فيما يعد اعترافًا صهيونيًا صريحًا بقوة المقاومة الفلسطينية، وافق الكيان الصهيوني أمس على عقد تهدئة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تشمل إنهاء الحصار على غزة وفتح جميع المعابر بشكل تدريجي، وقد بدأ تنفيذ "التهدئة" بالفعل صباح هذا اليوم وسط أنباء عن فتح معبر رفح بين غزة ومصر وإطلاق مفاوضات عاجلة لمبادلة الجندي الصهيوني الأسير "شاليط" بعدد من الأسرى الفلسطينيين برعاية مصرية، وبدء الصهاينة تخفيف حدة حصارهم على القطاع، وفي الوقت نفسه شددت حماس أنها لم تقبل بالتهدئة عن ضعف وإنما من منطلق القوة مطالبة المجتمع الدولي لإعادة تقييم موقفه من الحركة، ومحذرة الصهاينة من أي عمل أحمق من شأنه خرق التهدئة مبدية استعدادها الكامل للرد على أي اعتداء صهيوني. ويأتي هذا في الوقت الذي دخل فيه الرئيس الصهيوني "شمعون بيريز" معركة كلامية مع عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية حول السلام الذي يطالب الصهاينة العرب به في الوقت الذي يزيدون من أنشطتهم الاستعمارية ويستمرون في قتل الفلسطينيين ليل نهار!! فقد أعلنت حركة حماس أنها توافقت مع الفصائل الفلسطينية على الشروع في تهدئة مع الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، تضمن فتح جميع معابر القطاع وتؤسس لحوار داخلي مع حركة "فتح" في العاصمة المصرية القاهرة، ورحبت حماس بالتهدئة التي وصفتها بأنها شئ جيد للفلسطينيين في غزة، غير انها شددت على أن التهدئة لا تأتي من موقف ضعف، مؤكدة استعدادها الكامل لصد أي خرق صهيوني لتلك التهدئة. بدوره أوضح خليل الحية أحد قياديي حماس أن التهدئة تتكون من سبع نقاط بينها تهدئة متبادلة تنتقل بسعي مصري إلى الضفة الغربية، وفتح للمعابر التجارية جزئيا، ورفع للحصار عن الموارد الداخلة إلى غزة, على أن تستضيف القاهرة في الأسبوع التالي لسريان الهدنة وفود حماس والسلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي لدراسة فتح معبر رفح المخصص للأفراد بين مصر والقطاع. ووصف رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل الموجود حاليا في الإمارات العربية الهدنة بالشيء الجيد ل1.5 مليون فلسطيني في القطاع، ورحبت بها السلطة واعتبرتها مصلحة للشعب الفلسطيني. ووفقا لما أوردته الإذاعة الصهيونية فإن رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير دفاعه إيهود باراك اتخذا قرار الموافقة الليلة الماضية على التهدئة بعد عودة المستشار السياسي في وزارة الدفاع عاموس جلعاد من القاهرة، التي قادت جهود الوساطة بين الجانبين. أما مصر - التي وصفت الاتفاق بخطوة على طريق صفقة أشمل- فقالت على لسان الناطق باسم خارجيتها حسام زكي إنها لا تملك ضمانات بشأن عدم خرق الطرفين للهدنة، لكنها أفصحت عن نيتها فتح معبر رفح مع غزة كثمرة من ثمار التهدئة. وقد سرد الدكتور خليل الحية القيادي في حركة "حماس"، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الدكتور الزهار في غزة، بنود التهدئة، وقال إن أول هذه البنود هو الموافقة على الوقف المتبادل لكافة الأعمال العسكرية في قطاع غزة التي توافق على موعدها المحدد في الساعة السادسة من فجر الخميس (19/6)، وثانيها أن مدة التهدئة ستة أشهر بحسب ما توافقت الفصائل في اجتماعاتها في القاهرة، وثالثها أن يتم تنفيذ التهدئة بالتوافق مع الفصائل الفلسطينية، ورابعها فتح جميع معابر قطاع غزة التجارية خلال أيام، وخامسها إدخال جميع أنواع البضائع والسلع التي يحتاجها أهالي القطاع، وسادسها أن تعمل مصر لاحقاً على نقلها إلى الضفة الغربيةالمحتلة، وسابعها أنه وبعد أسبوع على سريان التهدئة تعمل مصر على جمع حركتي "حماس" و"فتح" والاتحاد الأوربي في القاهرة لبحث آليات تشغيل معبر رفح الحدودي. وفي واشنطن شكك نائب المتحدث باسم الخارجية توم كيسي في احترام حماس للاتفاق. انتصار لحماس ومن ناحية أخرى، اعتبر حاييم رامون نائب رئيس الحكومة الصهيونية في تصريحات لبعض الصحفيين أن التهدئة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "انتصار إضافي للإسلام الراديكالي في العالم العربي"، على حد