35 مترشحًا يتقدمون لخوض انتخابات مجلس الشيوخ في اليوم الثاني لتلقي الأوراق    مصدر بالتعليم: لا استثناء من شرط اللياقة والكشف الطبي في مسابقة تعيين معلمي الحصة    حزب العدل يحذر من تعثّر وحدات التغويز والانهيار الهيكلي في إنتاج الغاز: أوقع خسائر ب600 مليون دولار    خريطة أماكن ومدة ضعف مياه الشرب عن مدينة الفشن ببني سويف    أسعار شرائح الكهرباء بنهاية العام المالي 2024/25    موعد صرف مرتبات شهر يوليو 2025.. اعرف هتقبض كام بعد الزيادة الجديدة؟    مواقع الوحدات وكيفية التقديم على الطرح الثاني من مبادرة «سكن لكل المصريين 7»    الرئيس الروسي يدعو دول مجموعة البريكس لاستخدام العملات الوطنية    وزير خارجية إيران يبحث مع نظيره الفرنسي هجوم إسرائيل وأمريكا على طهران    عبد الناصر محمد: متفرغ كليًا للزمالك    اتحاد جدة يستعد لمعسكره الإسباني    تفاصيل اقتراب الزمالك من ضم لاعب البنك الأهلي    منتخب مصر للهوكي يتعادل مع عمان في ثاني مباريات البطولة الدولية الودية    لتنفيذ أعمال الصيانة.. تحويلات مرورية جديدة بالطريق الدائري الإقليمي    أم مصابة بشلل نصفي وأبناء قتلة.. جريمة تقشعر لها الأبدان في إمبابة    وفاء عامر: صورة لعادل إمام تهزم ملايين "التريندات".. المحبة الحقيقية لا تُشترى    تجهيز مركز طب أسرة الزهراء بمدينة طور سيناء استعدادا لبدء التشغيل    معتز وائل يتوج بذهبية نهائي كأس العالم للخماسي    وظائف جديدة في محافظة القاهرة (الشروط والمستندات)    «دي دي»: 20% من السائقين تقل أعمارهم عن 25 عامًا    بسبب خلافات بينهم.. الإعدام شنقاً للمتهم بقتل نجلي عمه في الشرقية    فيضانات تكساس الأمريكية تكشف عن قصور في هيئة الأرصاد الجوية    «المسلماني» يلتقي المايسترو سليم سحاب ويعلن رعاية مشروع «الثقافة لاكتشاف المواهب الموسيقية»    بعد مشوار طويل من النجاح.. أحمد إبراهيم يشارك الهضبة نجاح ألبوم ابتدينا    «الجوزاء أسئلته مزعجة».. 4 أبراج تحب التدخل في حياة الآخرين    أسماء المتقدمين لمنصب عميد كليتي العلوم والطب البيطري جامعة أسوان    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    مع فرار مئات السوريين.. الذخائر غير المنفجرة تزيد مخاطر حرائق اللاذقية    لخفض ضغط الدم- 8 أطعمة تناولها كل أسبوع    البحيرة.. فحص 587 طفلا ضمن مبادرة أطفال أصحاء بقرى كفر الدوار    هل يجوز الخروج من المنزل على جنابة؟.. أمينة الفتوى تجيب    نيرة أنور: البطولة العربية لسيدات السلة بداية قوية للأفروباسكت    بايرن ميونيخ يعلن رسميًا إصابة موسيالا بكسر في الكاحل وغيابه لفترة طويلة    وزير المالية: نمو الإيرادات الضريبية بنحو 35% دون فرض أعباء جديدة    هبة عبد الغني تنعى والدتها بكلمات مؤثرة: "حبيبتي وأمي وبنتي وصاحبتي مشيت"    محمد السيد الشاذلى: القضية الفلسطينية ستظل هي قضيتنا الأولى    الأرصاد: غدًا طقس شديد الحرارة رطب والعظمى بالقاهرة 37    دعاء السفر.. اللهم احفظنى فى سفرى وارزقنى السلامة    مرورا ببنها.. جدول مواعيد القطارات من الإسماعيلية إلى القاهرة اليوم الأحد 6 يوليو    موعد تشغيل مونوريل شرق النيل من العاصمة لمدينة نصر    طائرة خفيفة تجوب سماء الساحل الشمالي بعبارة "شكرًا شيكابالا".. فيديو    بعد امتلاء البحيرة، باحث بالشأن الإفريقي يكشف: إثيوبيا تملأ خرانا جديدا مع سد النهضة    كورتوا يدافع عن دوناروما أمام انتقادات التسبب في إصابة لموسيالا    محافظ الدقهلية يوجه بسرعة الانتهاء من تطوير كورنيش شربين على النيل    سلاح الجو الأمريكي يعترض طائرة فوق نادي ترامب بولاية نيوجيرسي    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    إعدام 13 طن أغذية فاسدة خلال حملات رقابية مكثفة بالمنيا    رفع قيمة وثيقة التأمين من الحوادث للمصريين بالخارج إلى 250 ألف جنيه    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالدقهلية    البحوث الإسلامية يطلق سلسلة الأطفال المرئية (أخلاقنا الجميلة) لتعزيز الوعي القيمي والتربوي    أحدث ظهور ل«هالة الشلقاني» زوجة الزعيم عادل إمام    «المصري للتأمين» يكشف دوره في دعم السلامة المرورية    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا في أساسيات الجراحة لتعزيز كفاءة الأطباء    عمرو الدجوي ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة    7 صور لمحمد مجدي أفشة في المصيف مع ابنه    "أنا بغلط... وبأندم... وبرجع أكرر! أعمل إيه؟"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صيحة مسلمة !
نشر في الشعب يوم 11 - 06 - 2008


