اتهم أهالي قري محافظة قنا. النظام السابق بأنه وراء تشتيتهم حينما سعي إلي تفتيت وحدتهم وتقسيم بعضها ليضم أحد المراكز جزءاً من القرية ويضم آخر الكتلة المتبقية. وذلك لخدمة أشخاص بينهم ضمن الألاعيب التي كان يتباري الحزب الوطني المنحل في تنفيذها مجاملة لرموزه الذين فصلوا الدوائر الانتخابية علي مقاسهم لتصبح حكراً عليهم ولقطع الطريق علي آخرين من منافستهم في الانتخابات البرلمانية.. والنتيجة أصبحت تلك القري "حائرة" ولا تعرف إلي أي مركز أو محافظة تنتمي إذ وجد قاطنوها أنفسهم خارج نطاق الخدمة بعد أن سقطوا من ذاكرة الحكومات المتعاقبة. "المساء" تعرض أربعة نماذج من تلك القري المغلوبة علي أمرها ومنها قرية "قمولا" علي الحدود الجنوبية لمحافظة قنا والتي سقطت ضحية ممارسات النظام السابق حتي انقسمت إلي عدة أجزاء منها الأوسط قمولا والبحري قمولا وتتبعان مركز نقادة بمحافظة قنا. أما القبلي قمولا فيتبع مركز القرنة بمحافظة الأقصر. إلي جانب قرية محمود خليل الحصري التي وجد أهلها أنفسهم حائرين بين مركزي الوقف ونجع حمادي وكل مركز يرفض الاعتراف بها. وكذا "جزل العبل والحمود" بمركز الوقف التي جار عليها نحر النيل القادم من نجع حمادي وقرية "العمرة" بمركز أبو تشت التي تداخلت إدارياً مع مركز دار السلام بمحافظة سوهاج. ومن أجل تقريب الصورة لواقع المعاناة التي خلفتها خطط عقيمة وترسيم حدودي خاطيء في العهد البائد. التقينا سكان تلك القري. ففي "قمولا" التي تقاسمتها محافظتا قناوالأقصر يقول محمود عقيلي من أعيان قرية الأوسط قمولا التي تتبع مركز نقادة بقنا إن النظام السابق لم يراع مصالح السواد الأعظم من سكان قمولا. فسعي لتفتيت القرية وضم القبلي قمولا إلي الأقصر منذ أن كانت مدينة ذات طابع خاص مع مع الإبقاء علي الأوسط والبحري قمولا تابعتين لمركز نقادة من أجل تلبية مطامع أحد رموز الحزب الوطني المنحل في ن يتم تفصيل الدائرة الانتخابية طبقاً لرؤيته وبما يحقق تلك المطامع. والنتيجة أصبحت القريتان محرومتان من كافة الخدمات بسبب تجاهل المسئولين لها. ولم يفكر أي محافظ لإقليم من قبل في الاتجاه إلي تنميتها لكونها آخر حدود المحافظة الجنوبية في الوقت الذي تنعم الشقيقة الثالثة "القبلي قمولا" في الأقصر بشتي المزايا دون إنقاص. ويشير "عقيلي" إلي أن أغلب مصالح مواطني الأوسط والبحري قمولا تقضي في الأقصر لعاملين أولهما قرب المسافة إذ لا تستغرق رحلة الذهاب إليها أكثر من 15 دقيقة في حين أن الفارق بين القريتين ومحافظة قنا التابعتين لها ماي قرب من ساعتين. والعامل الثاني هو التجانس بين أبناء قمولا بصفة خاصة والأقصر بشكل عام. يضيف عبدالحميد حاكم حسن موجه مالي وإداري بالتربية والتعليم وأحد أبناء قرية البحري قمولا: أن هناك تداخلاً في المصالح بين قناوالأقصر بالنسبة لأبناء قمولا ونواحيها. حيث يتم سداد فواتير التليفونات في الأقصر وكذا المعلمون يتبعون نقابة المعلمين بالأقصر إلي غير ذلك من الخدمات. مؤكداً الحرمان التام الذي يعيشه أهالي الأوسط والبحري قمولا خاصة أن مركز نقادة الذي تعود له التبعية من أفقر مراكز محافظة قنا فرغم اتساع الظهير الصحراوي إلا أنه يعاني عدم وجود مصانع أو مشروعات اقتصادية من شأنها الارتقاء بالمستوي الاقتصادي