استأنفت دار الأوبرا نشاطها علي المسرح الكبير بحفل أحيته الفرقة القومية العربية للموسيقي بعد التوقف لفترة حداد علي شهداء أحمد محمود والذين لم نجد اثرا لهم في هذه الحفلة لا تحية من القائد ولا أغنية يتم من خلالها إضفاء الجو الثوري الذي يسيطر علي مشاعر الجماهير ولكن هذا لا يمنع ان الحفل نجح فنيا واستطاع المايسترو سليم سحاب ان يقدم برنامجا متوازنا ومتنوعا وعلي درجة عالية من الاتقان لم يعبه إلا الإنفصال عن الواقع وكأن هذا مقصود لأن هذه الفرقة لديها رصيد رائع من الأغاني الوطنية والثورية كان يجب أداء بعضها. الحفل تضمن 13 فقرة جاءت جميعها غنائية ولم تعزف فقرة موسيقية واحدة رغم ان عدد العازفين أكثر عدداً من المنشدين "المجموعة" التي من المفترض أنها تميز هذه الفرقة.. كانت البداية مع أغنية "انشالله ما أعدمك" من ألحان أحمد صدقي وكلمات فتحي قورة وشدا بها أحمد الشامي الذي يعد من أقدر الأصوات حاليا علي الساحة يؤدي أغاني محمد قنديل وذلك لأن نسيج صوته متشابه معه وهذه الملاحظة تنطبق علي معظم الأصوات التي استمعنا اليها في هذا الحفل مثل خالد شهدي الذي أدي ببراعة أغنية محمد عبدالمطلب "ساكن في حي السيدة" ألحان محمد فوزي الذي استمعنا من ألحانه أيضا إلي أغنية "مال القمر" التي غناها أشرف فريد وكأنه محمد فوزي نفسه وعامة محاولة احياء أصوات المطربين ليس عيبا لأن هذه فرق للتراث.. من نفس المنطلق غني اسماعيل صادق أغنية محمد عبدالوهاب "حب الوطن" وأدي أحمد سعيد أغنية "سمرة ياسمرة" من ألحان كارم محمود واختتم الفصل الأول بأغنية سيد مكاوي "وحياتك ياحبيبي" التي أداها أحمد عفت وهاتان الأغنيتان لم يكن فيها للمجموعة دور فهي أغاني فردية بعكس الأغاني الأخري التي يحسب للمايسترو سحاب اختياره لأعمال الكورس يدخل في توزيعها. في الفاصل الأول قدم سحاب احدي نجمات الفرقة تدعي حسناء لتشدو بأغنية أم كلثوم "هذه ليلتي" من أشعار جورج جرداق وألحان محمد عبدالوهاب وتعد من روائعه وجاء غناؤها مفاجأة طيبة حيث انها تمتلك صوتا مرنا قادرا علي التلوين تؤدي اللحن بأمانة وبهذا تضاف لقائمة المطربات التي تقدم أغاني كوكب الشرق وأري أن يستعين بها المايسترو غباشي في حفلات "كلثوميات" التي يقدمها أحيانا وتحظي بإقبال جماهيري. الفاصل الثاني من الحفل أحيته الفنانة ريم كمال والتي هي من أبناء هذه الفرقة ولديها الان فرقة أخري تسمي روائع النغم وسوف أستعير هذا الأسم لأصف به غناءها في هذا الحفل حيث أدت لنا حقا الرائع من تراثنا فكانت البداية مع رياض السنباطي وأغنية "إن كنت ناسي أفكرك" والتي تتضمن توزيعا جميلا للكورال من آهات وترديد كما قدمت من ألحان السنباطي أيضا أغنية "مين يشتري الورد" احدي الأغاني الثانية لكوكب الشرق في هذا البرنامج وتختتم الحفل بالرائعة الثالثة "الحلم" من كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد لتؤكد بهذا الأداء المتنوع انها قادرة علي السباحة في تيار الألحان الجميلة ولا يفوتنا ان نذكر انها أدت أغنية وطنية قربت المستمع من الواقع الذي يعيشه خارج أسوار الأوبرا حيث شدت بأغنية عليا التونسية "ياحبيبتي يامصر". المايسترو سحاب حاول ان يعوض غياب المقطوعات الموسيقية عن البرنامج فقدم أعمالا تتضمن عزفا منفردا لبعض الآلات ظهر من خلالها مهارة العازفين فنجد أنه كان هناك عزف جميل علي آلة البزق من الدكتور الديواني الذي أري انه تعدي مرحلة الهواية إلي الاحتراف كما كان هناك عزف لآلة العود من نجم الفرقة سيد منصور وكان هناك عزف أيضا للكمان والقانون كما ان مجموعة الايقاع كان لها دور بارز في هذا الحفل. أخيرا البرنامج شيق ولكن التبكير بالنجومية من الأمور التي تضر المطرب وأيضا التراث والسؤال لماذا لا يقف المطرب الفرد مع المجموعة ويأتي من الخارج ليؤدي أغنيته فقط وكأن المجموعة مجرد كورس جاءت سنيدة له للأسف هذه التقليد بدعه سليم سحاب واخذه عنه المايسترو غباشي نتمني ان تعود تقاليد نويرة لأنها تجعل المغني حافظا لكل الألحان وتعطي للمجموعة قيمة فنية تستحقها.