مع فجر يوم السبت 26 يناير 1952 خرج جنود بلوكات النظام المكلفين بحفظ الأمن في القاهرة من ثكناتهم بالعباسية حاملين أسلحتهم البسيطة وهم في حالة غليان وغضب علي ما أصاب زملائهم في المجزرة التي حدثت لهم علي يد القوات البريطانية في الاسماعيلية في اليوم السابق واتجه الجنود في مظاهرة حاشدة إلي الأزهر فميدان محمد علي "العتبة حاليا" ثم اتجهوا إلي ميدان الاسماعيلية "التحرير حاليا" وذهبوا إلي جامعة فؤاد الأول "القاهرة حاليا" حيث اختلطوا بالطلاب وانطلقوا جميعا في مظاهرات حاشدة واتجهوا ناحية مجلس الوزراء. في نفس الوقت انطلقت مظاهرات أخري من عمال العنابر والسكة الحديد وطلاب الأزهر وجامعة عين شمس.. وبمعني آخر سارت مظاهرات ضمت كل الطوائف.. كلهم ثائرون مع أحداث الاسماعيلية.. ومنددة بقطاع الحكم الملكي.. وفجأة اختلط الحابل بالنابل.. وعند الظهر تطورت الأحداث بشكل غريب وعمت الفوضي واشتعلت الحرائق وانتشرت أعمال التخريب لتشمل كازينو الأوبرا الشهير وفندق شبرد أشهر فنادق مصر في ذلك الوقت بخلاف دور الملاهي والسينما والكازينوهات والمحال التجارية وقد بلغ عددها نحو 700 محل ووصلت الخسائر إلي 12مليون جنيه من بينها مليون جنيه خسائر فندق شبرد و800 ألف جنيه خسائر محلات شيكوريل وكشفت التحقيقات ان حسين صبحي بك مدير الأمن العام طلب ارجاء الدراسة في الجامعات إلي 31 يناير حيث كانت الجامعات مغلقة إلي هذا التاريخ إلا انه صدر قرار فجائي باستئنافها يوم 26 يناير ولم يؤخذ برأي مدير الأمن. كذلك اقترح اللواء أحمد عبدالهادي مدير عام البوليس فتح الكباري لمنع وصول المظاهرات من الجيزة إلي قلب العاصمة.. وأيضا رفض الاقتراح وقال النائب العام عبدالرحيم بك غنيم ان كبار المسئولين في وزارة الداخلية لم يتخذوا العدة لمواجهة الحالة وان عليهم تقع تبعة عدم توقع احتمالات ما قد يحدث يوم 26 يناير.. ويقول حسن يوسف نائب رئيس ديوان الملك في مذكراته "ان أحدا لا يتصور أن تقوم مظاهرة من الصباح الباكر ولا تقبع إلا بعد الغروب وان تحترق العاصمة علي امتداد ساعات النهار وطرفا من الليل علي مرأي من الوزارة وسمعها وهي التي عرفت بالحزم والربط في ظروف مماثلة". المهم ان المتهم الرئيسي في هذا الحادث كان احمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة. كان ذلك يوم 26 يناير سنة 1952 وحدث ما حدث من حرائق وخراب ودمار. وتكررت مثل هذه الأحداث ولكن بعد 59 عاما وفي يوم 26 يناير سنة ..2011 استمرت المظاهرات في القاهرةوالسويسوالاسكندرية وبعض المحافظات وتجددت الاشتباكات بوسط القاهرة بين المتظاهرين ورجال الأمن.. ومات بعض المتظاهرين بينما جرح وأصيب ما يقرب من 300 مواطن ما بين مدني وشرطي.. كانت القاهرة تغلي وعلي فوهة بركان من الغضب. المتظاهرون لا يريدون ترك أماكن تجمعهم في ميدان التحرير بالقاهرة وحي الأربعين في السويس وميدان القائد ابراهيم في الاسكندرية. الكل أجمع علي مطلب واحد هو اسقاط النظام بعد أن اشتد الغلاء وعم الفساد.. ولا يجدون أي سبيل للاصلاح رغم تصريحات الحكومة المستمرة وفجأة اقبل المستثمرون علي بيع أسهمهم في البورصة ووصلت الخسائر فيها إلي 30 مليار جنيه في هذا اليوم..