أسعار الأسماك بكفر الشيخ الجمعة 3 أكتوبر 2025    مصر جاهزة لاسقبال مياه الفيضان وتحذيرات لأهالى طرح النهر بالمنوفية.. فيديو    وزير قطاع الأعمال العام يشهد تكريم الشركات المصرية المشاركة في صيانة "كيما"    سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    وزيرة داخلية بريطانيا تنتقد احتجاجات دعم غزة بعد هجوم مانشستر وتصفه بالمشين    الاستخبارات الدنماركية: "خطر كبير" يستهدف القوات المسلحة    الأمم المتحدة: الحديث عن منطقة آمنة في جنوب غزة مهزلة    قائمة الخطيب تتقدم رسميا لخوض انتخابات النادى الأهلى    محمد زيدان يتعرض لأزمة صحية ونقله لأحد المستشفيات    سيف الدرع نجم مصري يحلق بكرة اليد فى العالمية بقميص برشلونة    وزارة النقل تناشد المواطنين المشاركة بالتوعية للحفاظ على مرفق السكك الحديدية    الداخلية تواصل ضرباتها ضد المخالفات بضبط 4124 قضية كهرباء و1429 بالمواصلات    أنا اللى هحلق الأول.. جريمة قتل مأساوية داخل محل حلاقة فى أكتوبر    ضبط أحد الأشخاص و3 سيدات لقيامهم بممارسة الأعمال المنافية للآداب بمقابل مالي بالإسكندرية    سامح حسين: فوجئت بفكرة فيلم استنساخ واتمنيت منوصلش للزمن ده    "فيها إيه يعنى" يحقق انطلاقة قوية بأكثر من 5 ملايين جنيه فى يومين فقط    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    حفلة الإنس والشياطين: ورأيت كاتبًا يتسكع فى فن القصة القصيرة    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    حكم البيع الإلكترونى بعد الأذان لصلاة الجمعة.. الإفتاء تجيب    نجاح أول جراحة قلب مفتوح داخل مستشفى النصر التخصصى ببورسعيد    «استشاري حساسية» يحذر أجهزة الجيم ملوثة 74 مرة أكتر من الحمامات    7 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات رئاسية حاسمة للحكومة ورسائل قوية للمصريين    «نظام اللعب السبب».. رد مفاجئ من سلوت بعد غياب محمد صلاح عن التسجيل    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    مخرج «استنساخ»: سامح حسين مغامر واعتبره رمزًا تأثرت به كثيرًا    انتخابات مجلس النواب.. أسماء محافظات المرحلة الثانية    السد العالي والناس الواطية!    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    محافظ الإسكندرية يعلن الانتهاء من رصف وإعادة الشيء لأصله في 16 شارعاً (صور)    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    فوائد السمك للطفل الرضيع وشروط تقديمه    مواعيد مباريات الجمعة 3 أكتوبر.. البنك الأهلي ضد المصري والدوري الإنجليزي    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بريطانيا..مقتل 2 وإصابة 4 في هجوم دهس وطعن خارج كنيس يهودي    القبض على قاتل شاب بقرية ميت كنانة في القليوبية إثر خلاف مالي    إسرائيل تستهدف منظومة دفاعية لحزب الله في جنوب لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    تصريح صادم من سماح أنور عن المخرجة كاملة أبو ذكري    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    ترامب يستغل الإغلاق الحكومي لشن عمليات فصل وعقاب سياسي    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    مواقيت الصلاة اليوم وموعد خطبة الجمعة 3-10-2025 في بني سويف    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «أفضل صفقة».. باسم مرسي يتغزل في مهاجم الزمالك    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزل الخليج عن العمق العربي
نشر في الشعب يوم 19 - 01 - 2008


عبد الباري عطوان

لعلها الصدفة التي تجسد حال الانهيار القيمي والاخلاقي، تلك التي تمثلت في اقدام القوات الاسرائيلية علي ارتكاب مجزرة في قطاع غزة في الوقت الذي كان يستقبل فيه الرئيس جورج دبليو بوش استقبال الابطال، يرقص العرضة التقليدية، ويتلقي السيوف المذهبة، وانواط الشجاعة، ويتذوق المأكولات العربية الشهية.
فايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي، والصديق الحميم للرئيس بوش، باعترافه في كلمته الترحيبية التي القاها لحظة الاستقبال في مطار بن غوريون، ما كان يقدم علي هذه المجزرة، لو كان يعتقد انها يمكن ان تشكل احراجا له او لمضيفيه في ارض الحرمين الشريفين. الامر الذي يؤكد انها جاءت نتيجة اتفاق مسبق، وفي اطار استراتيجية اعلان الحرب علي دول محور الشر والمنظمات المرتبطة بها، والفلسطينية منها علي وجه الخصوص.
