عام كامل مر علي الثورة.. كان بمثابة أحزان وأوجاع لأسر الشهداء والمصابين.. اجتروا خلاله ذكريات أليمة.. خاصم النوم عيونهم لفراق فلذات أكبادهم.. عانوا خلاله الأمرين من سوء معاملة المسئولين وتعنتهم. واليوم.. يسترجع الأهالي بداية الذكريات الأليمة لفراق أحبابهم وكلهم عزيمة وإصرار علي مواصلة مشوار الدفاع عن حقوق الشهداء والقصاص من قتلتهم. أعربت أسر الشهداء عن أسفها لتأخر وبطء محاكمة القتلة والأحكام التي صدرت ببراءة بعض الضباط وأمناء الشرطة مؤكدين انهم قد يضطرون للقصاص بأنفسهم من قتلة فلذات أكبادهم. "المساء" التقت ببعض المصابين وأسر الشهداء فماذا قالوا بعد عام علي قيام الثورة. في منزل الشهيد خالد عطية الذي صعدت روحه إلي خالقها يوم 28 يناير 2011 عن عمر يناهز "17 عاما" خيم الحزن علي كل أرجاء المنزل ووجدنا والدته في حالة حزن شديد وكأنها شيعت جثمانه منذ ساعات وليس عاماً كاملاً. ولد بار قالت السيدة "أسمه محمد عبدالرحمن" والدة الشهيد خالد ل "المساء" ابني كان طالباً في مدرسة النشر والطباعة قسم مونتاج وكان يحلم بعد تخرجه بالعمل في أي صحيفة.. وبالإضافة لذلك عمل في محل ملابس لمساعدة والده علي أعباء الحياة والإنفاق أيضاً علي نفسه.. وأقسم أن خروجه للعمل كان من تلقاء نفسه وهو ابن "14 عاما" إحساساً منه بالمسئولية.. انه كان ولداً باراً. أضافت: أصر خالد علي الخروج يوم 28 يناير الماضي للمشاركة في المظاهرات لكنه لم يتوجه هو وزملاؤه إلي ميدان التحرير واختاروا الوقوف بطريق مصر حلوان الزراعي أمام مدرسته للتعبير عن مساندتهم للثوار في التحرير.. وكان جزاؤه طلقا ناريا توفي علي أثره ليترك لي ووالده الحزن الأبدي علي فراقه. أضافت انها سوف تنزل اليوم إلي ميدان التحرير ولكن ليس للاحتفال وإنما للمطالبة بتحقيق مطالب الثورة والقصاص للشهداء والثأر من قتلتهم.. وتساءلت: بأي ذنب قتل ابني الذي لم يتجاوز عمره ال 17 عاماً موضحة أنها سوف تحمل وأمهات الشهداء صور فلذات أكبادهم التي اغتالتها رصاصات الغدر. قالت: لقد مر عام ونحن نتجرع آلام وحزن فراق أولادنا ولم تتم محاكمة قتلتهم بل برأت بعض المحاكمات ضباط وأمناء شرطة مما أصابنا بخيبة أمل شديدة وشعرنا أن دماء أولادنا ذهبت هباءً.. وإذا استمر الوضع هكذا.. فسوف نأخذ ثأرهم بأيدينا. نار الفراق تقول والدة الشهيد طاهر مرتضي فرج أحمد: منذ فراق نجلي لم يغمض جفني إلا قليلاً.. ونار فراقه تحرق قلبي وكل جسدي ليس اعتراضا علي قضاء الله وقدره وإنما لأن قتلته لم يعاقبوا حتي الآن ومنهم من هو طليق ينعم بالحياة ومنهم من يتواجد في سجن مزرعة طره وكأنهم في فندق خمس نجوم.. وتساءلت: هل هذا عدل؟! وهل هذه محاكمة؟! أضافت: ابني أصيب يوم 28 يناير ووافته المنية يوم السبت 29 يناير عن عمر يناهز السابعة والعشرين عاما هو أصغر أبنائي ولديه ولدان وبنت موضحة انه أصيب بطلق ناري أسفل العمود الفقري بطول 20 سم وللأسف الشديد تركت خانته بسبب الوفاة في شهادة الوفاة خالية لأن الطبيبة التي جاءت للكشف عليه رفضت تدوين السبب وغيرت في أقوالها. وحسبي الله ونعم الوكيل. قالت: للأسف تم إسقاط ابني من شهداء الثورة علي الرغم أن معي أوراقا تثبت ذلك من نيابة قصر النيل وانه توفي نتيجة طلق ناري أصابه أثناء تواجده بميدان التحرير أدي لوفاته.. مؤكدة انها سوف تنزل اليوم للميدان للمطالبة بحق ابنها والقصاص من قتلته. غياب الدولة قالت أم الشهيد طاهر مرتضي فرج أحمد: استشهد ابني يوم جمعة الغضب في ميدان التحرير وتعرف عليه أصدقاؤه واتصلوا بنا وعندما ذهبنا إليه كان فاقد الوعي فأسرعنا بنقله إلي مستشفي إمبابة وتم استخراج شهادتي وفاة وتصريح بالدفن لكن لم يدون فيها سبب الوفاة وعندما سألنا الطبيبة وقتها قالت انها لا تستطيع اثبات سبب الوفاة سوي بعد تشريح الجثة ولم نستطع فعل أي شيء خاصة ان يومها غابت الدولة تماما وسيطر البلطجية علي الشوارع ولم نتمكن من نقله إلي المشرحة وفضلنا دفنه وبعدها بفترة توجهت إلي نيابة عابدين وتم عمل شهادة باستشهاد ابني يوم جمعة الغضب بطلق ناري وأن مكان الوفاة هو ميدان التحرير ولكن لم أتمكن من إثبات هذا وتدوين سبب الوفاة بشهادة الوفاة ولا