تعبيره. وقال رامون إن المواجهة الكبرى في الشرق الأوسط اليوم ليست بين إسرائيل والفلسطينيين أو العرب، إنما بين القوى "المعتدلة" والقوى "الراديكالية" في العالم العربي. ورأى أن موافقة الكيان الصهيوني على التهدئة حتى لو استبدلت تسميتها تشكل ضربة للسلطة الفلسطينية واعترافا ب"حماس" في قطاع غزة. وأشار المسؤول الصهيوني إلى أن الاتفاق المذكور سيستدرج العالم كله نحو الاعتراف بحماس والتفاوض معها بعدما يكون الكيان الصهيوني قد شق الطريق بيديه لذلك بواسطة التهدئة. ومن ناحيته أكد الدكتور سامي أبو زهري الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التزام حركته وحرصها على إنجاح اتفاق التهدئة الذي دخل حيز التنفيذ منذ تمام الساعة السادسة صباحًا اليوم الخميس19/6/2008م. واعتبر أبو زهري في بيان له تلقى المركز الفلسطيني للإعلام نسخة منه اليوم الخميس، أن الكرة باتت في الملعب الصهيوني، فيما يتعلق بالالتزام بالاتفاق وترجمته على الأرض، مع الإشارة "إلى أن الاحتلال سبق بدء هذا الاتفاق بجريمة في منطقة جحر الديك سقط فيها الشهيد رامي أبو سويرح وعدد من الجرحى". كما اعتبر البيان أن اتفاق التهدئة هو انتصار للإرادة الفلسطينية، "وثمرة لثبات وصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار"، كما أنه "دليل فشل كل الرهانات على إضعاف حركة "حماس" أو إسقاطها أو تجاوزها". دعوة للمجتمع الدولي ودعا الناطق باسم "حماس" المجتمع الدولي لإعادة تقيم موقفه من الحركة، واتخاذ الموقف الصحيح بالاعتراف بشرعيتها، واحترام نتائج الانتخابات التي فازت بموجبها الحركة. وبالتوازي مع دخول "التهدئة" بين حماس والكيان الصهيوني حيز التنفيذ، أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس أنها جاهزة وعلى أتم الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية "تهزُّ دولة الكيان الصهيوني إذا لم يلتزم العدو بكافة بنود التهدئة المتفق عليها. وقالت الكتائب في بيان عسكري لها صباح اليوم الخميس مع بدء سريان مفعول التهدئة: "نعلن سريان حالة التهدئة المتفق عليها وطنيًّا من قِبَل فصائل المقاومة؛ ابتداءً من الساعة السادسة من صباح اليوم الخميس، على أن تكون هذه التهدئة متبادلةً ومشروطةً بوقف الاحتلال الصهيوني لكل أشكال عدوانه ضد شعبنا وفك الحصار الجائر وفتح المعابر مع قطاع غزة". وشدَّدت على أن "العدو سيتحمَّل نتائج أي حماقات قد يرتكبها؛ لأن يد المقاومة ستكون قادرة بقوة الله على الوصول إلى حصون العدو والبطش به"، وأضافت: "نلتزم التزامًا تامًّا وكاملاً بكل ما التزمت به قيادتُنا السياسية الرشيدة بخصوص التهدئة، ونرى أنها ضرورة مرحلية لشعبنا تخفيفًا للمعاناة وتعزيزًا لخيار الممانعة والصمود والمقاومة، وهي ليست هديةً مجانيةً للاحتلال بأي حال من الأحوال". وشدَّدت الكتائب على أن "الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط لن يرى النور قبل أن يراه أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، مطمئنةً أسرانا وذويهم وأبناء شعبنا بأن قضية الأسرى لا تزال هي رأس أولوياتنا"، وأكدت أنها "ستردُّ على أي عدوان ضد أرضنا وشعبنا، وهي جاهزةٌ بعون الله لكل الاحتمالات، ولن تسمح للاحتلال أن يغدر بأهلنا دون ردٍّ قويٍّ يهزُّ أركانه". وقالت: "بعد هذه المرحلة من الثبات الأسطوري والصمود التاريخي الذي سطَّره شعبنا ضد الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة المرابط، وبعد فترة جهادية تكلَّلت بالتوفيق والسداد من الله تعالى، وبعد هذه القوافل من الشهداء الأبطال من أبناء شعبنا المجاهد والجرحى الميامين؛ الذين كتبوا بدمائهم أروع ملاحم البطولة والفداء.. فإننا نقف اليوم بكل مسئولية وأمانة، لنتخذ القرار الصائب في الوقت المناسب لنرفع شيئًا من معاناة شعبنا، ولنخفِّف ما نستطيع من آلامه ولنضمد بعضًا من جراحه؛ كخطوة على طريق الجهاد والمقاومة الطويل ضد أعدائنا الصهاينة". فتح معبر رفح ويأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه فتح ميناء رفح البري أمس لإدخال العالقين من الجانب المصري إلي غزة، ويجري التنسيق لخروج