الرئيس الامريكي لم يأت الي المنطقة من اجل تحقيق السلام، واقامة الدولة الفلسطينية، وانما من اجل تثبيت دعائم اسرائيل كدولة يهودية عنصرية، وبناء التحالف الجديد الذي سيضمها مع دول خليجية اخري لمواجهة النفوذ الايراني المتصاعد، علي حد وصفه، فالرجل لم يستطع ازالة حاجز واحد من ستمئة حاجز في الضفة الغربية، او مستوطنة واحدة غير شرعية، فكيف سيقيم دولة، ويتعامل مع قضايا الوضع النهائي؟.
فعندما يسقط الرئيس الامريكي مصر الدولة العربية الاكبر، ووسيط السلام المعتمد من جولته الحالية، ويتوقف فيها لبضع ساعات من اجل رفع العتب، ويطالبها بتبني دور جديد وهو قيادة المد الديمقراطي، وليس السلام في المنطقة، فان هذا يعني ان الثقل الاساسي في الاستراتيجية الامريكية، والغربية بشكل عام، انتقل الي منطقة الخليج.
فسورية محاصرة، ومصر مهمشة كليا، والعراق خاضع للاحتلال، والمغرب العربي معزول، وليبيا تتخبط، والسودان غارق في ازمات دارفور والجنوب، واليمن يواجه خطر الانفصال والتفتيت، ولبنان يعيش فراغا دستوريا ويقف علي حافة هاوية الحرب الاهلية واللااستقرار الامني والسياسي. وهكذا لم تبق غير منطقة الخليج متماسكة لكي تنفرد بها واشنطن والدول الاوروبية الاخري وامتصاص عوائدها النفطية الهائلة في صفقات اسلحة ضخمة.
ہپہپہ
جولة الرئيس بوش الحالية تركزت بالدرجة الاولي علي اسرائيل ومنطقة الخليج، اي العالم العربي الجديد ، واسقطت العالم العربي القديم كليا، لان النفط واسرائيل هما القرنان اللذان تدور عليهما رحي السياسة الخارجية الامريكية حاليا.
وكان لافتا ان منطقة الخليج شهدت جولتين علي درجة كبيرة من الاهمية، الاولي للرئيس بوش والثانية لنيكولا ساركوزي حليفه الجديد في العداء لمحور الشر العربي الايراني، فالاول اتفق علي صفقات اسلحة للمملكة العربية السعودية باكثر من ثلاثين مليار دولار، والثاني بعشرين مليارا اخري، ووقع اتفاقا باقامة قاعدة عسكرية فرنسية في ابوظبي عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة.
الاقتصاد الغربي يقف حاليا علي حافة حالة من الركود، بدأت تنعكس بشكل واضح علي تراجع متسارع في اسهم الشركات العالمية، فبورصة لندن خسرت سبعة الاف نقطة في اقل من شهر، ووصلت الاسهم الاوروبية الاخري الي ادني معدلاتها في عامين تقريبا، والشيء نفسه يقال عن نظيرتها الامريكية، وليس هناك غير النفط العربي لكي يكون وعوائده عجلة الانقاذ الأوحد في هذا الصدد. فلم يكن مفاجئا ان يطلب الرئيس بوش من مضيفيه السعوديين، وسط انشغاله بالرقص بالسيوف، تخفيض اسعار النفط، من خلال زيادة الانتاج باكثر من مليون برميل يوميا.
عزل منطقة الخليج، عن قضايا المنطقة الاساسية في فلسطين والعراق، وربطها بالكامل مع الخطط الامريكية، والتفرد بها بالشكل الذي رأيناه اثناء جولتي بوش وساركوزي سينعكس خطرا علي جميع دول المنطقة، لان الامن القومي العربي مترابط، ووحدة متكاملة، وأي محاولة لتفتيته ستترتب عليها نتائج خطيرة جدا.
مضافا الي ذلك ان هناك قوي عظمي صاعدة مثل الصين والهند اقرب اليها من واشنطن جغرافيا علي الاقل.
