** مصر المحروسة حماها الله تجاوزت المأساة بفضل الله وجهود المخلصين ويقظة العقلاء من مسلميها وأقباطها لما يحاك لها .. لكن فرحتنا بتجاوز المحنة لا يمكن أن تنسينا ضرورة مراجعة الهوامش على دفتر المأساة .. هوامش بلون كالح ومفردات بغيضة .. نراجع الهوامش ونغلق ملفاتها حتى لا تبقى صديداً تحت الجرح الذى نظن غفلة - أنه التأم .** نحن نقدر مشاعر اخواننا الاقباط ونجد ألف مبرر لغضبهم .. لكن هل من مبرر لرفع لافتات فوق الصليب تقول : ياريسنا ياطيار قلب القبطى مولع نار - بالروح بالدم - نفديك يا صليب - الصحافة فين - النصارى هم نموت ويحيا الصليب والانجيل والصليب هم الأول والأخير - مش حنطاطى مش حنطاطى - إحنا سئمنا الصوت الواطى وهذه فقط عينة من شعارات تذكرك بهزيمة 1967 وحرب 1973.. مين بيحارب مين؟! يا جماعة فيه إيه .. يا إخوانا دى مش مصر.** أما المشهد الأكثر إيلاماً فكان حين ذهب رموز الإسلام شيخ الأزهر ومفتى مصر ووزير الأوقاف وعدد من علماء الأزهر لتعزية قداسة البابا شنودة .. فقد ردد الغاضبون هتافات الدرجة الثالثة فى الإستاد قاعدين ليه .. ما تقوموا تروحوا وحين انتهى العزاء الذى حرص عليه الرموز وكادوا يخرجون , حال الغاضبون بين شيخ الأزهر وسيارته وعندما نجح رجال الأمن فى توصيله إليها صب المتجمهرون جم غضبهم على السيارة حيث ركلوها بالأرجل ورشقوها بالصلبان .. أما ما حدث للشيخ على عبد الباقى أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فهو يفوق الوصف .. إذ جذبوه من ملابسه الأزهرية وأرادوا أن يطرحوه أرضاً لولا أن خلصه الأمن من أيديهم وأعاده ومن معه إلى داخل الكاتدرائية ليبقوا أكثر من الساعة حتى هدأ الغضب .. هل هذا غضب أم قلة أدب؟! وبأخلاق الكبار يرد شيخ الأزهر حين سئل عما حدث له ولمرافقيه : اللى عاوز يعمل الواجب لا زم يتحمل ..وأنا أقول : عيب اللى حصل والحمد لله أنها جت على قد كده .. لكن مش دى مصر ... ومش دى أخلاق المصريين أقباط أو مسلمين** وبالمناسبة أنا مش زعلان من إخواننا الأقباط بس.. أنا زعلان مننا كلنا علشان كلنا .. وياريت نراجع أنفسنا علشان مصر ... وهذه مجرد عينة من اخبار محزنة هذا الشهر:** سامح طالب بالمعهد العالى للخدمة الاجتماعية فى بنها تشاجر مع عمرو السائق بسبب هاتف محمول فمزق جسده حتى الموت.** رجل أعمال اشتهر باسم حوت السكر اصدر شيكات بدون رصيد ب 300 مليون جنيه .. لمن؟ لجهاز المدعى العام الاشتراكى .. تخيلوا؟! فما كان من المحكمة إلا معاقبته بالسجن تسع سنوات ورد المبلغ** آلاء فتاة فى الثانية عشر من عمرها كانت فى الأسانسير وأثناء خروجها منه حدث عطل مفاجئ فى آلات التحريك الكهربائية فانشطر جسدها إلى نصفين وتوزعت أجزاءه بين جدران المبنى وجدران المصعد .. وراحت آلاء ضحية جرم المهملين** أثناء عودة أحمد من معرض السيارات الخاص به أوقفه ضابط فى لجنة أمنية وطلب منه إبراز تحقيق الشخصية ولما أعطاه له طلب منه حضرة الضابط ركوب سيارة الشرطة ولم يكد