أصبح انتشار السايس فى شوارع المحروسة أمرا واقعا لا يمكن التغاضى عنه أبدا، هو أمر واقع له طابع كابوسى مستفز جدا ويتطلب سرعة تدخل حكومى واضح لإنقاذ أصحاب السيارات من السايس الذى فى الغالب يراه كل من يتعامل معه ك «بلطجى مستتر خلف ستار أكل العيش»، فهى مهنة من لا مهنة له، فالعمل بها لا يتطلب سوى «فوطة زفرة» و«جردل مية» يمسكهما شخص بذىء اللسان وقح الأسلوب ويسير بهما فى الشارع قليلا حتى يجد مكانا تركن فيه السيارات بشكل ملحوظ فيقف فيه معلنا أن هذا المكان من اليوم ملكه وعلى جميع المارين منه الخضوع لطلباته وإلا فلن يسلموا من بذاءاته ولن تسلم سياراتهم من تخريب يده! كانت بداية ظهور السايس أولا محصورة فى مناطق تحت الكبارى والساحات الخاصة وجراجات العمارات والشركات والأماكن العامة وكانت هناك تعريفة موحدة لركن السيارات لا تتغير ولا يحدث تلاعب فى قيمتها وصاحب السيارة يأخذ وصلا بما دفعه مقابل ركن السيارة فكان الأمر يتم فى إطار لائق ولا يوجد به أى شكل من أشكال الابتزاز والبلطجة، أما الآن أصبح فى كل الشوارع سايس، فى كل الأماكن سايس، حتى عند الحارات والأزقة تجد صاحب كشك على الناصية يتحول فجأة لسايس عندما تظهر سيارة أمامه، تطور الأمر لدرجة تشعر بأن هناك سايس لكل مواطن ولو فتحت صنبور بيتك سينزل منه أيضا سايس ولا أحد فى المحافظة يستطيع أن يرد علي كم الاستفهامات التى تعج بها عقول الناس عن وضع السايس الذى فرض عليهم رغما عن أنوفهم !! أنا مأجر المكان ده من الحى أول إجابة يرد عليك بها السايس وأنت تسأله عن مدى قانونية وقوفه فى الشارع هكذا وجمع أموال من الناس تحت مسمى سايس هى أنه مأجر المكان الواقف فيه من الحى ويدفع على ذلك رسوما شهرية وإتاوة أيضا لكبار المنطقة على تلك الوقفة، ولو سألته عن إيصال يثبت أنه استلم تعريفة الانتظار ستجد الحجج لا تعد ولا تحصى وفى النهاية لن تصل لأى شىء سوى أنك ستدفع رغما عنك، هكذا يرد كل سايس فى منطقة وسط البلد وهكذا يصيبك بالإحباط وهو يخبرك أن هذا العمل البلطجى بغطاء حكومى ويباركه رئيس الحى والمحافظ أيضا، ولو حاولت الرجوع للحى أو المحافظة لمراجعة هذا الشأن لن تصل لشىء ولن يفيدوك هناك بإجابة توضح مدى قانونية ما يحدث فى مسألة السايس هذه مش أحسن ما أمد إيدى وأسرق ؟ لو حاولت أن تبدى استياءك من ظهور السايس فجأة أمامك وطلبه منك مالا مقابل الوقوف بسيارتك، سيرد عليك بتلك الجملة التى يحمل كل حرف منها المادة الخام للنطاعة والسخافة قائلا ز س م. س. ح 35 سنة يعمل سايس فى أحد شوارع رمسيس وقالها أيضا س .ر .