أستاذة الحضارة الفرنسية

حينما كتبت مقال "خطبة الوداع" ، منذ بضعة أشهر ، بدأته بأننى لست ضليعة فى الخلاف القائم بين السُنة والشيعة ، ولست طرفا فيه لعدم إهتمامى بمعرفة تفاصيله ، ففى نظرى كلنا مسلمون نؤمن بالله عز وجل ، ونؤمن بكتابه الكريم ، وبرسوله صلى الله عليه وسلم وآله أجمعين. وهى دعامة أساسية تفتقر إليها الرسالتان التوحيديتان السابقتان ، لكثرة ما ألم بها من تغيير وتبديل وتحريف يكشف القرآن الكريم مختلف تفاصيلها كشفا لا ريب فيه ، ويحذرنا كل التحذير ألا نقع فيها !.. وكل ما همّنى هو التركيز على أهمية هذه الخطبة التى تمثل تلخيصا بليغا لأهم تعاليم القرآن الكريم ، وأولها أن دم المسلم محرّم على المسلم. فقد ساوى الرسول، صلوات الله عليه، هذه الحرمة مرة بأهمية يوم عرفة، أى أنها كأحد أركان الدين الخمسة. وساوى هذه الحرمة مرة ثانية بالكفر، أى أنها اسوأ ما يمكن لمسلم أن يقع فيه..

ومنذ أيام، علمت من نشرة الأخبار مساء بنبأ وفاة الفقيه العالم آية الله محمد رضا الشيرازى، أسأل الله له الرحمة وأن يجعل مثواه الجنة، ولم تكن تربطنى به سابق معرفة. وفى صباح اليوم التالى فتحت التلفاز لمتابعة الأخبار على قناة الأنوار، وما أن بدأ الإرسال حتى طالعنى وجهه الكريم وكان تسجيلا لدرس لم أسمع منه إلا آخر ربع ساعة بكل أسف، لكنها كانت كافية لأدرك منها عظمة الإنسان، وهدوء نفسه، ووضوح التعبير ببساطة وتمكّن، وخاصة رهافة حس يديه رحمه الله، فاليد فى نظرى كفنانة مكملة لتعبير الوجه وكاشفة مثله.. كان يتحدث عن النفس ورقيها. فتمنيت فى صمت: ليت كلماته وتعاليمه تبقى لتتواصل فى الأجيال وألا تتوقف مع هذه الإحتفالية الرهيبة فى تدفق مشاعرها..

