وزارة الثقافة.. قررت اعتبار العام الحالي عاما للثقافة الجماهيرية وإذا كانت قيادة الهيئة تحاول ان تزيد من فعاليات أنشطتها فإن الفكرة التي تعيد طرح أهم أنشطة الثقافة الجماهيرية في سنواتها الأولي هي القوافل الثقافية التي كانت تنتقل بين المدن والقري والنجوع والدساكر تحمل ألوانا من النشاط الثقافي: الكتاب والمحاضرة والعروض السينمائية والمسرحية والموسيقية وغيرها. يقول د.محمد زكريا عناني. إن الأنشطة التي تثبت جدواها يجب ان تستمر ولا تعامل بنظام الاحلال والتبديل ورأيي ان نظام القوافل الثقافية هو الأنسب - حتي الآن - لنشر الثقافة في امتداد الأقاليم المصرية ومن الصعب تصور ان المركزية يمكن ان تقوم بهذا الدور كما انه من الصعب علي قصور وبيوت الثقافة ان تؤدي الدور نفسه. ويوكد د.عبدالمنعم تليمة ان القوافل الثقافية هي الاساس في ظروفنا الراهنة لأن المركزية الشديدة في القاهرة وبشكل أخف في الاسكندرية تجعل الملايين من الشعب المصري بعيدين عن الابداعات الجديدة في الرواية والقصة القصيرة. والاداة الاساسية هي القوافل الثقافية لماذا؟ لأن جمهورنا في القري سواء في بحري أو قبلي يثقون كل الثقة في العمل الجمعي المنظم وهذا منوط بهيئة قصور الثقافة واتحاد الكتاب والاتحادات الفنية. الجمهور يثق في العمل الرسمي المنظم. أين يجد السلعة النظيفة والتوجه السليم بالإضافة إلي المتعة والتسلية. وأذكر بعض التجارب التي اجرتها الثقافة الجماهيرية في الستينيات والسبعينيات. ويشير د.حسين حمودة إلي أن فكرة القوافل الثقافية وما يشبهها من افكار يمكن ان تمثل خطوة مهمة جدا علي سبيل التخلص من ميراث المركزية الذي توارثناه منذ عهود الفراعنة. التكوين المصري قام دائما علي نوع من المركزية التي تجعل العاصمة تستحوذ علي أغلب الثروات والخدمات وقد حلل جمال حمدان هذا التكوين بالتفصيل ورأي ان اقليم الصعيد - مثلا - يكاد يكون مزرعة خلفية للقاهرة. القوافل الثقافية خطوة مهمة نحو مزيد من العدل الثقافي ان صح التعبير كما يمكن ان تكون نوعا من التفاعل بين المركز والاطراف أو بين القاهرة والاقاليم وخلال هذا التفاعل يمكن التعرف بعمق أكبر إلي ثقافتنا المتنوعة داخل مصر. نحن نتحدث - مثلا - عن البدو ولا نكاد نعرفهم ويمكن ان يسري هذا علي الواحات والنوبة وسيناء. القوافل الثقافية لكل هذه الأماكن ولغيرها يمكن ان تسمح بازدهار اكثر لثقافتنا المصرية المتنوعة جدا والتي تظل - رغم تنوعها - ثقافة واحدة. ويذهب الناقد حسين عيد إلي انه يمكن للقوافل الثقافية ان تلعب دورا هاما في الانتفال إلي مناطق بعيدة وتكون معزولة عن العاصمة وتستطيع هذه القوافل - في الوقت نفسه - ان تتخلص من هيمنة ومركزية القاهرة فينتقل جزء منها إلي تلك المناطق ويحقق تفاعلا بشريا بين ادباء العاصمة وادباء الاقاليم بما يحقق مصالح الثقافة في نهاية الأمر وربما تزيد الفائدة ايضا إذا طورت تلك القوافل شكلا جديدا للمسرح يناسب القري أو المناطق التي تزورها ولا تنس في نهاية الأمر ان تشمل هذه القوافل مكتبات متنقلة تعرض احدث اصدارات دور النشر في القاهرة والاقاليم. ويشترط الروائي حسني سيد لبيب ان يتولي أمر القافلة من يمتلك وعيا ثقافيا واجتماعيا بحيث تذهب القوافل إلي الأماكن البعيدة التي تعاني الاهمال علي ان تشمل القافلة فعاليات من الابداع والمحاضرات والمناقشات ولا أريد ان يقتصر الأمر علي القري فقط بل عليها ان تجوب المناطق العشوائية في القاهرة والجيزة والاسكندرية لأن هذه المناطق في حاجة ماسة لأن تصلها الثقافة. ويعتبر الشاعر بدر بدير فكرة القوافل جيدة حيث يحضر مجموعة من الشباب المثقف إلي جانب المواطنين العاديين لتدور مناقشات حول القضايا الراهنة. هذا أمر واجب علي كل المثقفين لأن هناك مناطق تعاني الجهل بالقيم والاخلاقيات والواجبات وايضا الجهل الثقافي والعلمي لذا يجب أن نقدم لهم ثقافة شعبية محببة لهم مثل المدائح والانشاد والموسيقي الشعبية والانتاج الادبي الشعبي الفصيح البعيد عن الغموض والتعمية وفي هذه الأوقات نقدم ما يحدث في المجتمعات العالمية الاخري حتي لا ننغلق داخلنا فقط. وفي تقدير الروائي والشاعر نبيل خالد ان العملية التعليمية متكاملة والقوافل الثقافية تعد مكملا للعملية التعليمية.. المفروض - بعد ثورة 25 يناير التي قام بها الشباب - ان تسهم القوافل الثقافية في تقريب المفاهيم بين الشباب وخاصة ان هناك خلافات حادة داخل المجتمع المصري والمفروض ان هذه الخلافات يعالجها المبدعون عن طريق القوافل الثقافية.