أرجو ألا يغتر المراقبون لعملية التنافس أو الصراع علي رئاسة الجمهورية بين المرشحين ال 13 بالنتائج التي تجريها مراكز استطلاعات الرأي في مصر حول هذا الصراع والتي تشير إلي تقدم المرشح أوتأخر آخر. اننا لسنا في أمريكا أو انجلترا أو فرنسا لتعطينا هذه المؤشرات نتائج حقيقية متوقعة لسببين: * أن نسبة الأمية في مصر عالية جدا والناخب الأمي يسهل التأثير عليه جدا وتحويل اهتمامه من مرشح لآخر بفعل عوامل الدين مثلا أو الوعود بميزات مادية خاصة إذا كان يعاني الفقر وشدة الحاجة. * ان تجربتنا في ممارسة الديمقراطية بحرية تامة ودون ضغوط ادارية أو أمنية مازالت في طورها الأول. ولم تصقلها التجارب والخبرات المتراكمة التي تضع أقدامنا علي الطريق الصحيح لاختيار الرجل الأمثل الذي يقودنا خلال فترة محددة من حياتنا. وأود في هذه المناسبة أن أشير إلي الاستطلاع الذي أجراه مركز الأهرام للدراسات السياسية والذي أعلن فيه تقدم السيد عمرو موسي علي باقي المرشحين للرئاسة ويليه الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.. ثم الفريق أحمد شفيق. ثم السيد حمدين صباحي. ثم الدكتور سليم العوا. ثم مرشح الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي الذي جاء في المركز السادس. مركز الأهرام نبه إلي أن هذا الترتيب خاضع للتغيير نتيجة لتطور وشدة وقوة حملات الدعاية الانتخابية للمرشحين أو ضعف بعض هذه الحملات عن الأخري. وهذا صحيح فعلي مدي ثلاثة أسابيع هي الفترة الباقية علي إجراء الانتخابات سوف تتغير أمور وأمور. صحيح ان السيد عمرو موسي شخصية لها وزنها وثقلها السياسي والشعبي وان الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح شخصية وسطية منفتحة علي جميع التيارات وخلفيته الإسلامية تعطيه زخما وسط التيارات التي تطفو علي سطح السياسة في مصر وأن الفريق أحمد شفيق يتمتع بقوة الشخصية وله خبرة سابقة وإنجاز في مجال الطيران المدني وأن السيد حمدين صباحي شخصية لها قبول وسط الناس البسطاء وتاريخه الوطني سند قوي له. وان الدكتور محمد سليم العوا شخصية قادرة علي الاقناع واحتواء الآخرين والتأثير فيهم باعتباره أحد المفكرين الكبار القلائل علي مستوي مصر والعالم العربي. كل هذه السمات أو الصفات تجعل هؤلاء المرشحين يتصدرون المشهد التنافسي علي الرئاسة.. لكن يلفت النظر ان الدكتور محمد مرسي مرشح الاخوان جاء متأخرا عنهم جميعا.. فلماذا؟ وهل سيظل في هذا الترتيب إلي نهاية المشوار؟ أم أن الوضع قابل للتغيير إلي الأحسن؟! جميع المرشحين المشار إليهم.. وهم الخمسة الأوائل تسندهم حملات دعائية من اشخاص متناثرين في مختلف انحاء مصر قد يكونون من القوة بمكان في بعض المحافظات وقد لا يكونون بنفس نسبة القوة في محافظات أخري. لكن المرشح الوحيد الذي يسنده حزب قوي وجماعة لها جذورها القوية في مصر هو الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذي تقف خلفه آلة انتخابية جبارة منظمة تنظيما محكما وملتزمة التزاما قويا بالتعليمات الصادرة إليها من القيادة العليا للجماعة. التجارب السابقة في الانتخابات وآخرها انتخابات مجلسي الشعب والشوري ومن قبل الانتخابات التي أجريت في العهد السابق وفاز فيها 88 اخوانيا رغم جبروت النظام وعنفوانه تعطينا دلائل واضحة ان هذا الترتيب الذي سجله مركز الدراسات بالأهرام قابل للتغيير بقوة وخاصة قبيل إجراء الانتخابات حيث يشتد التنافس ويصل إلي ذروته. قد يتساءل البعض عن مدي قوة حزب النور السلفي والجماعة الاسلامية بعد اعلانهما تأييد الدكتور أبوالفتوح.. فأقول ان هذا التأييد المعنوي مؤثر فعلا لكنه لا يرقي إلي مستوي التحرك الفعلي لكوادر الاخوان علي جميع المستويات في مصر كلها. الشيء الوحيد الذي يمكن ان يضعف مرشح الاخوان ويجعل الناس تنصرف عنه هو حملة التشويه التي تشنها الجماعة ضد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. ان هذه الحملة التي تتهم أبوالفتوح بأنه سيحل جماعة الإخوان لو انتخب رئيسا ويمنع الحجاب ويمنع صلاة المرأة في المسجد وانه ديكتاتور ويرفض العمل الجماعي وانه يشبه عبدالناصر.. هذه الحملة في رأيي ساذجة جدا.. وإذا استمرت سيكون لها أثر عكسي علي مرشح الجماعة. لعلنا في حاجة إلي إجراء استطلاعات للرأي أخري علي أن تكون مركزة في ريف مصر.. قراها وكفورها ونجوعها لنتبين جانبا آخر من الصورة الانتخابية.