تواصلت ردود الفعل الغاضبة من المسلمين ضد تصريحات بابا الفاتيكان الأخيرة المسئية للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قام المسلمون في جميع أنحاء العالم أمس الجمعة بتنظيم مظاهرات واعتصامات داخل المساجد الكبرى منددين بإساءات البابا للإسلام وذلك في إطار "يوم الغضب الإسلامي العاقل" الذي دعا إليه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي للرد على تصريحات البابا مؤخرا.. وخرجت جموع غفيرة في عدد كبير من الدول العربية والإسلامية احتجاجا على تلك التصريحات مثل ماليزيا وباكستان وأفغانستان والأردن وإيران، وطالب المتظاهرون بحذف العبارات المسيئة للإسلام من نص محاضرة البابا, بالإضافة إلى اعتذاره الرسمي. كتب: محمد أبو المجد
وفي مصر احتشد آلاف المصلين في الجامع الأزهر بعد صلاة الجمعة في مظاهرة حاشدة أطلقوا خلالها هتافاتهم المدوية التي عبرت عن غضبهم من إساءات بابا الفاتيكان للإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم مثل "قومي ياأمة وعلي الصوت.. أصل سكوتك معناه موت" , "الإسلام دين رحمة ولين.. جاب البابا كلامه منين", "راجع نفسك تاني وتاني.. قبل ما تشتم ديني ياجاني.. دين علمني ودين رباني.. ازاي يبقى غير إنساني", "حد يقول له كلام الله.. ده الإسلام مفيهوش إكراه".. وانتقد خطيب الجمعة رد فعل البابا على وقال "لا نقبل اعتذاره فحسب بل نطالب بمحو عباراته المسيئة من النص".
وقد امتلأ الجامع الأزهر عن آخره بالجماهير المحتشدة وسط مشاركة بعض القوى السياسية في المظاهرة يتقدمهم قيادات حزب العمل وجماعة الإخوان المسلمين, ولوحظ حضور كثيف لوسائل الإعلام العربية والعالمية، وربط بعض الذين تحدثوا عقب صلاة الجمعة بين البابا وغزو أو احتلال بعض الدول العربية والإسلامية من قبل الولاياتالمتحدة وإسرائيل وحلفائهما.
المقاومة.. ضمان النصر وقد ألقى المهندس عمر عزام أمين القاهرة بحزب العمل كلمة أكد فيها أننا يجب أن نتوقف مع كتاب الله عز وجل وهو يشخص هذه الأحداث وتلك الأحقاد التي يخرجها الكفار ضد هذا الدين فالله تعالى يقول: "ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون", ثم يطالب الله المؤمنين بعدم التسليم لأعدائهم والانبطاح أمام مخططاتهم وذلك في الآية التي تليها بقوله "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم". وأوضح عزام أن النصر الحقيقي لا يأتي بالشعارات ولا بالهتافات فقط فهي أشياء مطلوبة بل وواجبة, ولكن النصر الحقيقي سيأتي بعودة الأمة إلى دينها وتعاليم ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم, ويجب علينا أن نخرج من حالة الانبطاح الرسمي التي أصبحنا أسرى لها حتى نستطيع مواجهة الأعداء ونردعهم عن أي تجاوز في حق الأمة, مضيفا أنه يجب علينا أن ندعم المقاومة الشريفة الباسلة في كل أنحاء الأمة. ووجه عزام التحية إلى المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين والتي تحقق بفضل الله النصر تلو النصر, مستنكرا تصريحات الرئيس الفلسطيني أبو مازن التي ألقاها أمس في مجلس الأمن والتي أكد فيها أن أى حكومة قادمة في فلسطين عليها أن تعترف بالكيان الصهيوني, فالأمة بريئة منه هو وأمثاله من الحكام العرب الذين أذلونا ومزقوا الأمة شر ممزق وجرأوا عليها أعدائها من أصغرهم إلى أكبرهم. وأكد عمر عزام أننا يجب أن نؤيد القوة التي تقف بوجه المحتلين في جميع أنحاء الوطن العربي والإسلامي, موضحا أن اتحاد الأمة ووقوفها صفا واحدا ضد أعدائها هو أبلغ رد على افتراءاتهم ضد الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم. لا تحسبوه شرا لكم وطالب عزام أفراد الأمة بعدم القنوط واليأس من جراء تصريحات ذلك القزم المسمى ببابا الفاتيكان, مضيفا أن ذلك ليس شرا على الأمة بل هو خير لها, فنور الله باق ولن يستطيع الكفرة الحاقدون في أي مكان إطفاءه أو حتى الحد من جذوته, والبابا بكلامه هذا سيدفع الكثير من الأوروبيين وغير المسلمين إلى الاطلاع على هذا الدين الذي يحدث هذه الضجة في العالم أجمع وعندها.. سيدخل كل عاقل في هذا الدين عندما يقرأ عنه ويعرف أنه دين الله الحق وسنجد الناس يدخلون في دين الله أفواجا.
