لايتبدى بوضوح شديد للدنيا كلها المعنى الاصيل - العملي - للتضحية في صورتها الاسلامية الاجل والاعظم - كما هي الحال في فلسطينالمحتلة - في الضفة الغربية كما في قطاع غزة. فان كان الفلسطيني قد اكد استعداده للبذل والعطاء والتضحية على مدى قرن من الزمان - هو الفاصل ما بين وعد بلفور واللحظة الراهنة - مرورا بسايكس بيكو - وثورة البراق وثورة 1936، واللجوء وثورة 1965 والانتفاضتين الاولى 1987 والثانية 2002،فإن المسافة ما بين ( القول والفعل ) معدومة تماما، هناك التماهي في أبهى صورة لدى هذا الشعب بين القول والفعل - وهو بالتالي خير من يعبر عن (الأمة) في خلاصة ارادها الله سبحانه عبر الامتحان الأصعب في الحياة كلها: فقدان الوطن والأمن معا مع الفراق والتشتت والتشرد. السمة الفلسطينية - العربية فعلا - للعيد - للأضحى - لابد ان تكون دون رتوش - وهي في نصاعة الجنين الخارج توا من رحم امه الى العالم ليعلن عن ذاته في صخب البكاء الطبيعي. لكن احدا من الحاكمين المتحكمين بالعالم لايملك ان يعترف بالحقيقة - حتى تلك الصادرة قبل يوم واحد او اثنين عن مجلس الامن الدولي - في الادانة الشفهية - لفعل قطعان الاستيطان القتلة الغاصبين - وفي التوكيد - مرة اخرى على حق عودة النازحين الفلسطينيين الى اراضيهم المحتلة عام 1967 ، وكأن هذا الشعب لم يتم احتلال ارضه وتهجيره وتشريده منذ عام 1948. والأشد ايلاما هو هذا التقاطع المتعاكس بين الفلسطيني هذا والفلسطيني ذاك - بين السلطة ( فتح - رام الله ) وبين ( غزة - حماس ) الى الحد الذي حرم او يحرم الناس المؤمنين نعمة اداء فريضة الحج ، ثمنا لتلك المناكفات والاختلافات التي ما انزل الله بها من سلطان لاسيما انها على ( فاشوش ) - وبمعنى ان يهدر الدم لقاء (لاشيء) - وليس لقاء العرض والأرض والحق والعدل .. والمال. في العيد لايمكن لنا ان ننسى الآم الاهل في (كل فلسطين) - والامهم في ( النفس الفلسطينية) الممزقة والمبعثرة في اصقاع الدنيا كلها. اذ لايمكن لفلسطيني الا ان يكون كئيبا او حزينا او مضطربا في العيد بالذات بسبب البعد والفرقة وبسبب الاختلاطات التي يعاني منها الواقع المرضي الفلسطيني وانعكاساتها المزرية والواضحة في واقع العرب عموما وفي ترديهم السياسي خصوصا. ابسط تعبير عن الضعف العربي هو فشل العرب في استحصال ادانة ( مكتوبة بقرار ) في مجلس الامن مع ان كل ( شعرة ) في مفارق اعضاء المجلس تعرف حق المعرفة ان الفلسطيني ضحية وان اليهودي المستوطن معتد اثيم. مؤسف اننا في العيد لانملك الا ان نسعد باننا قدمنا ونقدم البراهين الساطعة على استعدادنا للبذل والتضحية والجود بالنفس، وذي ضحايانا في القطاع وفي الخليل وفي عكا وفي كل مكان دلائل ايمان هذا الشعب العميق بحقه وبكرامته وباستعداده المطلق للموت في سبيل استرداد الحق - لولا ان الواقع السياسي ا لفلسطيني يعاني من المرض البين والواضح لكان مؤكدا ان هذا الشعب قد استطاع ان يتقدم خطوات ملموسة - دون اثمان فادحة - نحو فلسطين - أي نحو اعياد ناصعة في (البلاد) وقد عادت الى اصحابها الحقوق.