* من المؤكد أن وزارة الثقافة التونسية التي أعلنت عن إقامة مهرجان قرطاج الغنائي تعرف جيداً أنه سيكون تظاهرة محفوفة بالمخاطر ليس بسبب الأوضاع الأمنية الهشة في تونس في ظل الظروف الحالية بعد الثورة ولكن هي تعرف أيضاً أن هناك معارضة شديدة لهذا المهرجان في أوساط السلفيين الذين يريدون فرض إرادتهم بعد الثورة وهم يحرمون الغناء من أصله ويعتبرون أن هذه الأعمال مخالفة للإسلام وقد شهدت تونس مؤخراً احتجاجات غاضبة قادها السلفيون ضد معرض فني اعتبروه مسيئاً للإسلام وقد جرح العشرات بسبب هذه الاحتجاجات. * ورغم أن وزارة الثقافة تتوقع احتجاجات ضد مهرجان قرطاج إلا أنها تأخذ الأمر بجدية وتؤكد علي حشدها لنجوم كبار من كل مكان ونتحدي لإنجاح هذا المهرجان الذي اشتهرت به تونس وأصبح من معالمها الثقافية ونري أنه ليس هناك داع للقلق وأنها ستوفر ظروفاً أمنية ملائمة للحدث. * عموماً هذا اختبار صعب ليس لوزارة الثقافة التونسية والحكومة كلها في هذا التوقيت الصعب ولكن أيضاً للتيارات السلفية ذاتها التي يجب أن تدرك أنها تحدث تصدعاً وقلاقل في البلاد إذا ما أقدمت علي عمل يتسم بالعنف تجاه الحدث الفني الأكبر في تونس ويجب أن تعرف أن تعرضها لأي عمل ثقافي أو فني بالقوة أو التظاهر والاحتجاج ضده يضعها هي وكل الاتجاهات السلفية الأخري في موضع المعادين لحرية التعبير والمعارضين للفن بشكل خاص ويؤثر كل ذلك علي أي مسار سياسي تطمح فيه التيارات الدينية عامة حتي لو كانت معتدلة وستواجه برفض من الشعب التونسي الذي لن يرضي بأن يعيش في عصور الظلام وسينعكس كل ذلك علي الجماعات السلفية في بلدان الربيع العربي. * عموماً كل الأطراف أمام تحد كبير الآن فوزارة الثقافة اتخذت موقفاً جيداً ولم تتراجع أمام أي تهديدات أو نوايا أصولية تمنع ظهور المهرجان وأرادت أن تؤكد أن تونس لن تصبح مسرحاً يلعب فيه سلفيوها دور البطولة في الثقافة وإخفاء النقطة المضيئة في فنها وقالت إنها لن تدخر جهداً في إقامة المهرجان في قرطاج أو غيره من المهرجانات في موعدها وأنها ستتبع نظام الترشيد في النفقات في ظل هذه الظروف وخصصت حوالي 3 ملايين دولار لقرطاج وسعت إلي ملاءمة الجودة في العروض. * أعتقد أن كل نجوم الغناء يجب أن يساندوا مهرجان قرطاج وألا يغالوا في طلباتهم وأدعوهم إلي فعل أقصي ما عندهم من دعم له مادياً وفنياً حتي يحقق النجاح المعهود له ويكون نقطة مضيئة لا يطفئها أي تيارات تقف موقف الجاهلية ضد الفن. وأحيي وزير الثافة التونسي الذي يحشد للمهرجان كل طاقاته الذي سيكون ونجومه الأمريكية لويز ماكومب والفنان اللبناني مارسيل ذليفة وعازف العود الأشهر نصير شمة والفنانون لطفي بوشناق والشاذلي الحاجي وحسن الوهماني وصابر الرباعي وعدنان الشواشي وألفة رمضان ودرضاف الحمداني وهؤلاء نجوم تونس في الغناء بالإضافة إلي وائل جسار وأصالة نصري وراغب علامة ونجوي كرم وكاظم الساهر وحسين الجسمي وآمال ماهر وأتمني علي النجوم القادمين إلي تونس من كل الدول العربية أن يكونوا علي مستوي الحدث والمسئولية وأهمية المهرجان في هذا التوقيت فلا اعتذارات ولا مطالبات مغالي فيها ولا خلافات شخصية أو حجج واهية في آخر لحظة فعلي الجميع أن يكون نصيراً لوزارة الثقافة والثورة التونسية فهل هم فاعلون.