المنيا.. مصرع أمين شرطة في حادث انقلاب سيارة بسمالوط    «منصة مصرية عالمية للعلم والإبداع».. مدبولي يدشن الأكاديمية الدولية للعمارة    «البترول» تصدر إنفوجرافًا يوضح نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة بالكامل    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    تعكس التعطش للنهل من كتاب الله.. أوقاف الفيوم: المقارئ القرآنية تشهد إقبالًا واسعًا من رواد المساجد    تجارية الجيزة: أهلاً مدارس يواصل نجاحه.. لن نسمح بتخفيضات وهمية    نائب محافظ القليوبية تُشارك في احتفالية توزيع شنط مدرسية على 200 طالب    البورصة: ارتفاع جماعي لكافة المؤشرات بمستهل تعاملات اليوم الأربعاء    وزير المالية: زيادة 80 % فى حجم الاستثمارات الخاصة أول 9 أشهر من العام المالى    كامل الوزير: مصر أصبحت قاعدة لتصنيع وتصدير المركبات الكهربائية للعالم    جامعة سوهاج تخفض رسوم برنامج بكالوريوس العلوم المصرفية ومد التقديم لنهاية سبتمبر    البنك المصري لتنمية الصادرات يطلق النسخة الجديدة من تطبيق الموبايل البنكي    نزوح كثيف لسكان غزة على طريق الرشيد الساحلي تزامنا مع العملية العسكرية الإسرائيلية    مدبولي: مصر ترحب باستضافة المؤتمر الوزاري لمنتدى الشراكة «روسيا-أفريقيا»    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    منتخب الطائرة يخسر من الفلبين في بطولة العالم    تشكيل آرسنال المتوقع أمام أتلتيك بلباو بدوري الأبطال    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة يختتم تدريباته قبل السفر إلى غينيا الاستوائية    الأهلي يفاوض روي فيتوريا والمدرب البرتغالي يتحفّظ على العرض    فوق الممتازة.. وزير التعليم: معلمون وأساتذة جامعات شاركوا في وضع المناهج    ضبط مستحضرات تجميل وسجائر وسكر مجهولة المصدر في حملة تموينية بالإسكندرية    وزير التعليم: لا يوجد ربط نهائيا بين تسليم الكتب ودفع المصروفات الدراسية    ضبط 3 متهمين بتعدى على عامل داخل محطة وقود بالبحيرة    الطقس غدا.. تحسن بالأحوال وانخفاض درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 33 درجة    إصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب توك توك على طريق جمصة المنصورة    مصرع شاب بإسفكسيا الغردقة بمنطقة الشاليهات بالقصير    يسرا: فخورة أني جزء من مهرجان الجونة    "صيف قطاع المسرح" يختتم فعالياته بالاحتفال باليوم المصري للموسيقى    أيمن وتار ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التوني غداً الأربعاء    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن برنامج أفلام الدورة الثامنة خارج المسابقة    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت من نوع خاص وعايشة باللي باقي منها    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    وزارة الصحة تطلق خطة لتأهيل 20 ألف قابلة وتحسين خدمات الولادة الطبيعية    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى دكرنس المركزي    محافظ المنيا يتابع أعمال القافلة المجانية لخدمة 5 آلاف مواطن    وزير الصحة يترأس 
لجنة الدعم الصحى والاجتماعى للجرحى والمرضى من قطاع غزة    نتيجة تقليل الاغتراب 2025.. مكتب التنسيق يواصل فرز رغبات الطلاب    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    كرة طائرة - خسارة منتخب مصر من الفلبين في بطولة العالم    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    مدرب الهلال: لودي اختار قراره بالرحيل.. ويؤسفني ما حدث    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    "الأمم المتحدة" تنظم أول ورشة عمل إقليمية حول السياحة الاستشفائية في الشرق الأوسط    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 122 ألف سلة غذائية عبر قافلة زاد العزة ال38 إلى غزة    سفير إيطاليا بالقاهرة: نتشارك مع مصر في تعاون ممتد في مجال العمارة والعمران    القومي لذوي الإعاقة وتنظيم الاتصالات يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الخدمات الرقمية    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    مدرب بيراميدز: لا نخشى أهلي جدة.. وهذا أصعب ما واجهناه أمام أوكلاند سيتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أربعة عشر قرنا عُدنا يا ماأوميه
نشر في الشعب يوم 07 - 12 - 2007


أستاذ الحضارة الفرنسية


تحت هذا العنوان الإستفزازى والكاشف عن حقيقة النوايا تناولت الصحف والمواقع التابعة للفاتيكان موضوع زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لتلك المؤسسة المسيحية الفاتيكانية يوم 6 نوفمبر 2007 .