وبعد العصر تابعت مراسم الجنازة على نفس القناة .. ويا له من مشهد رهيب لا يُنسى ، رؤية بحر بشرى يموج بأحزانه ونحيبه ، تتسابق فيه ما يزيد عن المليون نسمة لتكون فى وداع معلم يشهدون له بسعة العلم والأخلاق ، معلم بكته كل الأعمار !.. مشهد لا ينسى ولا يمحى من الذاكرة ..

وفى محاولة منى لمعرفة المزيد عنه أو عن الحياة اليومية والثقافية لإخواننا فى العراق ، فكل إنشغالى بكل أسف محصور فى متابعة المؤسسة الفاتيكانية بتفريعاتها والسياسة الغربية الجائرة فى ظلمها ، ومحاولاتهما المستميتة لإقتلاع الإسلام والمسلمين وهو ما يبتلع وقتى بكامله ! ففتحت أحد مواقع شيعة الموصل ، ولفت نظرى إعلان باللون الأحمر عن فتنة جديدة !. فبدأت بها ، ويا لهول ما قرأت ويا لهول ما وصلنا إليه !

وثيقة وقّع عليها إثنين وعشرين من علماء أرض الحرمين الشريفين ، وتبدأ ، ويا لغرابة ما تبدأ به بوضوح : ان فرق الشيعة تكونت "منذ عهود متطاولة بفعل بعض اليهود" !! وعلى الفور تساءلت بما ان الموقعين على هذا القول يعرفون انها وقيعة من اليهود وما أكثر ما قام به اليهود ولا يزالون ، لماذا نسمح باستمرار الوقيعة ؟! لماذا نسمح باستمرارها وهى ككرة الثلج كلما عُبث بها ودُحرجت على الجليد تراكمت عليها الثلوج فتنتفخ وتتزايد إلى ما لا نهاية حتى يصعب أو يستحيل التعامل معها من حجمها !!

ولا أقول هنا شيئا عن مستوى الأسلوب وكل ما به من اتهامات وتجريح أو خلط وتخليط بين الحاضر والماضى ، وهالنى ان أجد مثله ، وإن قل أو زاد ، فى الردود التى صاحبت التعليق على الوثيقة ! .. وأسكت عما رأيته فى التجول بين عدة مواقع أخرى .. أصابتنى غمة هى مزيج من المرارة والغثيان والخجل ، أن أرى بعيناى المستوى المتدنى الأليم الذى وصلنا إليه كمسلمين ، نحن ، نحن من قال الله سبحانه وتعالى فينا : "كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس" ( آل عمران/110) ..

ونظرا لكل ما ألاحظه يدور حاليا بين المسلمين من شقاق وتنافر وإقتتال ، لا يمكن لعاقل ان يقره أو أن يقبله ، إذ لا يستفيد منه سوى التعصب الصهيونى و المسيحى ، اللذان غرساه بين شعوبنا ، فلا أملك سوى أن أذكّر المسلمين بآخر أقوال سيد الخلق لنا فى خطبة الوداع التى أعلن بعدها قائلا : "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا" (المائدة/3) .. وهى خطبة هامة حاسمة إن لخصنا أهم ما جاء بها نجد : تحريم دم المسلم وماله على المسلم إلى يوم الدين ، تأدية الأمانة ، ثم عبارة و"إنما المؤمنون أخوة" وهو نص قرآنى يستشهد به ويُبلغه حامل الرسالة الإلهية ، فكيف للإخوة أن تتقاتل وتتبادل الإتهامت والقدح كالأعداء ، أيا كانت الأسباب وأيا كانت فداحتها أو صغرها ؟! بل ومرة ثالثة يؤكد سيد المرسلين ، صلوات الله عليه ، على جُرم تقاتل المسلمين قائلا محذراً بوضوح :
"لا ترجعن بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" .. و ترك لنا كتاب الله لو عملنا حقا بما أنزل فيه لما اجتاحتنا رياح الفرقة ولما كفرنا بنعمته علينا !

