رغم سلسلة الإنخفاضات التى شهدها الدولار فى سعره خلال الفترة الماضية، أدت لاهتزاز عرشه أمام العملات الأخرى ، سرعان ما استعاد مكانته من جديد ليعاود الارتفاع من جديد، إذ تجاوز سعر الدولار 7.35 جنيه ، الأمر الذى أثار أزمة جديدة، وهى عودة السوق السوداء للدولار. " النهار" سألت الخبراء والمصرفيين حول الأسباب وراء استعادة الدولار لقيمتة من جديد؟، وهل استعادة الدولار لمكانته سيؤدى لانتعاش السوق الموازية له ؟، وما هى السبل التى لابد من اتباعها لتجنب حدوث ذلك؟.. وجاءت إجابتهم خلال السطور المقبلة. فى البداية أكد أحمد آدم، الخبير المصرفي، أن إنخفاض حجم الأحتياطى الأجنبى فى مصر وراء استعادة الدولار لمكانته من جديد، موضحاً أن حجم الاحتياطى الأجنبى قد شهد سلسلة من الإنخفاض خلال الأربعة شهور الماضية، إذ تراجع بقيمة 825 مليون دولار فى نوفمبر الماضى مقابل انخفاض بلغت قيمته 200 مليون دولار فى أكتوبر من العام الجاري.. وأضاف آدم أن ارتفاع سعر الدولار، يعد نتيجة طبيعية لزيادة معدلات الطلب عليه وانخفاض المعروض منه، الأمر الذى يفتح الطريق أمام عودة السوق السوداء للدولار، مشيراً إلى أن انخفاض العائد من قطاعات النقد الأجنبى كقطاع السياحة والتصدير والأستيراد، وراء ارتفاع قيمة الدولار، وهذا الأمر نجم عن حالة عدم الأستقرار السياسى الذى تشهده البلاد خلال الفترة الماضية. وأوضح آدم أنه رغم أرتفاع سعر الدولار، إلا أن البنك المركزى لازال يقوم بصرف الدولار لعملائه، وفى الوقت ذاته يبذل قصارى جهده لتقليص دور السوق السوداء للدولار بل والسعى للتخلص منها نهائياً. بينما قالت الدكتورة ماجدة شلبي، خبيرة الأقتصاد، أن ارتفاع سعر الدولار يعد الأول منذ الإطاحة بنظام الدكتور محمد مرسي، ، مؤكدة أن سعر الدولار قد ارتفع بشكل جنونى فى السوق السوداء ليبلغ 7.40 جنيه للشراء، و7.46 جنيه للبيع، مقابل نحو 7.01 جنيه للشراء و7.04 للبيع فى يونيو الماضي، وهذا الأمر قد يهدد بإنخفاض قيمة الجنية المصرى خلال الفترة المقبلة. وأوضحت شلبى أن إرتفاع سعر الدولار خلال الفترة الراهنة، يعد نتيجة طبيعية جراء تزايد الطلب عليه من قبل العملاء مع نهاية العام الجاري، وذلك نتيجة المخاوف المتزايدة من إرتفاع قيمته مع بداية العام الجديد، وبالتالى أدى ذلك لقيام الكثير من العملاء بسحب الكميات الدولارية فى البنوك، وبالتالى أدى ذلك لأنخفاض المعروض بالجهاز المصرفي، وأدى ذلك لإنخفاض متكرر فى حجم الأحتياطى الأجنبى بالبنوك خلال الفترة الراهنة. وطالبت شلبى البنك المركزى بضرورة أن تتضمن الآلية التى أقرها لتسعير العملات الأجنبية الدولار، وذلك لأن إستثناء الدولار من هذه الآليلة قد يكون السبب المضاربات التى تحدث بين السوق الموازية والغير الموازية له، وبالتالى فإن خضوعه لهذه الآلية قد يساهم فى تقليص دور السوق السوداء للدولار. بينما أكد الدكتور عبد الرحمن العليان، الخبير الإقتصادى ورئيس المعهد العالى للاقتصاد، أن ارتفاع سعر الدولار خلال الفترة الراهنة، جاء نتيجة تزايد طلبات المستوردين والتجار لتغطية الاعتمادات المستندية الخاصة بهم، هذا بجانب تزايد الطلب على الاستيراد للكثير من السلع وبالأخص من قبل مستوردى الحديد، خاصة مع إقتراب أعياد الكريسماس والعطلات خلال الفترة المقبلة، الأمر الذى خلق أزمة بسوق العملات الأجنبية، موضحاً أن الدولار ليست العملة الوحيدة التى شهدت إرتفاعاً بل الكثير من العملات شهدت أرتفاعاً فى أسعارها، إذ ارتفع سعر صرف بعض العملات