أطلب الآن سوي إثبات استشهاد ابني والقصاص العادل من القتلة. أضاف محمد مرتضي شقيق الشهيد طاهر ذهبنا لجميع المسئولين لكن دون جدوي وحتي الآن لم نأخذ حق أخي الذي كنا سنتزوج سوياً في ليلة واحدة لولا رصاص الغدر. وقد قررت عدم الذهاب إلي ميدان التحرير اليوم طالما أخي لم يأخذ حقه فكيف احتفل بالثورة ودمه مازال هدراً وأقول للحكومة ومجلس الشعب دماء دم أخي في رقبتكم. سجن أبو زعبل قال الحاج حسيب عبدالرافع موظف بالسكة الحديد والد الشهيد "عبدالرافع" استشهد ابني أمام سجن أبوزعبل بطلق ناري يوم 29 يناير عندما ذهب للاطمئنان علي أخيه محمد الذي يعمل أمين شرطة فأصابته طلقة نارية من قوات الشرطة بالسجن. وقد كان ابني خفيرا نظاميا وأباً لطفلين هما محمد 8 سنوات وأدهم 5 سنوات وأسرته ليس لها أي دخل بعد رحيله ومعي محاضر تثبت استشهاده وتاريخ الوفاة وهو ضمن شهداء الثورة ولكن للأسف الشديد لم نصرف أياً من مستحقاته حتي الآن. خمس طلقات يقول سويلم خميس سويلم "مصاب" لقد اشتركت في الثورة منذ يومها الأول ولم أغادر ميدان التحرير وفي يوم 28 يناير الماضي أصبت بخمس طلقات خرطوش اثنتان في الرجل اليمني واثنتان في اليسري وواحدة في الفخذ اليمني وقدمت شهادات طبية تثبت أن إصابتي خطيرة ولكن دون جدوي. أضاف: لم تنل هذه الإصابات من عزيمتي وعاودت النزول للميدان في أحداث محمد محمود الدامية وأصبت خلالها أيضاً بطلقات خرطوش في ظهري.. وقد كان الموت قريباً مني. معاملة سيئة يواصل سويلم الحديث ل "المساء" والدموع تتساقط علي خديه حزناً علي سوء معاملة المسئولين له مؤكداً أنه تمني لو نال الشهادة واستراح.. فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.. أما أنا وأقراني فنعاني من الاهمال وسوء معاملة المسئولين ونعيش كالأموات.. فلا نحن نلنا شرف الشهادة ولا نحن الذين نالوا التقدير والمعاملة الطيبة. أضاف: لقد تم ارسالي إلي مستشفي درجة عاشرة ومتواضع لإجراء فحوصات طبية وإجراء جراحة لاستخراج الخرطوش من جسدي لكنني غادرتها في ظل المعاملة السيئة والاهمال الذي وجدته. قال: أطلب إجراء الجراحة بمستشفي المركز الطبي العالمي الذي يعالج به الرئيس المخلوع حسني مبارك.. فهو ليس أفضل من مصابي الثورة الذين ضحوا بدمائهم وقدموا الغالي والنفيس من أجل حرية مصر وحياة أفضل لشعبها. يقول رامي مجدي "27 عاما" محام: أشعر بحزن ومرارة من المعاملة السيئة.. وقد خرجنا فداءً للوطن.. فهل هذا جزاؤنا.. لقد شاركت في الثورة منذ اندلاعها يوم 25 يناير 2011 وشاء القدر أن أصاب بطلق خرطوش في الوجه والرقبة والكتف وأجريت عملية جراحية لكنها لم تكن علي المستوي الطبي المأمول.. حيث مازلت أعاني بشدة من آلام في الوجه والرقبة والكتف طوال الوقت ورغم ذلك مازلت مستعدا لبذل روحي فداءً للوطن. أضاف: أشعر أن هناك من ينتقم منا ويريد اذلالنا خاصة المركز القومي لرعاية المصابين وشهداء الثورة.. فالقائمون عليه يعاملوننا بجفوة وقسوة وكأنهم يعاقبوننا علي مشاركتنا في الثورة.. وكل الوعود التي أطلقوها عبر وسائل الإعلام المختلفة لم يتحقق منها إلا النذر اليسير مشيراً إلي أن د. حسني صابر أمين عام المجلس يتعامل مع المصابين وأسر الشهداء بعناد شديد ودائماً قراراته عكسية.. فمن يحتاج إلي إجراء جراحة عاجلة يعرقلون أوراقه بإجراءات روتينية عقيمة عفا عليها الزمن ومن يحتاج إلي علاج بسيط يتم توجيهه إلي أحدث وأكبر المستشفيات. أوضح انهم التقوا الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء وشرحوا له كافة العقبات والمشكلات التي تواجههم.. وطالبنا بإقالة د. حسني صابر وتعيين شخصية أخري تشعر بآلام وأوجاع المصابين والبسطاء. إصابات بالغة يؤكد محمد إبراهيم "مصاب" انه يعاني بشدة حتي هذه اللحظة من الاصابات البالغة في مختلف أنحاء جسده مشيراً إلي أنه تواجد بالميدان منذ اليوم الأول للثورة ولم يغادره سوي أيام قليلة. قال أشعر بآلام مبرحة في عيني ووجهي خاصة أثناء الليل.. وللأسف الشديد أشعر أن دماء الشهداء والمصابين ذهبت هباءً.. فمطالب الثورة لم يتحقق منها أي شيء حتي الآن.. وأطالب رئيس الوزراء بأن يكون هناك اهتمام حقيقي بالمصابين وأسر الشهداء.