إن مصيرنا جميعا إلى التراب ، وإن أكرمنا عند الله هو أتقانا ، وأنه لا فضل لأى أحد على الآخر إلا بالتقوى. فهل إلتزمنا بما أنزله الله إلينا وبكل كلمة فيه ؟ هل إلتزمنا بالأمانة التى حمّلها الله عز وجل لنا ، و وردت ضمن وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام ، وراعينا حرمة الدم بيننا ؟ هل راعينا الأمانة ؟ أمانة التعريف بالإسلام فعلا وأمانة الدفاع عنه ؟ لو كل إنسان أجاب بصدق على هذه الأسئلة لخجلنا .. وأى خجل .. بل ويا لهول خجلنا من رسول قام بتحديد معالم الطريق ، واستأمننا على الرسالة واستشهد الله علينا أنه أبلغها ، فكيف سنلقى ربنا ؟! كيف سنلقاه بتقصيرنا وبتمسكنا بالهوامش الجانبية والمزايدات عليها أيا كان حجمها وأيا كان عمقها التاريخى ، وبتركنا لثوابت الدين وثوابت تعاليمه ؟!

واليوم ، طالعت الجزء الذى خصّته شبكة الموصل الثقافية للفقيه الراحل ، وكم فوجئت وتأثرت بمشاهدة صورة لورقة صغيرة ، عليها آخر ما خطه بيده الكريمة عشية وفاته ، وكأنه يعلم باقتراب الساعة ، فراح يحمّل الأجيال خلاصة حياته ، مرددا نفس ما كان قد خطه النبى صلوات الله عليه : " إنى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا " (25 جمادى الأول 1429) ..

وترتفع الصيحات فى الجوف .. أما حان الوقت لنفيق من ترّهات هى فى نهاية المطاف أو بلغة العصر صراعات على السلطة بكل تراكماتها ، ونعمل بوصية عزيزة أوصانا بها الرسول صلوات الله عليه ، وأعاد تكرارها بالأمس القريب فقيها عالما قبل الرحيل .. عبارة وكأنها تمثل مشوار المسلمين ومسيرتهم ، وكل ما أوصى به عقلاء الراحلين من بعد الرسول الأعظم ، ولا أخاله يختلف عن نفس هذه العبارة : التمسك بكتاب الله وبمكارم الأخلاق ..

صيحة من قلب مسلمة عصفت به فداحة الواقع وسواده .. واقع المسلمين فيما بينهم ، واقع الإخوة فى الدين وفى الرسالة والهدف ، وقد تكالبت عليهم الفتن بسبب الإنقسامات المفتعلة السائدة بينهم ، حتى بات البعض من الضياع ، يسهم مع الغرب فى اقتلاع الإسلام بيديه جهلا منه أو مرضاة لذلك الغرب الغاشم التعصب ..

فهل ذلك هو ما نبغاه حقا ونرضاه لدين الله ؟! أم نعتصم بالله ، ولا نكون كالذين تفرقوا من بعد ما جآتهم البينات ، وننفض عن كاهلنا عوالق الماضى ، لنعيش معا قوله تعالى :
" وإنما المؤمنون أخوة " ، نتكاتف لتأدية الأمانة دفاعا عن الإسلام الذى تم الترتيب لإقتلاعه أقرب مما تتصورون !..

ليت السواعد الأمينة القادرة على الفعل تمتد ، وتصفح ، وتتصافح ، لترسيخ كلمات وجهود رسولنا الكريم ، رائد الحضارة الإنسانية ، وكل من تبعه من العلماء الصالحين ، حتى لا تضيع رسالته هباء وتذروها الرياح ..

( السبت 7/6/2008 )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.