الحَبر الأسود وفي كلمته أكد الدكتور صلاح عبد المتعال- عضو المكتب السياسي لحزب العمل والمتحدث باسم اتحاد الجمعيات الأهلية في العالم الإسلامي- أن الاتحاد يستنكر بشدة هذه التصريحات الوضيعة التي خرجت من بابا روما والفاتيكان وعلى هذا يؤكد الاتحاد أن زيارة البابا المرتقبة لتركيا الإسلامية أصبحت زيارة غير مرغوب فيها, فنحن لن نستضيف في أرضنا من أهان نبينا وسخر من ديننا. وقال عبد المتعال: إن هذا البابا يطلقون عليه عندهم (الحَبر الأعظم) ولكننا نطلق عليه عندنا (الحِبر الأسود) نظرا لسواد قلبه الذي يقطرحقداً على الإسلام، وطالب عبد المتعال قادة وحكومات الدول العربية والإسلامية بالتحرك القوي على جميع المستويات حتى يعلم الغرب أن لنا ديناً نغار عليه ونبياً نكن له كل الحب والاحترام في قلوبنا فلا يجرءون على تخطي حدودهم معنا بعد ذلك أبدا.
حملة صليبية وفي كلمة جماعة الإخوان المسلمين التي ألقاها الدكتور النائب محمد البلتاجي-سكرتير الكتلة البرلمانية للإخوان- أكد البلتاجي أن تصريحات البابا الأخيرة مخطئ من يظن أنها كانت عن جهل بالدين أو أنها غير مقصودة, فالبابا يعلم كل شئ عن الإسلام ولكن تلك التصريحات هي غطاء لحملة صليبية جديدة على العالم الإسلامي. وأضاف أن البابا قد أساء إلى المسلمين أكثر من مرة فبعد تهجمه على دينهم ونبيهم, عاد واتهمهم بأنهم لم يفهموا تصريحاته - وهذا اتهام صريح لنا بقلة الفهم, ثم "يأسف" لرد فعل المسلمين الغير متوقع له, فهو كان يتوقع أن يتخاذل المسلمون كما تخاذل حكامهم. وأوضح البلتاجي أن الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب طالبت من خلال لجنة الشئون العربية بضرورة مقاطعة دولة الفاتيكان وطرد سفرائها لدينا وفرض العزلة عليها, مختتما كلمته بمطالبة الأمة بأن يكون شهر رمضان شهر إعداد وجهاد ومقاومة حتى تستطيع مواجهة أعدائها في أي وقت.
الهدف هو الإسلام ثم تحدث الدكتور جمال عبد الهادي-أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة- مؤكدا أن تصريحات البابا الأخيرة ليست عفوية وإنما كانت هي استراتيجيته هو وأسلافه الباباوات السابقين على مر العصور بهدف ضرب المسلمين والقضاء على الإسلام. وطالب عبد الهادي الحكام العرب والمسلمين بتحمل مسؤلياتهم تجاه دينهم وما يحدث لأبناء أمتهم من انتهاكات منظمة في جميع أنحاء العالم, مشددا أن الولاء لله ولرسوله هو الضمان الوحيد لبقائهم على عروشهم وليس الولاء للغرب الصليبي الحاقد.
*** أما في بقية العالم العربي والإسلامي فقد خرجت مسيرة سلمية في ماليزيا بعد صلاة الجمعة. ولوح أنصار الحزب الإسلامي المعارض بلافتات مناهضة للبابا مطالبين باستقالته أو بتقيم اعتذار كامل، وقال أمين الحزب هاتا راملي للصحفيين ان التصريح "لم يكن له أي داع على الاطلاق. بالنسبة لنا كان محاولة للحط من قدر الاسلام. وهذا شيء لا يمكننا قبوله.".. لكنه أضاف "نحن لا نبحث عن أعداء.. سنقبل اعتذاره."
وفي العاصمة الباكستانية إسلام أباد ردد متظاهرون شعارات ضد من وصفوهم بأعداء الإسلام ونددوا بحلفاء الولاياتالمتحدة بوصفهم "خونة"، ونظمت مسيرات محدودة في كراتشي وكويتا ومولتان وغيرها من المدن، كما تظاهر أعضاء مجلس العمل المتحد أكبر تحالف إسلامي في باكستان.
وخرجت احتجاجات مماثلة في العاصمة الأفغانية كابول مصحوبة بانتقادات لموقف الحكومة التي تعتمد على الدعم العسكري من الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي، وهتف المتظاهرون "الموت للبابا" فيما تدفق التجمع من المسجد بعد الصلاة، وطالبوه بالاعتذار عدة مرات.
وفي العاصمة الأردنية عمان خرج أعضاء جبهة العمل الإسلامي أكبر حزب معارض في الأردن للمشاركة في اعتصام لدعوة البابا إلى تقديم اعتذار واضح، وقال زكي بني ارشيد امين عام الحزب وهو اكبر احزاب المعارضة الاردنية "هذه التصريحات تأتي في سياق انخراطها في المشروع الأمريكي الذي يهدف الى صراع الحضارات وتخدم المشروع الصهيوني." ودعا بني ارشيد الحكومة الاردنية الى قطع علاقاتها مع الفاتيكان والشعوب العربية والاسلامية الى الاستمرار في احتجاجها حتى يقدم البابا اعتذارا واضحا، وقال "المطلوب من الفاتيكان وعلى لسان البابا اعتذار واضح وصريح."
وفي العاصمة الإيرانية طهران خرجت في أعقاب صلاة الجمعة مسيرة احتجاج حرقوا خلالها الاعلام الامريكية والبريطانية والإسرائيلية وهتفوا "الموت لأمريكا" و "الموت لإسرائيل".