اهتمام كبير يبديه المراقبون بالتصريحات التي صدرت عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية في أعقاب مجزرة الجولة في سوريا جاء في هذه التصريحات ان البيت الأبيض لا يستبعد التدخل العسكري في سوريا شريطة ان يتم ذلك وفقا لقرار من مجلس الأمن.. وهذا الاهتمام يفوق كثيرا الاهتمام بتصريحات مشابهة صدرت علي الجانب الاخر من الأطلنطي في باريس عن الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا أولاند نفسه. والسبب ان اولاند غير مقبل علي معركة انتخابية مثلما هو الحال مع أوباما مما يجعل المراقبين يضربون أخماسا في أسداس. بدأ المراقبون يتساءلون هل يمكن ان يقدم أوباما بالفعل علي التدخل في سوريا بزعم انقاذ المدنيين السوريين من المذابح علي أيدي النظام العلوي.. واذا فعل فهل يدعم ذلك من موقفه في معركته من أجل أربع سنوات أخري في البيت الأبيض أم يأتي بنتيجة عكسية. ويزيد من التكهنات ان الرئيس الأمريكي يلتزم الصمت رغم تصريحاته التي لا تتوقف حول كل مسألة وكل قضية لكن مع مذبحة الحولة لم يتفوه بحرف واحد حتي الآن. وقبلها لم يهتم بالأحداث في سوريا كثيرا. ومن البديهيات أن أوباما لابد ان يكون قد تشاور مع معاونيه مرارا وتكرارا حول الأوضاع في سوريا. ولابد أنهم تساءلوا .. هل من الأفضل بالنسبة لأوباما أن يأمر بالتدخل العسكري في سوريا فيؤكد علي دور الولاياتالمتحدة باعتبارها حامية المقهورين الأولي في العالم مما يمكن ان يدعم شعبيته بين مواطنيه خاصة الشرق أوسطيين منهم؟! أم ان من الأفضل ان يتحمل الانتقادات العديدة لموقفه المتردد والتي وصلت الي حد اتهامه في بعض الصحف بالتواطؤ مع النظام العلوي في سوريا مثلما تواطأت الأممالمتحدة مع الصرب في مذبحة سربيرنتشا في البوسنة قبل 17 عاما. يستبعد البعض مثل معلق الوول ستريت جورنال ان يقدم أوباما علي التدخل العسكري حيث ان اهتمامه الرئيسي هو تجاوز الانتخابات دون الاضطرار مرة أخري لاستخدام القوة العسكرية الأمريكية. ويصل معلق الصحيفة الي ان خيارات الرئيس الأمريكي محدودة فيما يتعلق بالشأن السوري لأن الأمر لن يكون نزهة فالجيش السوري وخاصة سلاح الدفاع الجوي أقوي بكثير "حوالي 5 مرات" مما كان عليه الجيش الليبي بالاضافة الي ان روسيا تدعم نظام الأسد علي نحو لم تفعله مع نظام القذافي. وهناك تخوف ينتشر في واشنطن من أن يكون لهذا التدخل تداعيات لا يمكن تقديرها لأن سورية "لاعب كبير" في المنطقة بالاضافة الي أنها علي علاقة قوية بايران والأصل ان دخول أمريكا في حرب جديدة في الشرق الأوسط المتفجر اصلا بعد خوضعها حربي العراق وافغانستان يمثل كابوسا لأي رئيس أمريكي. ويتوقع هؤلاء ان يكون أقصي ما يفعله أوباما هو فرض حصار علي سوريا برا وبحرا وجوا أو شن بعض الغارات المحدودة وسوف يكون الغطاء جاهزا وهو النداءات "غير المسئولة" التي لا يتوقف قادة المعارضة في سوريا عن توجيهها للغرب بالتدخل "لانقاذ الشعب السوري" دون تقدير لعواقب هذا التدخل. وحتي الحصار لن يكون سهلا فهو يتطلب عددا كبيرا من المقاتلات الجوية.. ولا يمكن الاستهانة بسلاح الدفاع الجوي السوري وهناك تقديرات تؤكد انه أقوي خمس مرات مما كانت عليه الدفاعات الجوية الليبية وهذا يعني عدم امكانية استبعاد وقوع ضحايا من الطيارين الأمريكيين. كما ان تزويد المعارضة السورية بأسلحة يمثل مشكلة حيث يمكن ان تقع هذه الأسلحة في أيدي جماعات متطرفة مثل القاعدة ومن الممكن ان ينذرع الأسد بذلك ليتعامل بوحشية أكبر مع شعبه. لذا فليس من الغريب أن يتحفظ أوباما في خطبه بشأن سورية في ظل عدم وجود خيارات اخري وذلك علي الرغم من أن السياسة الخارجية الأمريكية اعتادت التظاهر بالوقوف إلي جانب المضطهدين.