يكمل سؤاله عن السبب حتى أمر الضابط المخبرين بأن يروقوا الزبون ونفذ المخبرون الأمر وقيدوه وبدأوا بركل الأقدام ثم دفعوا به إلى السيارة وعندما وصل القسم سحبوه مثل الذبيحة حتى الدور الثالث وبعد ساعتين استدعاه حضرة الضابط وهدده بأنه سوف يلفق له قضية مخدرات وطبعاً الضباط الباشوات رفضوا تحرير محضر ضد زميلهم ولم يرضخوا لحقه إلا بعد قرار النيابة .. لو صدقت حكاية أحمد فما الذى يمنع من تكراراها معنا جميعاً..** وقد تكررت فعلاًً لكن هذه المرة كان البطل أستاذة جامعية .. ولذلك لم يفلت الباشا الملازم أول من العقاب .. والحكاية أن الباشا اصطحب أصدقاؤه إلى المدرج الجامعى ولكى يظهر أنه فوق القانون أخذ يدخن أثناء المحاضرة وبأسلوب غير لائق .. ولما اعترضت إحدى الطالبات نهرها وبصوت مرتفع لفت انتباه الأستاذة التى اعتقدت أن الباشا طالبا مثل كل خلق الله فطلبت منه الخروج من المدرج .. وأخذت الباشا العزة بالأثم فنهرها هى الأخرى وسبها وعندما سارعت بطلب الحرس الجامعى قام بركلها .. وبالطبع لم تترك حقها وهذا ما يتوقع منها وحكمت عليه المحكمة بما يستحق.** أما شوكت الذى تحظى الثلاثين من عمره فقد سافر إلى إيطاليا ولم يمكث بها سوى شهور وعندما فشل فى ترتيب حياته هناك عاد إلى مصر ليبحث عن فرصة عمل تتناسب مع شاب يتحدث الإيطالية بطلاقة فلم يجد سوى العمل بمزرعة لتربية الكلاب .. وصحا زملاؤه العمال ذات صباح ليجدوه منتحرا أمام مزرعة يلقى فيها الكلاب معاملة لم يجدها هو .** أما فى القرية التى كانت لها أخلاق يتحدث عنها الرئيس الراحل أنور السادات فقد جلس عز الدين الفلاح البالغ من العمر 58 عاماً يدخن الشيشة ويشرب الشاى بجوار ابنته التى ذبحها.. كانت غارقة فى دمائها بجانبه ومسجاة على الأرض وبجوارها السكين التى استخدمها فى الجريمة .. عز الدين سبق له أن قتل ابنته الثانية وحاول قتل إبنه المعاق بنفس الطريقة ويقول أهل القرية عنه أنه لم يعرف عنه يوماً أنه مختل عقليا ويمارس حياته وسطهم بشكل طبيعى.** وفى القرية أيضاً لم تردع سنوات العمر الثلاثة والخمسين العم حسن عن استدراج ثلاث تلميذات بالابتدائى إلى بيت مهجور بحجة إعطائهن نقوداً لتوصيلها إلى والدهن وهناك خلع ملابسهن وتحرش بهن..** وعلشان أؤكد لكم أن دى مش مصر اللى نعرفها سوف أروى لكم الجريمة الأخيرة فى جرائم هذا الشهر:صاحبنا ( اللى ما يتسماش) له ثلاث شقيقات اختلف معهن على الميراث.. فماذا فعل؟ أنشأ موقعاً إباحياً على الانترنت يحتوى على صورهن.. وبياناتهن وأرقام هواتفهن فضلاً عن ألفاظ خادشة تطعن فى شرفهن وتحث على ممارسة الجنس معهن .. وبالطبع انهالت الاتصالات على هواتفهن المحمولة والأرضية وأبدى المتصلون رغبتهم فى إقامة علاقات معهن ولما تقدمت الشقيقات الثلاثة ببلاغ إلى الإدارة العامة لمكافحة جرائم الانترنت صدمن بأن شقيقهن هو مرتكب هذه الجريمة .** يا ناس حرام عليكم.. مصر دى مش مصرنا.كاتب المقال : مدير تحرير جريدة المدينة السعودية بالقاهرة