كان واحداً بين عشرات يقومون بمهمتهم اليومية فى إنقاذ المئات من انفجارات متوقع حدوثها، لم يكن يخشى الموت، ففى كل مهمة كان يخرج فيها النقيب ضياء فتحى لفحص جسم غريب أو محاولة تفكيك قنبلة كان يتخذ إجراءاته كمن هو ذاهب للموت، يحاول الاتصال بأسرته ليودعها على طريقته.. ثم يبدأ فى التجهيز للمهمة، فى كل مرة كان يذهب ثم يعود منتصراً بقدرته على تفكيك قنبلة قبل أن تنفجر فى المواطنين، كان يشعر بالفخر لحساسية مهمته ودوره، لكنه فى هذه المرة لن يعود مجدداً، قال لنا الشهيد ضياء قبل رحيله فى لقاء حصرى أجرته الجريدة معه فى أوائل أغسطس 2013، إنه لا يخشى الموت، بل ينتظر أن يموت شهيداً فى محاولاته الدائمة لتفكيك القنابل، أخبرنا بأن بذلته الواقية التى يصل وزنها لنحو 15 كيلوجراماً يرتديها فقط من أجل الحفاظ على جثته إذا ما انفجرت القنبلة فيه، أمس استشهد النقيب ضياء أثناء فحصه لجسم غريب تم الإبلاغ عنه أمام قسم شرطة الطالبية، ليلفظ الشهيد أنفاسه كما تحدث إلينا فى الموضوع الذى نعيد نشره من جديد: صور لضابط المفرقعات ضياء فتحى أثناء تجهيز سترته الواقية صوت الجرس يُدوى فى مبنى إدارة الحماية المدنية بالجيزة هو إشارة البدء لتنطلق أفراد القوة المعنية للتجهيز لمهمتهم المطلوبة، يستعدون بخروج أولى سيارات المطافئ فى حالة ما إذا كان البلاغ عن نشوب حريق فى أحد المبانى، قد يطال أحدهم سوء، وهو ما وقع على أحد الضباط الذين خرجوا لإخماد حريق مبنى محافظة الجيزة فى الأحداث التى وقعت مؤخراً من قِبل مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى، الإصابات التى يخرج بها الضابط أياً كانت هى فى الحقيقة أخف ضرراً مما قد يتعرّض له زميله الآخر الذى يعمل فى إدارة المفرقعات، فخروجه فى كل مرة يعنى استشهاده، إلى حين عودته سالماً من تلك المهمة، وهو ما يؤكده النقيب ضياء فتحى الذى تلقى تدريبات خاصة على التعامل مع المفرقعات وكيفية إبطال مفعولها لمدة 6 أشهر كاملة بإحدى الإدارات التابعة لوزارة الداخلية. «ضياء» الذى يتوقع موته فى كل مرة يخرج فيها لمهمة عمل يؤكد أن المخاطر المحيطة بمهنته أكبر بكثير من تلك المصاحبة لأى مهنة أخرى، ويقول: «الغلطة الأولى هى الأخيرة دائماً فى تلك المهنة». يتذكر «ضياء» عندما تلقى بلاغاً من النجدة بوجود جسم غريب أسفل كوبرى الجامعة خرج كعادته فى كل مهمة، مستعداً لمهمته بالركوب فى سيارة المفرقعات، لديه سترة خاصة يرتديها بمساعدة اثنين من فريق العمل الذى تحرّك معه لثقل وزنها إذ يبلغ وزنها نحو 35 كيلوجراماً، تعمل فى إطار تبريدى محدد، ولتلك السترة دور واحد أساسى وهو الحفاظ على الجثة من أن تتحول إلى أشلاء فى حالة حدوث انفجار، ولكنها لا تعنى الحماية له من الموت، فمهمته هى الأخطر بين باقى زملائه، يظل «ضياء» مثقلاً بمهمة كبيرة فى توقيف مفعول قنبلة ألقاها أحد الإرهابيين فى مكان ما بهدف تدمير المنشآت وقتل المواطنين. يبدأ «ضياء» فى جمع كل أدواته المطلوبة من خوذة يبلغ وزنها نحو 15 كيلوجراماً موصلة بميكروفون لسماع مَن حوله، يبدأ فى عمل كردون أمنى على مسافة نحو خمسين متراً من فريق العمل يتحرك بجهاز الكشف المعروف باسم «الفلات إسكان» الذى يقوم بتصوير الجسم الغريب أياً كان حجمه وكشف ما به من متفجرات، أشبه بالبوابة الإلكترونية التى تكشف الأجهزة الخطرة فى المطارات والمبانى الحيوية. يتحرك «ضياء» عبر أسلاك تصل فى طولها إلى نحو خمسين متراً يبدأ فى مهمته بكشف ما فى داخل العبوة، ثم يبدأ فى العمل على إبطال المفعول الكهربى بها، ثم يقوم بإطلاق مدفع من المياه لتفريق البارود المتجمع بها، هنا فقط تبدأ مرحلة الأمان، حينما ينجح فى إبطال مفعول تلك القنبلة، وهو ما حدث بالفعل فى القنبلة التى ألقيت أسفل كوبرى الجامعة منذ فترة قصيرة، ليظل «ضياء» متوقعاً موته فى أى لحظة وقائماً بدوره الذى لن يتخلى عنه فى الحفاظ على حياة المواطنين من القنابل.