مما لاشك فيه ان الأغنية التي تتفوق فيها الكلمة علي باقي العناصر هي أكثر الفنون التي عبرت عن ثورة 25 يناير وعن كل محلقاتها وقد امتازت بصدق هائل يتسلل إلي أعماقك لأن معظمها خرج من الميدان وكان جمهورها الحقيقي الثائرون والمعتصمون فيه لكن لا ننكر ان هناك فرقا مهدت لهذه الثورة ثم شاركت في صنعها من أهمها فرقة "اسكندريلا" التي بدأت مع بدايات القرن الواحد والعشرين بعازف العود المجتهد حازم شاهين وتخصصوا في البداية في أغاني سيد درويش والشيخ إمام والتف حولهم الجمهور بفضل حفلاتهم المستمرة في "ساقية الصاوي" ثم كانت التوليفة الرائعة مع أبناء وأحفاد الشاعرين الكبيرين فؤاد حداد وصلاح جاهين. تعانقت الكلمة الشاعرة مع الأصوات الجميلة مع نغمات شاهين علي آلة العود وزميله شادي مؤنس عازف العود وأحد مؤسسي الفرقة وأشرف نجاتي عازف عود أيضاً والثلاثة يغنون في الفرقة أما الأصوات النسائية سامية صلاح جاهين وآية حميدة ابنة النجم محمود حميدة ويصاحب الجميع عازف البيانو نور بهجت وعازف الإيقاع أيمن مبروك وحالياً نجد انه انضم إليها أعضاء آخرون يعزفون ويغنون. الفرقة لم يتاح لي رؤيتها إلا من خلال الميدان في عدة مرات وجلست وسط الجماهير التي تحفظ أعمالهم التي وجدت نفسي أرددها معهم هذا الجمهور المصري الذي رغم سنوات التصحر الفني والتجهيل الموسيقي المتعمد نجده ذواقاً يختار الكلمة المعبرة ويرددها والنغمة الجميلة يشدو بها.. الفرقة رغم قلة العدد وأيضاً غياب معظم الآلات الموسيقية المعروفة سواء في "التخت الشرقي أو الباند الغربي" إلا انهم استثمروا أصواتهم البشرية بطريقة تدل علي موهبة كبيرة لقائد الفرقة وملحن معظم اعمالها حازم شاهين نجده يركز الاعتماد علي الغناء الجماعي ويتبادل أحياناً مع الصوت الفردي كما في أغنية "يحكي ان" كلمات أمين حداد ايضا هناك التبادل بين الأصوات النسائية والرجالية مثل أغنية "بشويش" وأغنية "صوت الشهداء" التي تعد من انضج ما قدمته هذه الفرقة وتمثل ثراء لحنيا معبرا وتستحق ان تقدم بكورال كبير وبتوزيع موسيقي كامل وخاصة ختامها الجميل والحماسي "الحرية من الشهداء". أمثلة جميلة قدمتها هذه الفرقة تضيق مساحة النشر عن إلقاء الضوء عليها وهي تستحقه وخاصة انها تتميز من حيث الموسيقي بحس شرقي واضح ومن حيث الاداء بطريقة درامية تخدم معني الكلمة كما في أغنية "ده جنب ده" وكأن هناك من يقف يرتب وينظم الصفوف. مطرب الثورة من الصعب ان نذكر اغاني الثورة التي خرجت من بين صفوف الثوار دون ذكر رامي عصام طالب الهندسة الثائر الذي لم يترك الميدان وأغانيه الحماسية والتي تعبر بشكل مباشر عن طلبات الثوار حيث ساهم بدور كبير ومازال في هذه الثورة وتقريباً جميع الشباب يحفظون أغانيه ويرددونها معه.. رامي ليست لديه فرقة موسيقية الا جيتاره وتصفيق الجماهير معه ورغم ان أعماله امتداد لموجة الألحان القصيرة والمتأثرة ببعض فنون "البوب" إلا أنه كما سبق ان ذكرت الصدق والمناسبة والكلمات المعبرة تمس القلوب بداية من أغنيته الشهيرة "الجيش العربي فين" وأغنية "يا أبو دبورة وشورت وكاب" و"كلنا إيد واحدة مدنية". أخيراً ما تناولناه في هذا الموضوع مجرد نماذج ولكن مازال هناك فرقا مهدت للثورة وشاركت فيها ولكن التجربة الموسيقية لديها كان لها دور بارز وأكثر عمقاً مثل فرقة "أنا مصري" والتي سبق ان تناولنا إحدي حفلاتها قبل الثورة بعام كامل وأيضاً فرقة مصطفي سعيد والاثنان لنا معهم لقاء قريب علي هذه الصفحة.. ولكن بشكل عام لن يتم التأريخ لثورتنا المباركة والتي مازالت مستمرة الا وسوف يتم ذكر هذه الفرق وهؤلاء المطربين وغيرهم ممن خرجوا من رحم الثورة كما يحدث مع ثورة 1919 وألحان فنان الشعب سيد درويش.