عدد آخر من قطاع غزة من ذوي الإقامات وتصاريح العمل في مصر والدول العربية والأجنبية. وقال مارك ريجيف، المتحدث باسم الحكومة الصهيونية أمس: إن "إسرائيل" سترفع حصارها عن غزة الأسبوع المقبل إذا توقف القتال تماما. وأشار إلي أن الكيان الصهيوني منح المبادرة المصرية فرصة من أجل نجاحها، وفي الوقت نفسه، أكدت الخارجية المصرية أمس أن الصهاينة تعهدوا بعدم القيام بأي عمليات عسكرية، أو استهدافات، فضلا عن تخفيف قبضتها علي قطاع غزة، وذلك مقابل توقف المقاومة الفلسطينية عن إطلاق الصواريخ. ويتضمن اتفاق التهدئة ستة بنود تتمثل في: الموافقة علي الموقف المتبادل لجميع الأعمال العسكرية بداية من اليوم، ومن المقرر أن يسري الاتفاق لمدة ستة أشهر، وأن يتم تنفيذ التهدئة بالتوافق مع مصر، وفي ظل رعايتها, وفتح المعابر بشكل جزئي خلال الساعات القليلة المقبلة، وأن تعمل مصر لاحقا علي تنفيذ التهدئة في الضفة الغربية, كما تستضيف القاهرة في الأسبوع التالي للتهدئة لقاء يضم السلطة الوطنية الفلسطينية، وحركة حماس، والجانب الأوروبي من أجل مناقشة آليات فتح معبر رفح. كما ذكرت وسائل الإعلام الصهيونية أن مفاوضات بواسطة مصر ستبدأ من جهة أخري يوم الأحد29 يونيو حول مصير الجندي الصهيوني جلعاد شاليت الذي أسرته المقاومة الفلسطينية في يونيو2006، والموجود منذ ذلك الحين في قطاع غزة. مشادة كلامية وفي تطور آخر، شهد المؤتمر الرابع للحائزين على جوائز نوبل، الذي تستضيفه مدينة البتراء الأردنية معركة كلامية بين الرئيس الصهيوني "شمعون بيريز" وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية. فبعد الانتهاء من الكلمة التي ألقاها الرئيس الصهيوني "شمعون بيريز" حول عملية السلام، ودعا فيها العرب "لاتخاذ خطوات تجاه السلام على غرار ما قام به الملك الراحل حسين بن طلال والرئيس المصري الراحل انور السادات والاستعداد للتقدم نحو السلام"، دخل بيريز مشادة كلامية حادة مع عمرو موسى والذي كان حاضرًا أثناء كلمة "بيريز"، حيث رد موسى بمداخلة على كلمة "بيريز" قائلاً: "انت تتكلم عن السلام ونحن لم نسمع ولا شيء منك ولم نسمع رأي "إسرائيل" في السلام، انت فقط تكلمت عن الملك حسين والرئيس السادات". وسأل موسى عن موقف الصهاينة الفعلي من "مبادرة السلام العربية, فاسرائيل تعلن انها مستعدة فقط". واضاف "نحن منزعجون من الذي تقوم به اسرائيل من اقامة المستوطنات والتوسع بها وانتم تقومون بتغيير الاراضي وتهدمون البيوت", وتابع بالعامية "مش عارفين وين بدكون تاخذونا, فلماذا تتحدثون عن سلام مع العرب وانتم تشتغلون بالمستوطنات؟". وقال بيريز "اقترح ان يقوم بعضكم بزيارة اسرائيل وان تقوموا بتقديمها (المبادرة) بشكل علني في البرلمان لان هناك شيء واحد جامعة الدول العربية - واغفروا لي لقول هذا- لا تستطيع ان تجيب عنه وهو كيفية ضمان الامن. اذا استطعتم ضمان وقف اطلاق النار فان اقتراح الجامعة عادل جدا". وقال موسى لبيريز "انت مايسترو في الحديث لكننا لسنا اغبياء"، مضيفاً "الرجاء ان لا تتعامل معنا دون ان تعمل لنا حساب. لسنا مغفلين ولم نعد المغفلين الذين يقبلون بأي شيء او نمضي فرحين بالقليل من الكلمات"، وهو ما دفع الحاضرين للتصفيق. ورد بيريز على موسى "نحن سحبنا جيشنا والمستعمرات من غزة، ولكن لا تزال حماس تطلق الصواريخ علينا واذا اوقفتم الاطلاق فنحن سنعطيك شيئا عادلا". فرد موسى "اوقفوا المستعمرات"، مضيفاً "لا نستطيع فهم الى اين تريدوننا ان نذهب. الى اين تأخذون السلام العربي الاسرائيلي وانتم تعلنون يوميا عن الالاف من المنازل الاضافية، ما يعني ان الالاف من المنازل العربية سيتم هدمها، وأن الالاف من العرب سيخلون منازلهم، ما نوع المفاوضات وعلى ماذا نتفاوض؟". وتابع "كيف لنا ان نتفاوض بينما تتغير الاراضي يوميا. هذا سؤال نريدك ان تجيب عنه". وبعد هذا الحديث الطويل، انسحب موسى من الجلسة اعتراضاً على عدم اعطائه حق الكلام في جلسة الغداء المخصصة اصلا لكلمة بيريز، ورئيس منظمة المؤتمر الاسلامي الرئيس السنغالي عبدالله واد، لكن وزير الخارجية الأردني صلاح البشير أعاده إلى القاعة بعدما تبعه إلى الخارج.