وهل كان البابا شنودة يستحق أقل من تلك الجنازة الأسطورية التي تليق بالعظماء؟ وهل كان البابا شنودة رجلاً عاديًا وبسيطًا حتي تمر وفاته مرور الكرام دون حضور مندوبين من دول العالم وممثلين للكنائس وسفراء أجانب يعيشون علي أرض مصر؟ البابا شنودة كان الممثل الشرعي والمتحدث الرسمي باسم أقباط مصر.. وكان هو حامي مصر من الفتنة الطائفية التي تسهر أجهزة المخابرات العالمية لإنجاحها في بلادنا حتي يتم تقسيمها وتظل ضعيفة أمام المدللة "إسرائيل". البابا هو صاحب العبارة الشهيرة "لن أدخل القدس إلا وفي يدي شيخ الأزهر" وهو من قال "إن مشاكل الأقباط في مصر شأن داخلي ولا علاقة لأقباط المهجر بنا طالما لا يعيشون بيننا". البابا شنودة رجل دين بدرجة رجل دولة من طراز فريد لأنه مثلما كان زعيما دينيا كانت لديه رؤيته الوطنية العميقة والخاصة جدا ومضمونها "أن مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه" وليقل لي واحد من المتشدقين بديننا الإسلامي السمح الحنيف الذي يستوعب كل الرسالات السماوية كم شيخًا في مصر لم يستعن بأصدقائه من الدول العربية حتي يمارس نشر أفكاره سواء اتفقنا معها أو اختلفنا؟ كم شيخًا أو داعية إسلامي لم يكن داعية أو شيخًا أو تابعًا لأمير أو ملك أو رئيس دولة اتفقت مع مصر أو اختلفت؟ لا أشكك في أحد بعينه ولن أتهم أحدًا بما ليس فيه لكن العيب كل العيب أن ينتقد بعض الصغار احترامنا كمسلمين وكمصريين لشخصية بعظمة هذا الرجل الذي لا يعظم مثل غيره علي الخالق عز وجل لكن ديننا الإسلامي ورسوله الكريم قال "ليس منا من لا يوقر الكبير" وكان الرجل كبيرًا بحق في تصرفاته وإيمانه وانطوائه وتركيزه علي أمور دينه وكان كبيرا في عبادته لربه الخالق العظيم. نختلف في الدين لكننا نجتمع سويا تحت مظلة "إله واحد".. نختلف في الشرائع لكننا نتفق علي المباديء الأساسية للأديان السماوية جميعا "الحق والعدل والخير والجمال" فبالإيمان فقط نحيي ديننا ونقيم عقائدنا ونتقرب إلي الله عز وجل كل في محرابه أو مسجده أو كنيسته.. يذهب كل منا إلي دار عبادته لكننا جميعا نستظل بسماء واحدة ومصالح واحدة وأفكار مشتركة مضمونها مصر الوطن والأم والأمل والمستقبل. أما الصغار إياهم والذين يحاولون زرع كل أسباب الفتور والقطيعة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد فإن مساعيهم بإذن الله ستبوء بالفشل ومصيرها مثل غيرها إلي التراب فلقد أمن الله مصر وشعبها من كل جاهل غبي لا يدرك قيمتها ودورها علي وجه الأرض لأنها احتضنت كل الصالحين الناسكين العابدين وليس أدل علي ذلك أكثر من انتشار أولياء الله الصالحين علي أراضيها من حدودها الشمالية إلي الحدود الجنوبية ومن شرقها إلي غربها. أقباط مصر هم المصريون جميعا وجاء الفتح الإسلامي لينشر الدين وتحول المصريون إلي مسلمين ومسيحيين لكننا في النهاية شعب واحد سواء أراد طيور الظلام أو رفضوا وسنظل هكذا. أجيال تسلم أبناء وأحفادًا ليحملوا نفس المعاني الطيبة الكريمة التي عامل بها رسولنا الكريم اليهود والنصاري بل وعامل بها الكفار الذين لا يؤمنون بالله فأطلق سراحهم بعد أسرهم لأنه نبي الرحمة حامل رسالة دين الله الإسلام الذي يؤمن بكل الرسل والديانات. أقول للصغار كفاكم بثا للسموم وابحثوا لنا عن مخارج لأزمات مصر التي استفحلت.. ابحثوا لنا عن خروج آمن من قضايا الأموال المهربة ووقف الإنتاج والاعتصامات والبطالة والسياحة والزراعة والديون والتعليم والصحة والانفلات الأمني والحمي القلاعية التي أسأل الله عز وجل أن تصيب كل من كان ساعيا داعيا إلي إحداث الفتنة والفرقة داخل مصر.. اللهم آمين.