وصف المقال الافتتاحي لصحيفة هآرتس اليوم الجمعة حالة انعدام الرؤية والتخبط في وضع الأهداف التي يعانيها اليسار الإسرائيلي متمثلاً في قائمة المعسكر الصهيوني «التي تضم حزب العمل بقيادة يتسحاق هرتسوج، والحركة بقيادة تسيبي ليفني». ووصفتها الافتتاحية بأنها «قائمة مشلولة» مستدلاً على ذلك بحملة المعسكر الانتخابية، مشيرةً إلى أنه على الرغم من أن هرتسوج وليفني يرغبان في أن يكونا بديلاً عن نتنياهو إلا أن جوهر الحملة الانتخابية مازال كما هو، حيث تروج إلى أن المشكلة في حكم الليكود هي شخصية رئيس الوزراء وليس سياسته الهدامة، كما أنهما يقدمان نفسيهما للجمهور وكأنها سينفذان على نحو أفضل منه خارجياً وأمنياً أكثر من التي وضعها حزب الليكود، مغلفين ذلك ببعض الوعود الاقتصادية الجوفاء من قبيل «المال يعود للجمهور» و«الأرض مجاناً لبناء شقتك». ومن جهة أخرى انضم هرتسوج وليفني إلى أحزاب اليمين في رفض ترشح عضوة الكنيست العربية حنين زعبي في الانتخابات، وبهذا اتفقا الاثنان مع خط الليكود تجاه الديمقراطية واحترام الأقليات وضمان حرية التعبير. ومن الممكن الزعم بأن كل هذا مناورة تكتيكية لجذب أصوات اليمين الذي ضاق ذرعاً بنتنياهو، ولكننا نرى كثيراً أن تكتيك المعسكر الصهيوني أيضاً هو استراتيجيته. وبات الهدف الرئيسي لحكم اليمين بقيادة نتنياهو ونفتالى بينين رئيس حزب "البيت اليهودي" وأفيجدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" هو ضم الضفة الغربية لإسرائيل من خلال ترسيخ نظام فصل عنصري يعيش معه ملايين الفلسطينيين بدون حقوق مدنية إلى جانب الكثير والكثير من المستوطنين اليهود الذين يتصرفون وكأنهم أسياد الأرض. أما الهدف الفرعي فهو قمع الطموحات الاجتماعية والسياسية للمواطنين العرب. إن من يرغب في تغيير السلطة يجب أولاً أن يقف ضد تحول إسرائيل إلى دولة فصل عنصري، وأن يسعى لدمج المواطنين العرب في دولة تسودها المساواة. فهذه قضايا مصيرية أكثر لمستقبل إسرائيل وليس أسعار السكن أو رياض الأطفال. وعلى موقعه الإلكتروني يقطع المعسكر الصهيوني تحت بند "أفق سياسي" وعداً بأن يحشد العالم الى جانبه في مواجهة الإرهاب ومواجهة جيراننا. وهذا يعني أن يدير الصراع مع العرب بشكل أفضل من نتنياهو. وهو ما يعني أن هرتسوج وليفني تنازلا حتى عن السعي لتحقيق السلام مع الفلسطينيين، ويتفقان مع نتنياهو وبينت بأنه لا يوجد شريك فلسطيني، وعليه يجب التعايش مع هذا الوجع، فإذا كان هذا هو موقف الاثنان فلا عجب أن يتفوق عليهما في استطلاعات الرأى، فالجمهور الذي يؤيد سياسة الليكود سيفضل الأصل وليس التقليد الردئ الذي يقدمه لنا هرتسوج وليفني.