات (وهي تتوافق مع الحقبة الناصرية) حيث يذكر المثلث الأول الذي كان يضم القوي الإقليمية الفاعلة وهم "مصر وإيران وتركيا"، ثم مثلثين أصغر حجما وتأثيرا في الجزء العربي الأسيوي وكان يضم "السعودية وسوريا والعراق"، وفي الجزء العربي الإفريقي وكان يضم "تونس والجزائر والمغرب". وإضافة إلي حديث دكتور "حمدان" فقد كان هناك مجموعات من المحاور والمثلثات والمربعات العالمية التي كانت "مصر" المحروسة من أهم مكوناتها والفاعل الأول في نشاطها، أهمها وعلي رأسها مثلث "مصر والهند والصين" ثم انضمام "يوغوسلافيا لهم. ولا يمكن أن ننسي (نقلا عن الأستاذ "هيكل") أن شئون حيوية لدولة "لبنان" كمثال كانت تدار بالتنسيق بين الإدارة الأمريكية وإدارة "ناصر" المصرية. هذا بخلاف الدور المحوري المصري في العالم العربي والقارة الإفريقية. وبمجيء "السادات" في الجمهورية الثانية تحول الدور المصري إلي النقيض تماما (!!)، رأينا ذلك في العدوان المصري الغير مبرر علي ليبيا عام 1977 (بمقترح دراسة إسرائيلية قدمها الكولونيل "زيون" - وقد سبق عرضه في مقال سابق)، ورأيناه في رفض "السادات" للمبادرة العربية التي قدمها إليه عاهل المغرب الملك "الحسن" مفوضا من الدول العربية بتقديم كافة الدعم المالي "لمصر" مقابل ألا يستمر في مشروع معاهدة السلام مع إسرائيل، فكان رد "السادات" الساخر بأنه ليس بحاجة إلي المال العربي، وان الأمر أكبر كثيرا من أموال العرب وغيرها (!) فهو أمر(حسب تعبيره) متعلق بتغيير حضاري (!) فمصر انطلقت إلي أوربا وأمريكا حيث تنتمي (!!!!). ورأيناه كذلك في أعمال "اللغوصة" المخابراتية في إفريقيا بتنظيم تشكل تحت أسم "نادي السفاري"، بغرض حسر المد السوفيتي في إفريقيا، ذلك النادي الذي ضم بجانب "مصر" ملكيات عربية وإيران الشاهنشاهيه والمخابرات الفرنسية ورعاية المخابرات الأمريكية – وكانت كارثة "الصومال" أحدي نتائجه الكارثية.
والآن أين المثلث الذي تقبع فيه "مصر" المحروسة ؟؟؟. لقد خرجت مصر من أي تشكيل علي الساحة العالمية. وخرجت أيضا من تشكيلات القوي الإقليمية التي اقتصرت علي مثلث صراع رئيسي هو المثلث "الإيراني والتركي والإسرائيلي"، فهم الآن جياد السباق التي تتنازع علي زعامة المنطقة الشرق أوسطية التي يقع العالم العربي ضمنها. وتحاول "مصر" علي استحياء الآن الانضمام "الشرفي" إلي مثلث يضمها و "السعودية والأردن" ، ولكن حتي هذا المثلث محكوم عليه بانهياره البنائي لأسباب كثيرة، منها حساسية العلاقات التاريخية بين الأردن الهاشمية (وريثة الشريف حسين) والعربية السعودية. ومنها أن "مصر" شبه "عالة" علي العربية السعودية الفاعل الأول في شئون المنطقة لتأثيرها علي الجزيرة العربية ولوجودها المؤثر في لبنان ولخطوط مصالحها مع سورية ولعلاقاتها مع سنة "العراق" ولتأثيرها المالي والمشتريات الإستراتيجية (الطائرات والأسلحة ..) من أوربا وأمريكا، ولموقعها الفاعل في منظمة الأوبك البترولية. فماذا تملك مصر الآن ؟؟؟؟. حتى "القوة البشرية" التي طالما كانت ذخرا لمصر قد أصابها "العجز المكتسب" (حسب تعبير الدكتور المسيري) نتيجة إذلالها وتجويعها والقمع المستمر الممنهج لها.
نخشى ما نخشاه أن تنتهي "مصر"، أو المتبقي منها، إلي تكوين مثلث إقليمي مع الجنوب السوداني ودارفور (!!!) – مع احترامنا لكليهما. ولكن هذا لن يكون ... هذا لن يكون بإذن الله أولا وبضمير"مصر" الكامن المنتظر ثانيا وبقلوب وعمل المتبقي من خلصائها وكل الوطنيين من رجالها ثالثا. لن نسأل ثانية "لماذا يا فخامة الرئيس" – فالسؤال فقد معناه والإجابة فقدت الحاجة أليها - إضافة إلي أننا بتنا نعرفها مسبقا (!!).
[email protected]
http://www.maktoobblog.com/alnasser_hesham


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.