تحرص كل من مصر والمملكة العربية السعودية علي أن تظل العلاقات بينهما بعيدة عن أي توترات تفسدها رغم ما يكون بينهما أحيانا من خلافات سياسية أو خلافات تتعلق بالعمالة المصرية في المملكة. ومما لا شك فيه أن هناك خلافات مكتومة بين مصر من ناحية وعدد من دول الخليج العربي ومن بينها السعودية من جهة أخري فيما يتعلق بتداعيات الثورة المصرية وما أدت إليه من اسقاط النظام السابق والمحاكمات التي تجري لرموز هذا النظام وعلي رأسها الرئيس السابق حسني مبارك. ولعل التقاليد العربية الموروثة التي تجعل الصديق يقف إلي جانب صديقه في أوقات الشدة هي منبع التعاطف بين حكام المملكة العربية السعودية مع الرئيس السابق حسني مبارك.. لكن ذكاء وفطنة حكام المملكة يحولان دون الوصول بهذه العلاقات إلي منطقة الخطر. عكس بعض الدول الخليجية الأخري التي لا يهمها الحرص علي مساندة الرئيس السابق مبارك في محنته التي أوقع نفسه فيها بقدر ما يهمها اثبات الذات لتكون لاعبا اساسيا في أحداث المنطقة حتي ولو علي حساب بلد في حجم مصر. هناك كما قرأنا آلاف المصريين في السجون السعودية صدرت ضدهم أحكام جنائية.. ولن ندعي أن كل هؤلاء المسجونين أبرياء ودخلوا السجن ظلما.. لأنه كما يوجد الانسان السوي الذي يكون سلوكه حميدا هناك من يكون سلوكه منحرفاً. في نفس الوقت فان هناك من السعوديين من يتعامل باحترام مع المصريين ويقدرون أداءهم في عملهم.. وهناك أيضا من يتعامل مع المصريين بفوقية ونوع من التعالي والازدراء.. ومن هنا يحصل الاحتكاك الذي يمكن ان يستغل فيه السعودي موقعه كصاحب بلد في الايقاع بالمصري لأي خلاف يقع بينهما.. ثم تتطور الامور إلي دخول المصري في نفق مظلم ويصبح لا حول له ولا قوة. وللعودة إلي موضوع المصريين السجناء في السعودية. فإن كان ما نرجوه أن تكون هناك شفافية ووضوح في هذه القضايا بحيث يتم اخطار السفارة المصرية بأية مشكلة يكون المصري طرفا فيها.. ويحضر مندوب عن السفارة التحقيقات منذ بدايتها.. ويكفل حق المتهم في الدفاع عن نفسه بالطرق القانونية.. كذلك يجب أن تكون هذه السجون لائقة علي المستوي الانساني والقانوني لا أن تكون مقابر لدفن الأحياء. وللحقيقة فإننا نسمع كثيرا عن معاملات لا انسانية للسجناء المصريين وسط ظروف صعبة وشاقة.. ونرجو أن يكون الواقع أفضل مما نسمعه. أما بالنسبة للمصريين الموقوفين في السعودية وعددهم 38 شخصا.. فاننا لا نعرف سبب توقيفهم.. لكن هناك أخباراً تقول إن مشكلتهم في طريقها للحل. لأن المصريين لديهم إحساس بتعاطف العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز معهم نجدهم دائما ما يلجأون بالشكوي اليه لانقاذ ذويهم الذين يتعرضون للأذي في المملكة ويعلقون آمالا كبيرة عليه لدفع الضر عنهم. من جانبنا نري أن عبء حل هذه المشاكل والتخفيف من آثارها علي العلاقات بين البلدين يقع علي عاتق السفير المصري في المملكة وسفير المملكة في مصر. فنجاح العمل الدبلوماسي يقاس دائما بتراجع المشاكل إلي أدني حد ممكن!! ونرجو أن يثبت السفيران أنهما أهل لهذا النجاح.