م 28 سنة يعمل سايس فى شارع محيى الدين أبو العز بمنطقة الدقى ، وتبدو هذه الجملة أسطوانة عامة يحفظها كل من يعمل فى تلك المهنة ليقذفها فى وجه المستاء من النطاعة وأسلوب اللبتزاز، وكأنه هنا يخيرك بين أن تتقبل بلطجته ونطاعته وتدفع، أو ترفض فتجد أمامك مجرم يهدد أمنك وأمن سيارتك أو يريد بهذه الإجابة إشعارك بذنب المسئولية عن الدفع بمجرم جديد فى المجتمع لو لم تساعده وتعطيه، وكأنك فى كل الأحوال ستكون مخطئا ومدانا لو لم تستجب وتخرج من جيبك ما يريد. هات عشرة علشان آخد بالى من العربية فى الغالب أصبح المتعارف عليه بالنسبة لتعريفة ركن السيارة فى الشوارع خمسة جنيهات، لكن هناك سايس يعشق الجشع ولو وجد فى سيارة ما يعكس الارتياح المادى لصاحبها أو صاحبتها فتجده هنا يطلب الضعف ويلوح لصاحب السيارة لو اعترض بأنه سيكون غير مسئول عن السيارة لو حدث لها أى شىء، أما لو دفع العشرة جنيهات سيكون بجوارها ليحميها من الأذى والسرقة حتى يعود فيضطره للدفع افتداء سيارته من الخدش والكدمات التى يتعمد السايس فعلها لو «عصلج» معه الزبون، هكذا اعترف ع .ع .أ 40 سنة سايس بمدينة نصر وأكد أنه يفعل ذلك لأن الغنى لابد أن يشعر بالفقير والعشرة جنيهات لن تفرق مع صاحب السيارة لكن بكل تأكيد ستفرق مع شخص واقف فى الشارع طوال اليوم بحثا عن أكل العيش، ويبدو أن هذا النوع من السياس مقتنعون بوجهة نظر تدفعهم دوما لمعاقبة كل شخص يرون أن الله قد أنعم عليه بالمال .. صف تانى أغلى وهتسيب المفتاح وفى تطور أكبر لاستفحال ظاهرة جشع السايس وطمعه نجد أنه لا يكتفى بملء المكان الذى يقف فيه بالسيارات عن آخره ، ويبدأ فى ركن سيارت إضافية صف تانى ولكن بتعريفة أغلى على اعتبار أنه وفر على صاحبها مشقة اللف على مكان فارغ وجعله يتحرك بسهولة غير معني بالزحام ويترك له المفتاح ليحركها وقت الحاجة، وهذا فى حد ذاته مجاذفة لأنه قد يخرب فيها شىء أثناء تحريكها ويحدث ذلك عادة فى الشوارع الجانبية لكل المناطق .. أحيانا يعود صاحب السيارة فيجد السايس يطلب زيادة فى تعريفة الانتظار لأنه «غسل السيارة» بغض النظر عن رأى صاحبها فى الموافقة على ذلك من عدمه، الغسيل أيضا شكل من أشكال الابتزاز والبلطجة المقنعة، لأن أى تصرف فى السيارة دون إذن صاحبها ورضاه المفروض أنه يعد كذلك .. أما أصحاب السيارات ، فهم فعلا يعانون الأمرين من مهنة السايس، وكثير منهم يحدث مصادفة أن يسير بلا مال فيجد نفسه فى صدام مع السايس، الأمر الذي قد يصل إلى التشابك بالأيدى وتحرير محاضر فى أقسام الشرطة.. تقول أميرة حسن محمود إنها تحتاج يوميا لركن سيارتها فى شارع مصدق بالدقى وهناك تجد سايس أجبرها على أن تخصص جزءا ثابتا من مرتبها شهريا له حتى تريح رأسها من التصادم اليومى معه ومن القلق على سيارتها المركونة فى محيطه، فيما يؤكد محمد عبد الدايم صاحب محل قطع غيار سيارات برمسيس أنه يستطيع طرد السايس المرابط فى شارعه لأن أسلوبه مستفز وطريقته فى جمع المال من الناس سخيفة إلى أبعد حد لكنه يثير استعطافه دوما بجملة «سيبنى أكل عيش وأربى عيالى» كل هذا يحدث لأن الدولة لا تتحرك لمواجهة تلك البلطجة المقنعة وتترك الأمر يستفحل يوما بعد الآخر للدرجة التى وصل بها الحال «يا تدفع يا هنكسرلك العربية»، والمحافظ لا يناقش رئيس الحى فى حل المشكلة ولا توجد أى رؤية للمواجهة لا فى الوقت الحاضر ولا حتى فى المستقبل البعيد ..