تعتبر الاحتفالات بموالد آل البيت والصالحين نوعا من أنواع الموروثات الشعبية وهي عادة فرعونية قديمة تأصلت في زمن الفاطميين ويحرص المصريون علي احيائها تأكيدا علي حبهم لآل البيت وتعلقهم بالصالحين وسيرتهم الذاتية ومناقبهم. يقول علي الميهي مدير عام بجامعة المنوفية ان الموالد تعتبر مظاهر احتفالية تعارف المصريون علي الانخراط فيها وهي تتضمن أنشطة تسويقية وشرائية وترفيهية. فضلا عن ان فيها بذل للفقراء الي جانب أنها إثراء للغناء الشعبي وأعمال السيرك. موضحا انها ليست عبادة دينية بل عادة تتسع للهو المباح والغناء وتذوق الفن لكن قد يحدث فيها أفعال غير مقبولة كالاختلاط بين الرجال والنساء والبلطجة والسرقات الي جانب ان هناك أفعالا قد تصل الي درجة الشرك الأصغر في صورة التمسح والتبرك بأضرحة هؤلاء الصالحين وذبح الهدي والنذور لهم طلبا للمغفرة والعون وقضاء الحوائج. قال د. بسيم عبدالعظيم عبدالقادر أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنوفية ان الموالد عادة شعبية تنم عن حب الناس للدين وتعلقهم بسير الصالحين والاقتداء بهم وقد ازدهرت هذه العادة منذ العصر الفاطمي. ومن الظواهر التي تشترك فيها العادات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعد أسواقا شعبية تروج فيها المنطقة منتجاتها وسلعها ولكل بلد مشايخها وأوليائها. لدرجة انه لا تخلو قرية من أحد الصالحين الذي تقام له الاحتفالات بمولده والتي تمتد الي أسبوع في بعضها وفي تلك الاحتفالات تتلو آيات القرآن الكريم وتلقي الأناشيد والقصص الدينية علاوة علي إقامة حلقات الذكر والدروس من خلال كبار المنشدين وعلماء الأزهر والأوقاف.. أوضح د. بسيم ان هناك طرائف منها ان بعض المحتالين فيما يروي نصبوا قبة لشيخ فرعون وأخذوا يجمعون النذور فلما اختلفوا في توزيعها انكشف المستور فإذا بأحدهم يقول لصاحبه "احنا دفنينه سوا" واذا بها عظام حمار دفنوه وأقاموا حوله قبة مستغلين سذاجة العوام من أهل القري الذين يلتمسون البركات من هؤلاء الشيوخ ويمكن استغلال هذه التجمعات في نشر الوعي الثقافي والديني كما يمكن انفاق استغلال هذه التجمعات في نشر الوعي الثقافي والديني كما يمكن انفاق الملايين التي توضع في صناديق النذور لتنمية القري والمدن التي توجد فيها رفات هؤلاء الصالحين. أضاف أن هذه الموالد منظمة علي مستوي الجمهورية ومعدة بحيث لا تتعارض مواعيد أي مولد مع آخر معتبرا إن هذه الاحتفالات تعد ظاهرة اقتصادية أكثر منها دينية لأن هناك منتفعين من ورائها كتجار الحلوي مثلا. ولا يخلو الأمر من ايجابيات من خلالها تتمثل في التوسعة علي الفقراء وتوزيع اللحوم والمحاصيل والأموال علي المحتاجين. كما أن بها سلبيات منها الزحام والاختلاط المحرم بين الرجال والنساء والإسراف الذي قد يكون في غير محله. أشار الي أن الاحتفالات بالموالد قلت في القري خاصة في الفترة الأخيرة نتيجة لضغط الوضع الاقتصادي. وبدلا من أنه كانت تقام لمدة أسبوع في بعض القري إلا انها تقتصر حاليا علي ليلة واحدة فيما عدا موالد الصالحين والأولياء المشهورين. قال ايهاب ابراهيم من أشهر الموالد علي مستوي محافظة المنوفية مولد سيدي شبل الأسود بمدينة الشهداء وهو سيدي محمد بن الفضل بن العباس بن عبدالمطلب ابن عم الرسول صلي الله عليه وسلم وشهرته شبل لشجاعته ويعد ضريحه من أشهر أضرحة آل البيت في مصر وبجوار ضريح اخوته السبعة والموجود بمسجده. يقال أن سيدي شبل ولد بالحبشة وكان والده الفضل يتاجر بأمواله وأموال غيره من العرب في بلاد الحبش وحدث أن خرج الفضل في عام 8 هجرية من المدينةالمنورة ومعه تجارة كبيرة للعرب الي بلاد الحبشة فلما باعها حدث بينه وبين حاكمها خلاف علي الضريبة المقررة عليه مما اقتضي بقاؤه فترة لفض هذا الخلاف ولما تم الصلح بين الفضل وبين ملك الحبشة وهبه الملك جارية حبشية بكرا من سواريه اسمه ميمونة هدية له وقد تصادف عند عقده عليها ان حضرت جماعة من الصحابة في المدينةالمنورة الي الحبشة يستطلعون سبب تغيبه تلك المدة الطويلة خاصة ان معه تجارة لجماعة كبيرة من العرب. فعقد له عليها المقداد بن الأسود ومعاذ بن جبل وعبدالله بن عمرو وغيرهم وفي سنة 9 هجرية ولدت ميمونة للفضل ولده شبل الأسود ولعل نعته بالأسود نسبة الي سواد لونه الذي ورثه عن أمه الحبشية. حضر سيدنا شبل الي مصر علي رأس جيش لمحاربة الكفار سنة 21ه وهو في الثانية عشرة من عمره ومات شهيدا سنة 40ه في مدينة الشهداء بالمنوفية والتي سميت بهذا الاسم نسبة الي من استشهدوا في تلك المعركة.