وأول ما نبدأ به هو كلمة "ماأوميه" التى يكتبها الغرب المسيحى المتعصب بدلا من "محمد" ، عليه صلوات الله ، بعد ان تم تحريف نطقها منذ أن بدأت محاربة الإسلام والمسلمين فى كافة المجالات وخاصة فى الآداب الفرنسية. لذلك نبدأ بالقول للعاملين فى تلك المؤسسة العتيقة : عار عليكم مواصلة تحريف نطق إسم سيد المرسلين ، فى الوقت الذى تعرفون كتابته جيدا إذا ما ارتبط بأى شخص آخر ، عار عليكم مواصلة استخدام الخطأ الشائع كما يتذرع قائلا البعض منكم ، فلا يوجد ما يبرره إلا سوء النية التى تتحلون بها وتصرون عليها !.
ونعود إلى العنوان المتصدر لهذا المقال والذى كتبه موقع الفاتيكان ، وكتب تحته : "المسيحيون يعيدون إعمار السعودية بعد 14 قرنا يا ماأوميه " ! وهو ما يذكرنا بمقولة اللورد آلنبى حينما وضع قدمه على قبر صلاح الدين وقال : "لقد عُدنا يا صلاح الدين" ! وإن كان لهذه البداية المؤسفة من معنى ، فهى تكشف عن مدى التعصب الأكمه الذى يكبل تلك المؤسسة والعاملين بها وعن مدى بُعدهم عن مفهوم التسامح الذى يتغنون به !
ففى الرابع من شهر نوفمبر الحالى أعلن موقع الفاتيكان عن زيارة الملك عبدالله الثانى ، التى لا سابقة لها فى التاريخ ، وأنها أتت " نتيجة للإهتمام الكبير الذى يوليه بنديكت السادس عشر للعلاقات مع العالم الإسلامى ، وأنها نتيجة يمكن أن تتبعها نتائج أكثر إيجابية " .. ثم يضيف كاتب الخبر قائلا : " وننوه أنه منذ شهرين تقريبا كان البابا قد استقبل وزير خارجية السعودية ، الأمير سعود الفيصل ، وأن البلد الذى يحكمه الملك عبد الله الثانى هو من أكثر البلدان إحباطا فيما يتعلق بالحرية الدينية وحرية العبادة. فالقهر الذى يمارس ضد الأقليات الدينية وفقا للإحصائيات المنشورة عام 2006 من منظمة "أوبن دورز" الدولية ، لا يوجد أسوأ منها إلا فى كوريا الشمالية " !
ويواصل البيان : " ففى السعودية والتى يُعد 93,7 % من تعدادها مسلمين ، "غير مسموح بامتلاك إنجيل أو إرتداء علامة صليب أو مسبحة مسيحية ، أو حتى أداء الصلاة علنا. ومن يجروء على مخالفة هذه المحاذير يعاقب فورا من المطوعين ، وهم البوليس الدينى المعروف بعدم تهاونه " ..
ثم يوضح البيان أنه " لا يخفى على أحد ان السعودية تود استخدام صورة مختلفة فى عالم الدبلوماسية الدولية . وهو مُعطى ترى النخبة السعودية أنها ورقة ضرورية بسبب صعود إيران أحمدى نجاد على الساحة الدولية ، وهو صعود تقوم الولايات المتحدة بدفع السعودية لإتخاذ مبادرات محددة. وبهذا المعنى ، فإن زيارة الملك عبد الله الثانى للبابا بنديكت السادس عشر يمكنها أن تعدُل من صورة السعودية ..
" ويمكن للفاتيكان أن يعمل إلى جانب العاهل السعودى بحيث تكون هذه الزيارة مقدمة لنقلة فى الدبلوماسية ، وخطوة أولى تجاه علاقات مستقبلية ، وإن كانت غير محتملة حتى اليوم ، خاصة وإن 3,7 % من الشعب السعودى من المسيحيين" ..