صحيح ان دول العالم العربي القديم مثل مصر وسورية علي وجه الخصوص تخلتا عن دوريهما في قيادة المنطقة بسبب قصر نظر بعض قياداتهما، والانجرار خلف الاملاءات الامريكية في العراق علي وجه الخصوص مثلما هو حال مصر، ولكن هذا الانسحاب ربما يكون مؤقتا، فالدولتان اذا ما قررتا التمرد ، منفردتين او مجتمعتين، تستطيعان خلط الاوراق وقلب الامور رأسا علي عقب في المنطقة.
ہپہپہ
الخطأ الاكبر في التوجهات الامريكية الجديدة لا يتمثل فقط في عزل سورية ومصر عن امن الخليج، وهما اللتان كانتا العمود الفقري فيه، ولولاهما لما تحررت الكويت، وانما ايضا عن القضية العربية المركزية الاولي فلسطين، واستبدالها باسرائيل بعد ان تحولت الي صديق في مواجهة العدو الاكبر الجديد للعرب وهو ايران.
اننا نري بوادر صحوة، ومؤشرات تمرد، ان لم يكن علي مستوي القيادة في مصر، فعلي الشعب ومؤسسات المجتمع المدني علي وجه الخصوص، بعد ان طفح كيل الطرفين من شدة الاهانات التي لحقت ببلدهما علي ايدي اسرائيل وامريكا وعمليات الابتزاز المستمرة من نظام هرم فاقد الرؤية والبوصلة الوطنية منها والاقليمية.
الادارات الامريكية المتعاقبة حاولت اكثر من مرة فصل الخليج عن المستودع البشري والراديكالي في مصر وسورية والمغرب العربي بتهميش القضية الفلسطينية بجعلها ثانوية لحساب قضايا اخري طارئة في حينها مثل الحرب العراقية الايرانية، ثم بعد ذلك حرب احتلال الكويت، وتأسيس منظمة اعلان دمشق، واخيرا شيطنة ايران وجعلها الخطر والعدو الاكبر للعرب. ومثلما فشلت المحاولات الاولي في اعطاء أكلها، ستفشل المحاولة الحالية التي يتزعمها الرئيس بوش وبعض القيادات الخليجية الجديدة ذات الميول الامريكية.
ہپہپہ
فلسطين كانت دائما القضية المحورية، وستظل كذلك، وما يجري حاليا في قطاع غزة من مجازر وسط صمت عربي، وتواطؤ عالمي، ربما يكون عنصر التفجير الذي يقلب كل المعادلات. فالمقاومة لن تهزم، ومشروع بوش لن يعطي ثماره.
اسرائيل تشن حاليا حرب ابادة بالتقسيط ضد الشعب الفلسطيني، وسيسقط شهداء كثيرون في الايام المقبلة، مثلما سقطوا علي مدي ستين عاما ماضية، فالشعوب لا تختار اقدارها، وبعضها لا يهرب من المواجهة، والشعب الفلسطيني عنوان رئيسي في هذا الاطار.
الحرب الاسرائيلية هذه دموية بكل المقاييس، ولكن قد يأتي الخير من باطن شرها، فالسلطة الفلسطينية في رام الله في النزع الاخير، والمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي اطلقها بوش في انابوليس باتت قنبلة موقوتة ستنسف الطرف الفلسطيني الغارق فيها، وربما يخسر الرئيس عباس بعد ان خسر الضفة.
المجزرة الاسرائيلية الاخيرة، طهرت حركة حماس من كل اخطائها، وهي كثيرة، واعادت التفاف الشعب الفلسطيني حولها وفصائل المقاومة الاسلامية الاخري، واضعفت موقف فريق الرئيس عباس، وافقدته ما تبقي له من مصداقية في اوساط القلة الفلسطينية. فهكذا تكافيء امريكا واسرائيل حلفاءها.
الغارات والتوغلات الاسرائيلية ستستمر في غزة ونابلس وجنين وعدد الضحايا سيرتفع يوما بعد يوم، ولكن ما لا تدركه القيادتان الاسرائيلية والامريكية انهما لا تقضيان علي المعتدلين الفلسطينيين فقط، وانما علي الاجنحة المرنة في صفوف حماس نفسها، فمحود الذزهار بات الاكثر شعبية بعد فقدانه نجله الثاني شهيدا الي جانب شقيقه الاكبر، لانه اثبت ان قيادات حماس تضحي بابنائها وليس بابناء الاخرين، وان هؤلاء الابناء هم مقاتلون وليسوا منخرطين في البزنس والصفقات التجارية.
السياسة الخارجية الامريكية تدخل حاليا حقل الغام جديد، شديد الانفجار، ولعله يكون الخطأ الاخير الذي يمهد لصعود الصحوة العربية والاسلامية المنتظرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.