أمواج متصارعة وغيوم متلبدة.. أمطار أحياناً وعواصف أحياناً أخري ولا شيء يبقي علي وتيرة ثابتة.. الكل يشكك في الكل والأمر غريب. فلا مصداقية ولا ثقة بين الناس.. الكل يريد جمع الغنائم والفوز بالمكاسب دون مراعاة للبدن المعتل ولِمَ لا يرتدي من اثمال بالية وحادي القافلة غير مهتم بشرود القطيع ويتحصن بموقعة وكأن الكارثة التي قد يتعرض لها القطيع لا تعنيه وهو ما جعل القافلة تضل والكل أصبح يغرد خارج السرب ويتصور أن صداحة هديل وهو في الواقع نعيق ونهيق... القافلة في الصحراء أوشكت أن تضل والمؤن شحت بل كادت تنفد.. والعشرات تطحن أجساد مثقلة بهموم سنوات خوال والحادي يشيح بوجهه عن اعادة توجيه القافلة رغم أنه وحده القادر بعد الله.. القافلة كادت أن تصل إلي بحر الرمال العظيم الذي توري فيه جيش قمبيز والخطر وشيك.. لكن الحادي يكمن في هودجه غير مبال.. الانضباط الذي كان يميز الفافلة بدء في طريق الانفلات بل انفلت وأصبح حكماء القافلة الذين تم اختيارهم بالانتخاب من أغلب أعضاء القافلة لا يعير مشاكل القافلة أدني اهتمام وانشغل بمصالحه. مصالحه فقط وليته فعل فحادي القافلة لا يعيره أدني اهتمام أيضاً فأصبحوا منبوذين يصيحون.. ويصيحون ومامن مجيب فنقلب أعضاء القافلة علي المخاتير أو كادوا ولم يعد هناك ثقة في شيء.. فالبئر أصبح ماؤه غوراً والدعم نضب والكل تزمر وفي طريقه للتمرد وشمس الصحراء حامية وملتهبة.. فانصهرت أقنعة الزيف الشمعية من علي الوجوه وسقطت ورقة التوت من علي العورات فبدا الزيف وظهرت الوجوه الكالحة علي حقيقتها وبدت الأمراض النفسية علي السلوكيات فتصدع الصف وتفرق الجمع وهاهي القافلة تكاد تغرق في بحر الرمال العظيم.. وهنا أكاد أري فارساً يمتطي جواده شاهراً سيفه يجري في عروقه دماء طاهرة لا تحركه مآرب شخصية أو غنيمة ذاتية يشق بسنابك جواده غرود الرمال لا غاية له ولا هدف سوي انقاذ القافلة وتصحيح مسارها وجمع شملها ولعل ماعاناه أعضاء القافلة من مخاطر وآلام ومشكلات وفرقة سيجعلهم جميعاً يلتفون خلف الفارس ولِمَ لا وهو الذي يرون في قدومه الخلاص من همومهم وانقاذاً لحياتهم التي مزقتها وفرقتها أحلام هلامية وغلفتها المصالح الشخصية وساندتها اللامبالاة التي تحكم سلوك الحادي ومن معه. همسة اصبر لكل مصيبة وتجلد وأعلم بأن الدهر غير مخلد