وقبل الإنتقال إلى باقى الموضوع نوضح للعاملين فى ذلك الفاتيكان أن عقود العمل لا تمنح الجنسية فى أى دولة من دول العالم ، وأن العمالة المسيحية فى السعودية موقوتة التواجد بموجب إنتهاء ذلك العقد ولا تحتسب من تعداد الشعب السعودى !
ويوضح ذلك البيان أن البابا بنديكت السادس عشر ، وبعد المعركة التى أثارتها محاضرته فى راتسبون ، "قد شجّع سفراء الفاتيكان على العمل مع سكرتارية الدولة لنسج علاقات صداقة وإحترام متبادل مع البلدان الإسلامية. كما طالب بجهد دبلوماسى كبير من خلال التعاون مع "النخب" فى مختلف البلدان الإسلامية ، الذين يُعد السلام والتسامح من أولوياتهم ، أى أنهم ضد الإرهاب ، وفى مقدورهم التوصل إلى نتائج محددة ".
ثم تأتى إشارة لها مغزاها إلى الكاردينال الفرنسى الأصل ، جان لوى توران ، رئيس المجلس البابوى للحوار بين الأديان ، " فهو الذى يرجع إليه القيام بمبادرة أى حوار ممكن مع العالم الإسلامى ، ومنها زيارة بعض الزعماء الدينيين للفاتيكان عقب خطاب البابا فى راتسبون ، وخاصة تلك المبادرة التى قام بها 138 من الزعماء الدينيين المسلمين والخطاب المفتوح الذى أرسلوه للبابا وللعديد من القيادات المسيحية مطالبين بتفعيل أكبر وصيتين " حب الله " و "حب القريب " كأساس وأرضية اتفاق للعلاقات القادمة. وهى نتيجة ضخمة جديرة بالملاحظة .
" ومثلما يتعيّن على الدبلوماسية الفاتيكانية أن تواصل نسج علاقات لها مغزاها مع مختلف الحكومات الإسلامية ، من قبيل ما بدأته بعد راتسبون ، فيمكن الإشارة إلى أن زيارة عبد الله الثانى ، داخل هذا الإطار ، تمثل خطوة لها مغزاها . فابتداء من يوم الثلاثاء 6 نوفمبر يمكن لكثير من الأمور أن تتغير خاصة بالنسبة للإقليات المسيحية فى السعودية وللثمانمائة الف كاثوليكى " ..
أما جريدة " لاكروا " الفرنسية المسيحية فقد أشارت يوم 6 نوفمبر إلى موضوع زيارة الملك عبد الله الثانى " رغم أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين " وإن المحادثات بين الطرفين قد تناولت الحوار بين الأديان " و " التعايش السلمى المثمر بين الرجال والشعوب " و " التعاون بين المسيحيين واليهود من أجل تفعيل السلام والعدل والقيم الدينية والأخلاقية " .
وتوضح إيزابيل جولمان ، مندوبة الجريدة فى روما " أن المراهنة هامة ، إذ أن السعودية ، منذ القرن الثامن عشر وتحالف عائلة سعود بالوهابية ، يحكمها نظام دينى شديد الصرامة ، فهى بلد اسلامى ترتبط فيه السياسة بالدين إلى اقصى حد وإن دستور االبلد ليس إلا القرآن ! ومن هنا ، وإعتمادا على حديث نبوى مشكوك فيه فإن السعودية تمنع رسميا إقامة أى دور عبادة غير مسلمة فى شبه الجزيرة العربية باعتبارها أرضا مقدسة . إلا أن هذه البلد أصبحت تضم اليوم مليون ونصف مسيحى ، أساسا من الفيلبين، وتطالب روما من أجلهم بالحرية الدينية " .
وتنهى الكاتبة مقالها قائلة : " ان الوهابية تتزايد فى إفريقيا وخاصة فى مالى . وبذلك فإن السعودية تمثل حليفا لا يستهان به للفاتيكان فى عملية الحوار الإسلامىالمسيحى. وعلى كل حال فإن عددا كبيرا من الموقعين على الخطاب المفتوح المرسل إلى البابا ومختلف المسؤلين المسيحيين ، موقّع عليه عدد كبير من رجال الدين السعودى " !!
