أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، أنه لا مفر من دخول الإسلام في الحياة السياسية بمصر، مشيراً إلى أنه لا يمكن فصل الدين عن السياسية بشكل كامل، وأن الإسلام سيكون له مكان في "الديمقراطية المصرية" ولكنه سيكون أيضاَ ركيزة "الحرية والتسامح" وليس وسيلة للقمع. وقال المفتي، في مقاله اليوم بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تحت عنوان "حجرة الإسلام في الديمقراطية المصرية"، إنه علينا ألا نخشى دخول الجماعات الإسلامية في العملية السياسية بما يؤثر على حرياتنا الجديدة، موضحاً أن تلك الجماعات وضعت نفسها داخل "اختبار" ويتوجب عليها وضع برنامجاً سياسياً يناشد جموع المصريين، ومحذراً من انجرافها نحو التطرف بما يخالف القانون ويعرضها للتهميش السياسي. وأشار جمعة إلى أن المصريين صوتوا على التعديلات الدستورية الشهر الماضي تمهيداً لإجراء انتخابات حرة، واصفاً عملية التصويت بأنها كانت "علامة فارقة في مصر؛ أدمجت الديمقراطية الناشئة بعد الثورة بعيدا عن عقود من الحكم الاستبدادي". ولكنه رجع وقال إن عملية الاستفتاء سلطت الضوء على قضية تشغل بال المصريين وهي "دور الدين في الحياة السياسية"، مستطرداً أن الاستفتاء سبقه انتشار استخدام الشعارات الدينية من جانب مؤيدي ومعارضي التعديلات على حد سواء. وأضاف جمعة: مصر مجتمع ديني عميق، ولا مفر من دخول الإسلام في الحياة السياسية الديمقراطية بمصر، ومع ذلك لا ينبغي أن يكون ذلك مصدر للقلق للمصريين أو الغرب. وأكد جمعة أن التقليد الديني بمصر يرتكز على نظرة التسامح والاعتدال داخل الإسلام، مضيفاً أن القانون الإسلامي يكفل حرية الرأي والتعبير والحقوق المتساوية للمرأة، وقال: وبصفتي رئيس هيئة الشريعة الإسلامية، أؤكد لكم أن المؤسسة الدينية ملتزمة بضرورة استناد الحكومة إلى السيادة الشعبية. واستدرك جمعة أن المادة الثانية من الدستور كانت موضع جدل بين المصريين؛ والتي تقر بأن الإسلام دين الدولة وأن مباديء الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع، مضيفاً أنه رغم عدم التصويت عليها؛ إلا أن بعض الجماعات الدينية تخوفت من وضع دستور جديد لا يحتوي على تلك المادة، في حالة رفض التعديلات. وتابع: وعلى الجانب الآخر، كانت الجماعات العلمانية خائفة من عدم تغيير المادة الثانية من الدستور، لأنها يمكن أن تصبح الأساس لدولة إسلامية تقوم بالتمييز ضد المسيحيين الأقباط وغيرها من الأقليات الدينية. ولكن جمعة أكد أن الاعتراف بالتراث الديني للأمة يعتبر "قضية هوية وطنية" ويجب ألا يتداخل ذلك مع "الطبيعة المدنية للعملية السياسية في البلاد"، مضيفاً أنه ليس هناك تناقض بين المادة 2 والمادة 7 من الدستور التي تضمن حقوق المساواة في المواطنة أمام القانون بغض النظر عن العرق أو الدين أو العقيدة. وتابع: بعد كل شيء، فبلاد الدانمارك وانجلترا والنرويج لديها كنائس للدولة، كما أن الإسلام هو الدين الوطني في البلدان العلمانية سياسيا مثل تونس والأردن، وفي مصر حقوق الأقباط في المساواة التامة، بما فيها حقهم في خوض انتخابات الرئاسة، هو أمر مقدس. وأشار جمعة أنه لا يمكن استبعاد الجماعات الإسلامية التي تعرضت للقمع لفترة طويلة من الحياة السياسية، مضيفاً أن جميع المصريين لديهم الحق في المشاركة في إنشاء مصر الجديدة، بشرط احترام المبادئ الأساسية للحرية الدينية والمساواة بين جميع المواطنين. ونصح جمعة بضرورة الانتباه لأي طرف سياسي "يشجع على الفتنة الطائفية" وذلك في سبيل حماية ديمقراطيتنا، مؤكداً أن الفتنة الطائفية تعتبر "حظر مكرس في القانون والدستور." وقال جمعة إن "الإسلاميين عليهم إدراك أن بلد متنوعة الحركات مثل جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الوسط الذي يقدم تفسيراً تقدمياً للإسلام، والحركات السلفية المحافظة، لا يوجد أحدا فيها يتحدث باسم الإسلام."