العربية مثل الريال السعودى إذ سجل نحو 1.96 جنيه للبيع و2.02 جنيه للشراء، كما ارتفع أيضاً سعر صرف الدرهم الإماراتى إلى نحو 1.98 جنيه للبيع ونحو 2.06 جنيه للشراء. وأعرب العليان عن تخوفه من ارتفاع أسعار صرف الدولار فى السوق السوداء، قائلاً إن هذه الأزمة مقلقة للغاية ولابد من السيطرة عليها قبل تفاقمها، خاصة وأن إستمرار هذه الأزمة قد يتسبب فى إندلاع موجة من ارتفاع الأسعار بجميع السلع الأساسية. وأضاف العليان أنه يتوقع أن يواصل الدولار لسلسله الارتفاع خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن الكثير من المؤشرات الاقتصادية تؤكد ذلك لعل أبرزها إنخفاض حجم الاحتياطى من النقد الأجنبى بالبنوك وانهيار القطاعات التى تدر العملات الأجنبية كقطاع السياحة. وأوضح العليان أن ارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء ليس له أى علاقة بتراجع حجم الأحتياطى من النقد الأجنبي، مؤكداً أن السبب الرئيسى وراء إنخفاض الأحتياطى الأجنبى جاء نتيجة العطاءات الدولارية الكثيرة التى قدمها البنك المركزى خلال العام الجارى والتى بلغت نحو 130 عطاء ، الأمر الذى خلق أزمة بالعملات الأجنبية وبالتالى أدى ذلك لإنخفاض الأحتياطى الأجنبى بالبنوك. وطالب العليان البنك المركزى بسرعة حل هذه الأزمة قبل تفاقمها، وذلك لمنع عودة السوق الموازية للدولار، والتى نجح خلال الفترة الماضية فى تقليص دورها، وهذا ما اتضح بشكل كبير فى إهتزاز عرش الدولار أمام الجنيه المصرى خلال الفترة الماضية، وطالبه بالحد من ارتفاعات الصرف فى السوق الموازى، بجانب تحقيق هامش ربح للبنوك من خلال توسيع الفرق بين أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية. كما طالب العليان المركزى أيضاً بضرورة تعديل الألية الخاصة بتسعير العملات الأجنبية أمام الجنية التى أقرها منذ بضعة أيام قلائل لتحتوى الدولار، ومن ثم يقوم المركزى بتطبيقها بجدية بالبنوك، وذلك لأن هذه الألية ستقضى على مضاربات العملات الأجنبية جميعها بسوق الصرافة المصرية، ومن ثم ضبط سوق الصرف المحلية.. بينما يرى الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادى وأستاذ الإقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن أزمة ارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء ، هى أزمة مفتعلة من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وذلك لإلهاء الحكومة فى التفكير بها قبل الأستفتاء على دستور 2014، وذلك لتسنح الفرصة أمامهم لتنفيذ مخططهم السياسى تجاه الدستور.. وأوضح أن أزمة الدولار لن تستمر طويلاً وسرعان ما ستزول خلال الفترة المقبلة ، خاصة فى ظل عودة الأستثمارات العربية والأجنبية من جديد للسوق المصرى ، مشيراً إلى أن ارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازية وإن حدث فيكون نتيجة تزايد معدلات الاستيراد من قبل المستوردين خلال الفترة الراهنة، الأمر الذى أدى لزيادة الطلب على العملة الخضراء فى الوقت الذى تزامن مع إنخفاض المعروض منه بالبنك المركزى وبالتالى حدثت تلك الأزمة المؤقتة والسريعة الزوال. وأشار الدسوقى إلى أن البنك المركزى يتبع سياسة نقدية ورقابية متوازنة ، وبالتالى قادراً على تقليص دور السوق السوداء ، متوقعاً أن تشهد موارد النقد الأجنبى كالسياحة نوعاً من النمو خلال الفترة المقبلة وذلك جراء عودة الأستقرار السياسى والاقتصادى بالبلاد، ومن ثم سيرتفع حجم الاحتياطى الأجنبى وبالتالى ستختفى السوق السوداء للدولار.