وفى بيان صحفى صادر عن الكرسى الرسولى يوم 6 نوفمبر 2007 ، عقب الزيارة مباشرة ، أوضح " أن المحادثات قد دارت فى جو ودّى سمح بالتعرض لموضوعات تهم الطرفين، إذ أكدا خاصة على الإلتزام لصالح الحوار الثقافى والدينى ، وضرورة التعايش السلمى والمثمر بين الرجال والشعوب ، وبقيمة التعاون بين المسيحيين والمسلمين واليهود لتفعيل السلام والعدل والقيم الدينية والأخلاقية ، وخاصة مساندة الأسرة " .. كما تمت الإشارة إلى " الوجود الإيجابى للمسيحيين وعملهم فى السعودية " .
ويوضح البيان " أهمية زيارة خادم الحرمين وأنها تكتسى أهمية كبرى لأنها تأتى عقب عدة أسابيع من إرسال عدد من المسلمين ومنهم سعوديين ، خطابا مفتوحا إلى البابا". وانتهى البيان موضحا :" أن زيارة هذا الصباح من وجهة نظر حوار الأديان ليس لها نفس الثقل لو كان قد تم اللقاء بين بنديكت السادس عشر والشيخ طنطاوى الذى يترأس أهم مؤسسة إسلامية سُنية ، وهى مسجد الأزهر بالقاهرة. يبقى أن نقول أن لقاء اليوم قد ناشده فى آن واحد كل من الرياض والكرسى الرسولى" .
أما موقع زنيت ، التابع للفاتيكان أيضا ، فقد بدأ المضوع مشيرا إلى " قيمة التعاون المشترك بين المسيحيين والمسلمين واليهود من أجل إعلاء السلام وعدل والقيم الينية والأخلاقية" وذلك " على الرغم من أن الكرسى الرسولى والسعودية لا يقيمان علاقات دبلوماسية" .. كما اشار الموقع إلى مودة الحديث بين الطرفين والتى سمحت بتناول موضوعات تهم الإثنين. كما تناول البيان مساهمة المسيحيين فى المجتمع السعودى. وفى إطار تمنيات الرخاء للبلدين ، التى عبر عنها الفاتيكان لكل سكان البلد أضاف البيان إشارة إلى الوجود الإيجابى البنّاء للمسيحيين بها ".
وأوضحت شبكة زنيت أن عدد المسيحيين المهاجرين ويعيشون على أرض المملكة السعودية هو من مليون ونصف إلى إثنين مليون ونصف ، إلا أن حريتهم الدينية معاقة فهم محرومون من الكتب الدينية والأشياء المسيحية كالصلبان ، كما أنه لا توجد كنائس ولا قساوسة إلا فى السفارات ، ويمنع تجمعهم من أجل صلاة مسيحية إذ أن كل أرض المملكة تُعد مسجدا ! كما تمت الإشارة إلى تبادل الأفكار حول الشرق الأوسط وضرورة إيجاد حل عادل للصراعات التى تعتمل فى المنطقة وخاصة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى " ..
أما جريدة " الأوسرفاتورى رومانو" الفاتيكانية فقد أشارت يوم 6 نوفمبر إلى " أنه بفضل الملك عبد الله الثانى فإن المملكة السعودية قد قامت فى السنوات الأخيرة بدور هام من الوساطة فى صراعات الشرق الأدنى والأوسط ".
وفى اليوم التالى أشارت نفس الجريدة إلى ذلك اللقاء تحت عنوان " لقاء بين بنديكت السادس عشر وملك السعودية ، وعنوان فرعى يقول: "تحت علامة الحوار والتعاون .. الوجود الإيجابى والمثمر للمسيحيين فى السعودية " ..
وفى عرض مسهب نسبيا بادرت جريدة "لوفيجارو" الفرنسية بالإشارة "غير المتوقعة إلى إدخال اليهود فى هذا الحوار الثقافى والدينى بين الكاثوليك والمسلمين " ، وإلى أن الملك عبد الله الثانى يطمح فى تأكيد نوع من السيادة لنفسه فى العالم افسلامى إذ قام عدة مرات بدور الوسيط فى مشكلة الشرق الأوسط ، وأنه ليس معاديا للغرب ، رغم عدم وجود تبادل سفراء بينه وبين الفاتيكان، وأن وزير خارجيته ، سعود الفيصل ، من المترددين على المدينة البابوية، إذ أنه قد تردد عليها عدة مرات قام خلالها بالإعداد لهذه الزيارة. وقد تم الترحيب بهذه الزيارة خاصة بعد إلغاء زيارة الشيخ طنطاوى فى الربيع الماضى.
