قد يتساءل البعض عن الأسباب التي تجعل السيد عمرو موسي يتقدم سباق رئاسة الجمهورية في استطلاعات الرأي التي يجريها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وبعض المراكز الأخري. أعتقد أن ذلك يرجع إلي أن الرجل تسنده شهرة كبيرة علي مدي سنوات طويلة في العمل السياسي سفيرا ثم ممثلا لمصر في الأممالمتحدة ثم وزيرا للخارجية اتسم بسرعة الحركة والنشاط اللافت للأنظار ثم أمينا عاما لجامعة الدول العربية. من هنا أقول ان كثرة تردد اسم عمرو موسي في الأوساط السياسية والشعبية علي مدي سنوات طويلة هو السبب في تصدره لسباق الرئاسة في هذه الاستطلاعات.. إلي جانب عدم اقتناع الناس بأنه يصنف ضمن فلول النظام السابق.. لأنه قاد دبلوماسية "ساخنة" علي عكس ما كان يخطط النظام السابق باللجوء إلي دبلوماسية مستكينة وباردة. وهو ما نفذه وزراء الخارجية الذين أتوا بعده! لكن السؤال هو: هل يمكن أن يطمئن السيد عمرو موسي إلي نتائج هذه الاستطلاعات؟! وهل ستظل هي المؤشر الحقيقي لتوجهات الناخبين خلال الفترة المتبقية علي إجراء الانتخابات يوم 23 مايو الحالي؟ من الصعب - في رأيي - الاعتماد علي هذه المؤشرات.. ومن الصعب أن نتصور ثبات رأي الناخبين علي شيء محدد في ظل تحركات واسعة لباقي المرشحين أو علي الأقل لخمسة مرشحين هم الأكثر ظهورا في الصورة وأقصد بهم بالاضافة إلي السيد عمرو موسي الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسي والسيد حمدين صباحي والدكتور محمد سليم العوا والسيد أبوالعز الحريري. والدليل علي ان خريطة السباق يمكن أن تتبدل وتتغير ليس بين يوم وآخر فقط بل بين ساعة وأخري ان الدكتور محمد مرسي "مرشح الإخوان المسلمين" تقدم في الاستطلاع الأخير ل "الأهرام" إلي المركز الرابع بدلا من السادس متقدما علي السيد حمدين صباحي الذي كان يحتل هذا المركز في الاستطلاعات السابقة. وهذا يؤكد ما سبق ان قلته في مقال حول انتخابات الرئاسة ان هناك "آلة انتخابية جبارة" ستقف خلف الدكتور مرسي.. وهي آلة منظمة ومنضبطة وأثبتت جدارتها في انتخابات مجلسي الشعب والشوري وحتي في ظل حكم وتحكم النظام السابق عندما نجحت في الدفع ب 88 نائبا للبرلمان رغم عمليات التزوير المعروفة. والآن تدور عجلة هذه الآلة بسرعة أكبر كلما اقترب موعد اجراء الانتخابات.. ويجيء المؤتمر الحاشد لعلماء الأزهر ووزارة الأوقاف وعدد من رموز الفكر الإسلامي علي رأسهم الداعية الكبير الدكتور محمد عمارة ودعم بين حين وآخر من العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ضمن تروس هذه الآلة لتأييد ترشيح الدكتور محمد مرسي. في نفس الوقت توجه الآلة الانتخابية الإخوانية نيرانا صاروخية ضد المرشح الإسلامي "الإخواني سابقا" الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وتركز علي موضوع أو قاعدة "البيعة" للمرشد العام الذي أنكره أبوالفتوح مؤكدا انه لا يوجد في جماعة الإخوان ما يسمي ب "البيعة" وأنه دخيل علي الإخوان. وقد تصدي لهذا الانكار - كما ذكرت اليوم السابع - شباب الإخوان المسلمين الذين شنوا هجوما حادا علي الدكتور أبوالفتوح وأكدوا انه سبق أن بايع المرشد الأسبق عمر التلمساني باعترافه هو. هذا الهجوم الشبابي سبقه هجوم شنه نشطاء اخوانيون علي الدكتور أبوالفتوح في حملة منظمة شارك فيها محيي الزايط مسئول شرق القاهرة في الجماعة وعمرو عبدالحفيظ مسئول التثقيف بالفيوم ومجدي فتحي القيادي البارز في الجماعة بالبحيرة والدكتور محمد غزلان المتحدث باسم الجماعة وقد وصفوا الدكتور أبوالفتوح بأوصاف لا تليق. مما يؤكد ان المعارك الانتخابية لا تعترف بالأخلاقيات في أدبياتها. وبذلك يكون شباب الإخوان الذين سبق واعلنوا تأييدهم لأبوالفتوح قد عادوا إلي حظيرة الجماعة والتزموا نهجها وقرارها بتأييد الدكتور محمد مرسي. هذا كله يؤكد ان توجه الناخبين في تأييدهم للمرشحين أو انصرافهم عنهم سيظل في حالة عدم استقرار وستظل الأصوات تتأرجح هنا وهناك وسوف تميل الكفة لصالح الحملات الأكثر تنظيما والأكثر قدرة علي الحشد. ومن هنا.. يجب أن يحذر المرشحون النتائج الخادعة لاستطلاع الرأي وهل يمكن أن يستفيد عمرو موسي أو شفيق من حرب الاخوان وأبوالفتوح؟