للمواطنين.. يتفق معه في الرأي سراج محمد حسان مهندس زراعي بقوله: إن الأغلبية من أبناء قريتي الأوسط والبحري قمولا يرفضون أن يعشوا في جلباب قنا أكثر من ذلك بعد أن فقدوا الرعاية والاهتمام طوال الأعوام المنقضية. فرغم أن القريتين تشكلان كتلة عالية من السكان إلا أنها لم تحقق لنفسها فرصة التمثيل النيابي لتجد من يطالب بحقوقها بسبب التقسيم الخاطيء للدائرة. إلي جانب انعدام الخدمات. متسائلاً: من يصدق أننا مازلنا حتي اليوم نطالب ومنذ عشرات السنين برصف الطريق من قرية أسمنت وحتي قرية دنفيق مروراً بنجوع القريتين وكذلك المطالبة بإحلال وتجديد الأسلاك الكهربائية وتدعيم القري بمحولات إضافية وإنشاء مدارس ووحدات صحية دون أن تتحقق أي استجابة. ويؤكد أن ضم القريتين لمحافظة الأقصر سيتيح لها فرصة توافر الخدمات حينما تصبح "قمولا" مركزاً إدارياً لأن الأقصر بها ضيق في الحيز العمراني والجغرافي الذي تاح معه توافر الخدمات دون عناء. وفي مركز الوقف شمال محافظة قنا يقول زيدان حسين: إن قرية "جزر العبل والحمود" تتداخل إدارياً مع مركز نجع حمادي لتجد أن سكانها يعانون أشد المعاناة في الحصول علي الخدمات. وفي مركز أبو تشت يقول أحمد رفعت:إن قرية "العمرة" التي تتبع محافظة قنا إدارياً تداخلت مع مركز دار السلام بمحافظة سوهاج. خاصة فيما يتعلق بالظهير الصحراوي حيث تم توصيل خدمات الصرف الصحي لدار السلام ولكن الصرف يجري في صحراء "العمرة" الأمر الذي يتطلب تدخلاً من وزارة التنمية المحلية والجهات المعنية لتوضيح حدود ومعالم المحافظتين. أما قرية محمود خليل الحصري فهي واحدة من القري التي أصبحت حائرة بين مركزي الوقف ونجع حمادي حتي أصبح سكانها لا يعلمون إلي أي مركز هم تابعون؟ وتجد هذه القرية تتبع مركز الوقف في تراخيص المياه. بينما تتبع مركز نجع حمادي في الكهرباء. حتي أن السكان يصبحون في كل يوم علي منغصات تجعل حياتهم حالكة السواد حتي في وضح النهار. ونتيجة اهتمام كل مسئول وارد إلي المحافظة بتجميل المدن علي حساب القري. حتي أصبحت المعاناة الناتجة عن عدم وجود كوب مياه نظيف حلماً بعيد المنال لاعتماد القرية علي مياه الآبار الإرتوازية غير الصالحة للاستخدام الآدمي. كان سكان القرية قد اشتكوا إلي المسئولين بمركز الوقف من سوء أحوال المياه فرفضوا توصيل خطوط مياه تغذي القرية. وأجبروا المواطنين البسطاء علي توصيل الخطوط علي نفقتهم الخاصة. إلي جانب عدم تنفيذ مشروع الصرف الصحي بالقرية وتراكم أكوام القمامة التي تنمو عليها الحشرات الضارة مسببة العديد من الأمراض الوبائية. ومع إسدال النهار لستاره بحل الظلام علي القرية بأكملها نتيجة عدم دعم الشوارع بأعمدة إنارة وكشافات فسفورية. أعرب أبناء قرية محمود خليل الحصري عن ضيقهم الشديد للتجاهل الذي تلاقيه القرية. بعد أن رفض المسئولون بمركز ومدينة الوقف الاعتراف بالقرية ومثلهم مسئولو مركز نجع حمادي بحجة أن القرية لا تقع في زمام المركز رغم وقوعها في نطاق الوحدة المحلية لقرية الحلفاية بحري بنجع حمادي وطالبوا بتدخل رئيس مجلس الوزراء لحسم الأمر حتي تعرف القرية ين مخصصاتها المالية لتتمكن من تحقيق مشروعات تساهم في عودة الروح إلي القرية التي أرادوا دفنها قبل أن تتوقف نبضات سكانها الذين مازالوا يبحثون عن الحل.