ما كشفته صحيفة الغارديان البريطانية قبل ايام عن “السجون الأمريكية العائمة” ليس بغريب على سياسة ونهج ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش، فهي فضيحة جديدة مكملة لقصة السجون الأمريكية الطائرة الشهيرة، وهي طائرات تابعة للمخابرات الأمريكية تجوب العالم وعلى متنها سجناء ومعتقلون، تنتهك فيها حقوق الإنسان باسم الديمقراطية، وتكمل اضلاع مثلث التعذيب الرهيب، بعد فضائح السجون الارضية من ابوغريب في العراق، الى معتقل غوانتانامو في كوبا، وما خفي من معتقلات سرية اخرى اعظم. 17 سفينة معتقلات عائمة تتخذها ادارة بوش حسب الصحيفة البريطانية لاستجواب المشتبهين بالارهاب المزعوم،تمارس فيها صنوف التعذيب في عرض البحر بعيدا عن اعين جمعيات ومنظمات حقوق الانسان ووسائل الاعلام خوفا من فضح جديد لممارساتها غير الإنسانية بحق السجناء والمعتقلين، بعد ان كشفت فظائعها في سجني ابوغريب وغوانتانامو. جرائم التعذيب الامريكية، حدث ولا حرج منذ عام 2001 أي بعد إعلان بوش عما يسميه الحرب على الارهاب ويكفي شبكة السجون الامريكية، التي تمتد كالأخطبوط في عدد من البلدان التي تحكمها حكومات حليفة للولايات المتحدة، حيث تنتهك فيها الحقوق، وتمارس فيها شتى صنوف التعذيب، مايخطر وما لم يخطر على بال أحد. هذه الجرائم فضحت السياسة الخارجية لإدارة بوش وأظهرت التناقض في كل تصريحاتها , وكذبت ما تدعيه من تطبيق للعدالة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في شتى أنحاء المعمورة. واشنطن لم تقف عند عولمة السياسة، بل ابتدعت عولمة التعذيب بحرا وجوا وبرا بفتح الكثير من حكومات الدول الحليفة لأمريكا، أراضيها ل CIA لإقامة السجون السرية حيث يزج فيها كل من لا تروق آراؤهم وسياساتهم للولايات المتحدة تحت ذريعة ما تسميه مكافحة الإرهاب. ان تعذيب السجناء في المعتقلات الأمريكية في العراق وأفغانستان وفي غوانتانامو و”أماكن سرية” أخرى حول العالم،هو خرق واضح لمعاهدة جنيف وللقوانين المناهضة للتعذيب، خاصة ان غالبية المعتقلين في جميع المعتقلات الامريكية الذين تعرضوا للتعذيب حسب تقارير الوكالات المدنية كالصليب الأحمر وحتى هيئات التحقيق الأمريكية الرسمية هم من الأبرياء. ما ترتكبه امريكا في سجون ما تسميه “محاربة الارهاب” اقل ما يجب ان يقال عنها هي جرائم في حق الانسانية وليس انتهاكات، لأن الانتهاك يكون استثناء عادة، ولكن هذه الجرائم هي استراتيجية امريكية تنتهك اتفاقية جنيف والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وهي استراتيجية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ولا تحتاج الى دليل، والشواهد على ذلك كثيرة ويكفي سجون ابوغريب وغوانتانامو اضافة الى الطائر منها والعائم وما بقي في طي الكتمان حتى الآن.