ظل القطن المصري يشكل أهمية كبري في الاقتصاد المصري علي مدي سنوات عديدة.. ومع بداية النصف الثاني من القرن 19 احتل أول قائمة المحاصيل الزراعية وأخذت زراعته تزداد عاما بعد عام.. وفي عهد عباس باشا أي في سنة 1849 بلغت صادرات القطن 31% من جملة الصادرات المصرية. وخلال فترة الحرب الأهلية الأمريكية التي امتدت من 12 أبريل 1861 إلي 1865 نقص إنتاج الولاياتالمتحدة من القطن نقصا كبيرا.. وبذلك اشتد الطلب علي القطن المصري في البلاد الأوروبية بصفة عامة وإنجلترا بصفة خاصة وترتب علي ذلك ارتفاع أسعاره بصورة مذهلة ووصل سعر القنطار إلي 45 ريالا بعد أن كان متوسط سعره 12 ريالا فقط.. وأدت هذه الأرباح الطائلة التي جناها المزارعون ان امتدت زراعة القطن في كل مكان في الوجهين البحري والقبلي ووصلت المساحات المزروعة إلي 700 ألف فدان. وحققت صادرات القطن أعلي معدلاتها في الفترة من سنة 1910 إلي ..1914 وفي سنة 1920 واصلت أسعار القطن ارتفاعها. يقول المهندس سيد مرعي وزير الزراعة في الستينيات من القرن الماضي أنه حدثت كارثة في سنة 1961 بالنسبة للقطن حيث تلقي أنباء من بعض أجهزة وزارة الزراعة بأن دودة القطن بدأت تنتشر بشكل غير عادي والوزارة لا تقاومها إلا بالطرق المعتادة ويضيف قائلا: إنه بالقرب من مدينة السنبلاوين بالدقهلية شممت رائحة الدودة.. ثم إن للدودة رائحة يعرفها الفلاحون. واكتشف أن الإصابة وصلت إلي حالة خطيرة واكتشف أيضا أن المبيد الذي تستخدمه الوزارة فقد تأثيره ورغم تأكده من خطورة الموقف إلا أن أحد كبار العاملين في الوزارة افتي بأن الخطورة لم تصل إلي الحد المرعب وأدركت أن محصول مصر الأساسي مهدد هذا العام ووصل الأمر إلي الرئيس عبدالناصر الذي أمر بضرورة متابعة الموقف بدقة.. ولكن في عام 1969 وصل إنتاج محصول القطن إلي عشرة ملايين و800 ألف قنطار وهو أعلي رقم لمحصول القطن في تاريخ الزراعة المصرية. والغريب أنه رغم أهمية القطن بالنسبة لمصر.. إلا أن الاهتمام تراجع خلال السنوات الثلاثين الماضية وتركت وزارة الزراعة أمر زراعته لرغبة المزارع ولم تعد تهتم بالشراء منه وبالتالي تقلصت المساحة التي كانت تزرع قطنا إلي 300 ألف فدان في الوقت الذي كانت المساحة المنزرعة في القرن 19 قد بلغت 700 ألف فدان وبينما كنت صادراته تمثل 93% من إجمالي صادرات مصر في عهد الخديو عباس.. تراجع اهتمام الحكومة بتسويقه وبالتالي شعر الفلاح بإحباط شديد فالقطن مخزون في المخازن والديون تلاحقه وهو لا يعرف كيف يبيع ما أخرجته الأرض والغريب أن الحكومة بدأت في استيراد القطن من دول أخري لأن مصانع الغزل والنسيج المصرية كانت مهددة بالتوقف إن لم تكن قد توقفت بالفعل.. وأخيرا أعلنت الحكومة أنها ستشتري المحصول بمبلغ 2000 جنيه للقنطار علشان خاطر عيون المزارع والآن هل تسترد زراعة القطن عافيتها في ظل نظام مصر الجديد!!