كما أشار المراسل إلى أن الكرسى الرسولى لا يزال يتحسس الطريق ويقع أحيانا فى بعض الأخطاء ، إلا ان البابا قد أسند إلى الكاردينال جان لوى توران دور السباحة بين مختلف تيارات الإسلام . ورغم حنكته السياسية إلا أنه قد صدم شعور عددا من الموقعين ال 138 على الخطاب المفتوح للبابا ، وذلك بتصريحه أنه " لا يمكن التحاور مع الإسلام ، على الأقل ليس حاليا " . وقد أغفل الكاتب ذكر إنتقاد ان ذلك التوران كان قد قال " طالما يعتقد المسلمون أن القرآن منزل من عند الله" !!.
وأوضح الكاتب أن خبراء الفاتيكان لا يزالوا يتفحصون الخطاب المفتوح ويحددون الجوانب الإيجابية فيه ، "إلا أنهم يتمعّنون فى الخليط المتداخل من الموقعين والذين كان من بينهم من قد مدح الإرهاب الإسلامى ذات يوم " ..
وفى 9 نوفمبر أعاد موقع الفاتيكان تناول الموضوع باسلوب المتحكم فى الأمر والموقف ، إذ بدأ بموضوع محاضرة البابا فى راتسبون قائلا : " واليوم ، وقد هدأ التراب الذى اثارته المظاهرات الموجهة سياسيا فى البلدان الإسلامية ، يمكن القول بأن "بابا راتزنجر" قد أدى خدمة جليلة لكل الأطراف ، إذ نجم عنها على الأقل عنصرين هما، أولا : الزيارة التاريخية لملك السعودية ، وهى واحدة من أكثر البلدان فى العالم التى لا تحترم فيها حقوق الإنسان وخاصة الحقوق الدينية ، موضحا أن البابا لم يقلها صراحة وبوضوح كامل : " أن منع القساوسة والأناجيل بمختلف أنواع العقوبات ليس الطريقة المثلى لتوضيح أن القرآن والإسلام متفتحان كما يتغنى بذلك عشاق الأماكن المقدسة الموروثة من عصر التنوير ".
وثانيا : " الخطاب الذى وقّع عليه 138 من "حكماء" 43 دولة موجهينه إلى قادة المسيحية. ووفقا للقس المصرى الجزويتى سمير خليل سمير " فإن بنية هذا الخطاب تعتمد بوضوح على حب الله وحب القريب. وهو موقف غير تقليدى فى فكر وفى بنية العقلية اللاهوتية الإسلامية ، إذ ان حب الله هو تعبير مسيحى صرف ، وهى عبارة نادرة الوجود فى التراث الإسلامى. ومن الواضح أنه خطاب نوايا حسنة يبحث عن إيجاد أرضية مشتركة للتعاون" ..

وإذا ما قمنا بتحديد النقاط الواردة فى مختلف هذه العروض لزيارة الملك عبد الله الثانى ، وأغلبها إصدارات فاتيكانية متوافقة الهدف والمطلب ، لرأينا ما يلى :
* أن هذه الزيارة سوف يتبعها خطوات إيجابية لصالح الفاتيكان والمسيحية .
* التأكيد على القهر الواقع على المسيحيين فى السعودية وعدم وجود حرية دينية بها.
* استغلال الوضع والأهداف السياسية للحصول على مكاسب دينية.
* إظهار أن البابا كان محقا فى الخطاب الذى ربط فيه بين الإسلام والإرهاب وان هذا التقارب الجارى حاليا المسلمون هم الذين سعوا إليه.
* أن كل التحركات التى تبدو وكأنها من طرف المسلمين هى فى واقع الأمر تتم بتوجيه من الفاتيكان وتحت إشرافه.
* أن خطاب ال138 من "النخب" و"عقلاء" المسلمين قد تم يتوجيه من الكاردينال جان لوى توران ، رئيس اللجنة البابوية للحوار مع المسلمين.
* تكرار عبارة أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين المملكة السعودية والفاتيكان.
* تكرار التأكيد على المعاناة التى يتعرض لها المسيحيون فى المملكة وعدم إمكانية ممارستهم دينهم علنا.
