محدش قادر يشتغل.. مصطفى بكري يطالب بسرعة إجراء التعديل الوزاري وحركة محافظين    جيش الاحتلال ينشئ كتيبة احتياطية من «قدامى المحاربين»    القسام تستهدف جرافة عسكرية وتقصف قوات إسرائيلية في محور نتساريم    «الأونروا» تغلق مجمع مكاتبها في القدس الشرقية    التهم المخزن.. السيطرة على حريق شركة الإسكندرية للأدوية    الفنان أحمد كشك: «جودر» عمل فني للتاريخ    اونروا يغلق مجمع مكاتب الوكالة في القدس الشرقية بعد محاولة إحراقه من متطرفون إسرائيليون    فحص وعلاج 994 مواطنا خلال قافلة طبية لجامعة كفر الشيخ    البنتاجون يعرب عن قلقه إزاء خسائر المدنيين بغزة ويجمد تسليح إسرائيل    وزيرا خارجية اليمن والبحرين يبحثان في عدن التطورات الإقليمية    عاجل.. ليفربول يعلن موعد حفل وداع يورجن كلوب    عقوبة التأخر في سداد أقساط شقق الإسكان    استخدم سلاحين وسدد بهما طعنات تسببت في الوفاة.. الإعدام لقاتل صديقه في السويس    موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وموعد وقفة عرفات في السعودية وجميع الدول العربية    صحيح «متنًا وسندًا» ..7 آلاف حديث في موسوعة جامعة الأزهر    عاجل: أسعار الأضاحي 2024 في جميع المحافظات "أحجز من دلوقتي"    مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع الحلقة الجديدة عبر قناة الفجر الجزائرية    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُنى على خمس فقط    محظورات الإحرام لحجاج بيت الله الحرام في حج 2024    خطوات إصدار تصريح دخول مكة للأسرة المقيمة في حج 1445    طريقة عمل بسكوت الزبدة الدائب بمكونات متوفرة بالمنزل    «تليجراف» البريطانية: أسترازينيكا تسحب لقاح كورونا وضحايا يروون مأساتهم    «الباشا» أول أعمال صابر الرباعي في الإنتاج الموسيقي    شروط الحصول على تأشيرة شنجن.. تتيح فرصة السفر ل27 دولة أوروبية    مواعيد قطارات المصيف الإسباني والدرجة الثالثة.. رحلة بأقل تكلفة    أسماء جلال تنضم لفيلم "فيها إيه يعني"    ننشر مذكرة دفاع حسين الشحات في اتهامه بالتعدي على محمد الشيبي (خاص)    "بعد اقترابه من حسم اللقب".. كم عدد ألقاب الهلال في الدوري السعودي؟    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس فقط    أمين الفتوى: الزوجة مطالبة برعاية البيت والولد والمال والعرض    رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يستعرض الحساب الختامي للموازنة    الرئيس السيسي يحذر من العواقب الإنسانية للعمليات الإسرائيلية في رفح الفلسطينية    قائد القوات الجوية يلتقي نظيره السعودي    بنك التعمير والإسكان يحصد 5 جوائز عالمية في مجال قروض الشركات والتمويلات المشتركة    أوقاف شمال سيناء تعقد برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات    مصطفى غريب يتسبب في إغلاق ميدان الإسماعيلية بسبب فيلم المستريحة    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج المائية    «الهجرة» تكشف عن «صندوق طوارئ» لخدمة المصريين بالخارج في المواقف الصعبة    متحور كورونا الجديد «FLiRT» يرفع شعار «الجميع في خطر».. وهذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة    فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات بواسطة طائرتين مسيرتين    محافظ الشرقية: الحرف اليدوية لها أهمية كبيرة في التراث المصري    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    وزير الرياضة يلتقي سفير بيلاروسيا لبحث مجالات التعاون المشترك    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    "الخشت" يستعرض زيادة التعاون بين جامعتي القاهرة والشارقة في المجالات البحثية والتعليمية    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه في مستهل أخر جلسات الأسبوع    عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتهام الإسلام بعدم العقلانية بين الجهل به وإنكار الواقع
نشر في الشعب يوم 29 - 09 - 2006


أسامة الهتيمي
لعل من أكثر الأقوال التي نطق بها بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، وأثارت استياء العقلاء من أهل الغرب وعلمائه قبل المسلمين، هو اتهام البابا الإسلام بأنه دين غير عقلاني.. في إطار المقارنة التي عقدها بينه وبين المسيحية؛ حيث زعم بنديكت أن المسيحية ترتبط بصورة وثيقة بالعقل، وهو ما يتباين مع أولئك الذين يعتقدون في نشر دينهم عن طريق السيف، في إشارة إلى ما ردده بعض المستشرقين عن الإسلام ودعوته، وفي محاولة منه للتأكيد على أن هناك تعارضا بين الإسلام والعقل.
ففي حديث بنديكت عن نبي الإسلام برغم افترائه - ما يمكن أن يكون متوقعا؛ حيث يصدر عن شخص لا يؤمن بالإسلام ولا برسوله معتبرا إياه صلى الله عليه وسلم لم يأت بخير لهذا العالم.
