مع اقتراب ليلة النصف من شعبان من كل عام هجرى تتغير ملامح الحياة بجبل "هو"، فتدب الحياة فجأة فى الجبل الساكن معلنة عن موعد الاحتفال بمولد "الأمير ضرار"، حيث يأتى الزوار للمكان الموحش قاصدين زيارة "الأمير ضرار" وإخوته "الناظر" و"خولة" ضمن العادات التى يلجأ إليها كثير من الناس، ظنا منهم أن فى زيارتهم حلا للمشاكل النفيسة والاجتماعية، واعتقاداً منهم أن لكل ضريح القدرة على حل نوع معين من المشاكل التى تواجههم. تعد أضرحة الأمير ضرار وإخوته "خوله" و"الناظر" بقرية (هو) التى تبعد 15 كم جنوب مدينة نجع حمادى من الأضرحة الشهيرة فى صعيد مصر، وتقول الروايات إن الأمير ضرار بن الأزور الأسدى، كان أحد أبطال صدر الإسلام، واشتهر بجهاده فى حروب الردة تحت قياده خالد بن الوليد، وأخته خوله بنت الأزور الأسدى التى حاربت بشجاعة وسط الجيش الإسلامى فى حرب الروم متخفية، لإنقاذ أخوها من الأسر، وسميت بالفارس الملثم. كما تقول الروايات، إنه "هو" وإخوته خوله والناظر إلى صعيد مصر، وبالتحديد إلى محافظه قنا، وماتوا فيها، واعتبرهم الناس من أولياء الله الصالحين، وبنو لهم أضرحة يتباركون بها فى قرية (هو). وتقع الأضرحة الثلاثة فى منطقة تكثر فيها الأفكار والعادات الغريبة التى تنتشر منذ زمن بعيد، وتداخلت مع النهج الحياتى اليومى، ويعتبر المكان مباركا بالنسبة لأهل القرية والمريدين والأتباع والمنتفعين من إقامة الموالد، فمروجوا الكرامات يتربحون من وراء ذلك، ويهللون دائما لصاحب الضريح، وينسجون حوله القصص والروايات الخارقة التى تجتذب البسطاء، ومن أشهر هؤلاء عائلة "النقباء" التى تقيم بجوار ضريح الأمير ضرار، وتنقسم إلى سبعة بيوت، يتولى كل بيت حراسة الضريح ورعايته يوم من أيام الأسبوع، وتحصيل النذور فى هذا اليوم، وتوارثت العائلة المكان جيلا بعد الآخر، وتحفظ عن ظهر قلب الخطوات التى ابتدعوها لينفذها الزائرون للحصول على البركة. "اليوم السابع" اقترب من هذا العالم، وتعرفت على بعض تفاصيله وطقوسه.. ليلة الأمير ضرار تقام كل سبت، وتقوم فيه العائلات الكبرى بالاستعانة بكبار المنشدين والمقرئين وتقديم الولائم لأهالى المنطقة والزائرين. أما الاحتفال السنوى يكون يوم 15 شعبان، ويسمى عيد "البيات" السنوى، حيث تقوم عائلة النقيب بأخذ ثوب الضريح والطواف به فى القرية لمباركة المكان، كما تقوم كل عائلة بزيارة موتاها والمبيت عند المقابر لليوم التالى، وتقام الولائم ويوزع الطعام والفاكهة، ويتم شراء الطبول والألعاب للأطفال. وينتشر فى المولد ما يسمى ب"الكُحريتة"، والتى تستخدم لعلاج العقم وتأخير الحمل، حيث تقوم السيدة الراغبة فى الإنجاب بتقديم النذور والتبرك بماء بئر الضريح، والصعود إلى التل المجاور والتدحرج من فوقه عدة مرات. الحاجة "أمال" التى تسكن بالقرب من الضريح، حكت لنا تفاصيل ما يحدث "الناس اللى بتيجى هنا بتصدق حاجات مش من الدين، والحريم اللى محرومة من العيال تيجى هنا المكان علشان ربنا يرزقها بالخلف.. النقيبة تشرح الخطوات للزائرة.. الأول تأخد ماءً من بير الضريح وتتوضأ، وبعدها تدخل الضريح وتدعى أنها تخلف، وبعدها تروح تشق الجبل (تسير بين المدافن ذهابا وإيابا) وتذهب إلى "الكحريتة" وتلف نفسها بالملاية وتتدحرج من أعلى إلى أسفل وهى بتقول (بركاتك يا سيدى الأمير.. شئ لله يا سيدى الأمير.. شىء لله يأهل البيت) ولو كانت أنجبت قبل كده ومات مولودها، تعمل نفس الشىء، وتخطى قبر الطفل 7 مرات". أما المفاجأة التى ذكرتها الحاجة "أمال "أن الناس فى المنطقة تعتقد أن من يتمكن من زيارة الضريح 7 أيام سبت متتالية، تحسب له حجة، اعتقادا بأن زيارة أصحاب الرسول وأضرحتهم كزيارة قبر النبى عليه الصلاة والسلام وزيارة بيت الله الحرام.