* المطالبة ببناء كنائس وإدخال قساوسة لغرس الإنجيل فى أرض المملكة.
* رفض حقيقة أن السعودية بأسرها أرض مقدسة وأن منع بناء الكنائس قائم إعتمادا على حديث نبوى مشكوك فى أمره ، وبالتالى فلا يجب أن يعتد به فى نظرهم !
* المزايدة الفجة فى أعداد العمالة المسيحية فى المملكة السعودية ورفعها بنسب غير معقولة من ستمائة الف فى أحد المقالات ، إلى مليون ، ثم إلى مليون ونصف ثم إلى مليونان ونصف ..
* تكرا الإشارة إلى إسهام هذه العمالة البنّاء فى تنمية السعودية.
* إقحام اليهود فى هذا الحوار وفى الخطاب المفتوح المرسل للبابا والقادة المسيحيين.
* توضيح أنه رغم أهمية هذه الزيارة فهى فى نظرهم ليست بأهمية زيارة شيخ الأزهر التى تم إلغاؤها فى الربيع الماضى.

وفى نهاية هذا العرض لأصداء زيارة الملك عبد الله الثانى ، عاهل المملكة السعودية للفاتيكان ، مع تحفظنا الشديد على تنازله وذهابه إلى هناك دون ان يكون البابا بنديكت السادس عشر قد إعتذر رسميا وبوضوح تام لا شبهة فيه ، عن إساءته المتعمدة للإسلام والسلمين ، وربطه عمدا بين الإرهاب والإسلام ، فلا نملك إلا الإشارة إلى أن هناك مصيبة ما يتم الإعداد لها ، وذلك بتعاون بعضا ممن يطلقون عليهم "النخبة" و"العقلاء" الذين يهون عليهم المساس بدينهم وبأوطانهم ..
فالربط بين محاضرة البابا فى راتسبون وإظهار أن المسلمين يسعون حثيثا لإرضائه وأنه كان محقا فيما قاله من سب وتُهم ، وبين الخطاب الفضيحة الذى وقع عليه 138 من علماء المسلمين ، سواء جهلا بملابسات الموضوع أو عن عمد ، وإقحام الفاتيكان لليهود ، والقول بأن الأماكن المقدسة فى السعودية إرث من أيام عصر التنوير وليست من أيام الرسول صلوات الله عليه ، والتطاول بالحكم على حديث له بأن أرض السعودية بكلها حرم هو حديث مشكوك فى أمره ، والمطالبة ببناء كنائس وإدخال قساوسة لغرس الإنجيل هناك ، وإقامة علاقات دبلوماسية بين الفاتيكان والسعودية ، وما إلى ذلك.. فإن كل ذلك الخلط يمثل استمرارا لما كان قد بدأه البابا السابق ، يوحنا بولس الثانى ، ويجاهد لتحقيقه. وقد رددت عليه فى حينها بكتاب " الفاتيكان والإسلام " وضمنته خطابا مفتوحا للملك فهد رحمه الله ، أعرض عليه فيه كل ما أتى على لسان ذلك البابا الراحل لغرس الأناجيل فى السعودية موضحا أنه يكفى سور الحرم وما بداخله للإسلام والمسلمين ، أما باقى مساحة المملكة فمن حق الفاتيكان أن يرشق بها الصلبان والأناجيل!
لذلك نناشد خادم الحرمين الشريفين بعدم الإنسياق والوقوع فى ذلك الفخ الرخيص سواء بإقامة علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان أو بالسماح له ببناء كنائس فى أرض مقدسة هى كل ما بقى للمسلمين بعد أن تم التنازل كثيرا لذلك الغرب المسيحى المتعصب ! ويكفى تأمل العنوان الذى تصدر العرض لهذه الزيارة لندرك معنى ومغزى تلك اللعبة ..
وكلمة أخيرة اقولها للبابا، الذى ظل جالسا على عرشه حتى دخل إليه خادم الحرمين ، وعندما اقترب منه نهض ليحييه : إن من أتى لزيارتك ، بناء على مساعيك الخفية ، لا يقل عنك مكانة واحتراما بكل المقاييس ، وكان الأكرم لك يا من تتحدث عن الأخلاق والقيم ، أن تخرج لإستقباله وتحيته إجلالا له ولمكانته !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.