لكن الحديث عن الإسلام باعتباره غير عقلاني يصطدم في حقيقة الأمر مع الواقع المعاش، ويغض الطرف عن قرون طويلة من البناء الحضاري الإسلامي؛ الذي كان للدنيا بمثابة النور؛ الذي خرج بها من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
إعمال العقل
وتصطدم مزاعم بنديكت أول ما تصطدم بما ورد في القرآن الكريم ذاته؛ حيث وردت بين دفتي المصحف ما يقرب من مائتين وعشرين 220 آية تتضمن دعوة واضحة وقوية وإن اختلفت مفرداتها وتراكيبها إلى تحريك وإعمال العقل؛ لينظر الإنسان إلى ملكوت السموات والأرض. كما تحث هذه الآيات الإنسان على أن يسير في الأرض فينظر عبرة التاريخ فيما جرى للسابقين ممن ضلوا السبيل، وطغوا في البلاد، وأكثروا الفساد في الأرض، وكيف كانت عاقبتهم؟
كل هذا بأسلوب واضح، وبصور أدبية متنوعة.. تدعو إلى التذكر والتدبر، وإلى فقه آيات الله المنظورة في عالم الشهادة؛ كي تكون هادية إلى الإيمان بعالم الغيب.. من مثل قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت)، وقوله تعالى مادحا أولي الألباب؛ الذين يعملون عقولهم، ويتفكرون في آياته؛ فيقول تعالى (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك...).
فكيف يكون ذلك الدين الذي يعتبر التفكر والتأمل في آيات القرآن، وما يستتبع ذلك من إعمال العقل، شكلا من أشكال العبادة التي يؤمر بها كل عاقل وذي لب؟ الأمر لا يعدو كونه جهلا بطبيعة هذا الدين، قياسا على أفكار مغلوطة.. روجها بعض من يتربص بالإسلام ويتتبع شذوذ الشاذين.
ضد التقليد
وفي الإسلام تختلف درجة ذلك الذي ولد لأبوين مسلمين؛ فكان مسلما بالوراثة، دون تفكر وتدبر وبحث.. ودون سعي وراء زيادة إيمانه، وبين ذلك الذي أعمل عقله وبذل جهده؛ من أجل استيعاب مفاهيم الإسلام وحقيقة عقيدته؛ حتى يرسخ إيمانه بهذا الدين.
وقد أكد القرآن الكريم مرارا على رفضه التقليد الأعمى، وإتباع ما كان عليه الآباء والأسلاف، دون نظر وتفكر فيما كانوا عليه إن كان جديرا بالاتباع أو جديرا بالإنكار والرفض.. من مثل قوله تعالى: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون).
وهو منهج اتبعه الأنبياء أنفسهم حتى تطمئن قلوبهم، ولم ينكره الإسلام؛ بل إنه سمح لأتباعه أن يسألوا فيما يريدون فهمه واستيعابه، في حين نهاهم عن السؤال فيما لا يفيد، ولا يمكن أن تدركه عقولهم؛ باعتباره من الغيبيات التي لا تصل لحقيقتها العقول البشرية.
قيمة العلم
ويأتي إطلاق لفظ الآية على الجملة من القرآن دليلا قويًّا على تقدير الإسلام للعلم، وإعمال العقل؛ فالآية تعني كذلك الحال والواقع المشهود في الكون؛ ففي المصحف الشريف آيات، وفي الكون آيات؛ لكن فقه وفهم وتعقل آيات الله في الكون هو السبيل إلى فهم آيات الله في المصحف؛ ولهذا جرى ترتيب الخطاب في أول لقاء بين جبريل عيه السلام وبين الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء.. جرى ترتيب الخطاب بتقديم الأمر بالقراءة في كتاب الكون المنظور؛ الذي هو عالم الشهادة، على القراءة في الكتاب المسطور؛ الذي هو المصحف.. يقول تبارك وتعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم).
فتقدم الأمر بقراءة ما خلق الله في الكون مؤشر قوي لتحديد كيفية التعامل مع القرآن، بإعمال العقل في فقه آيات الخالق، ومن خلال تعرفه نصل بهذه المعرفة إلى الإيمان.
تاريخ حضاري
في الوقت الذي كانت تعيش فيه أوروبا ما أطلق عليه "العصور الوسطى"؛ حيث سادت الحروب والجهل والتخلف وتحكم الكنيسة؛ إلى الدرجة التي أصبح فيها الباباوات والقساوسة يبيعون ما سمي ب"صكوك الغفران". في الوقت الذي وصل فيه المسلمون بدعوة الإسلام والقرآن إلى أقصى درجات العلم آنذاك.
ويكفي أن نشير إلى أن أحد الخلفاء العباسيين أهدى ملك فرنسا في هذا الوقت "شارلمان" آلة الوقت "الساعة"؛ التي تمكن علماء المسلمون من اختراعها؛ فلما وصلت الآلة إلى فرنسا وشاهدها من هم حول الملك الفرنسي اعتبر هؤلاء أن المسلمين أرسلوا لهم شيئا يختبئ فيه الجن والعفاريت.
لقد وصل المسلمون من العلم بدعوة دينهم لذلك إلى الدرجة التي أصبح من يصل إلى درجة علمية كبيرة في الغرب يتم إلباسه الثوب والعمامة العربيين تقليدًا للعربي المسلم، وهو التقليد الذي نقل إلينا مرة أخرى من أوروبا عندما يرتدي الباحث للماجستير والدكتوراة خلال مناقشته "الروب"؛ الذي هو في الأصل العباءة العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.