تستحق تطورات الأزمة السورية بعد مجزرة قرية الحولة التي راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل بينهم عدد غير قليل من الأطفال, وثبت من تقارير المراقبين الدوليين أن القوات السورية ضالعة في ارتكابها. أن تشد الانتباه خارج جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة المصرية ولو بعض الوقت, بالنظر الي خطورة تداعيات الوضع في سوريا الذي يمضي من سيئ الي أسوأ, دون ظهور بادرة تحسن طفيف رغم مرور شهرين علي مبادرة المبعوث الدولي العربي كوفي أنان التي شبعت موتا, بينما القتال مستمر علي مدار الساعة رغم وجود المراقبين الدوليين, والقوات المسلحة الثقيلة لا تزال ترابط علي مشارف المدن السورية تقصفها دون انقطاع, والسوريون يخرجون في تظاهرات يومية يدفنون قتلاهم ويطالبون بإسقاط النظام. والواضح أن الأزمة السورية سوف تراوح مكانها فترة أطول, تستنزف كل يوم عشرات الضحايا من المدنيين والعسكريين فيما يقرب أن تكون حربا أهلية دون أن تتمكن قوات الرئيس بشار من حسم الموقف أو حصاره, ودون أن تتوقف المقاومة المسلحة, التي تتضاعف إمكاناتها بسبب إمدادات السلاح التي تأتيها من الخارج عن التصدي لحكم الرئيس بشار, ولا يبدو في الأفق ما يشير الي قدرة المجتمع الدولي أو رغبته في التدخل العسكري لحماية المدنين السوريين سوي تلميحات الرئيس الفرنسي أولاند, التي تشير الي إمكان وقوع تدخل عسكري محدود تحت مظلة مجلس الأمن, لكن الأمريكيين وغالبية الأوروبيين يعارضون ذلك, بدعوي أن التدخل العسكري الخارجي يمكن أن يفجر الموقف في الشرق الأوسط, وسوف يزيد الوضع سوءا داخل سوريا لأنه يعني غرق البلاد في الحرب الأهلية, غير أن تداعيات الأزمة السورية علي لبنان الذي يعايش وضعا متفجرا في مدينة طرابلس المنقسمة علي نفسها بين أغلبية سنية تساند ثورة الشعب السوري وأقلية علوية تساند نظام الرئيس بشار, ترغم المجتمع الدولي علي ممارسة المزيد من الضغوط علي دمشق, سواء من خلال سحب السفراء الأوروبيين إضافة الي سفراء أمريكا وكندا واستراليا واليابان أو فرض المزيد من العقوبات علي أسرة الرئيس الأسد وأعوانه, أو إحياء المطالبة بإسقاط حكم بشار وإدانته أمام المحكمة الجنائية الدولية, وفي ظل غياب قدرة النظام السوري علي الحسم وتصاعد أعمال المقاومة و العنف, واستمرار وصول الإمدادات العسكرية الي جماعات الثوار في الداخل, وغياب قدرة المجتمع الدولي علي حماية المدنيين السوريين, تشير الأوضاع في سوريا الي منزلقات خطيرة يصعب معها أن يستمر حكم الرئيس بشار. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد