حينما طرحت وثيقة الدكتور علي السلمي الخاصة بتشكيل اللجنة المنوط بها وضع الدستور انقسم المجتمع متمثلاً في رموزه السياسية إلي فريقين أحدهما يري في هذه الوثيقة التفافاً علي الشرعية خاصة شرعية الاستفتاء الذي أجري في 19 مارس 2011 وكذلك الإعلان الدستوري الصادر في30 من نفس الشهر. بينما يري الفريق الثاني ان الوثيقة هي الضمان الوحيد لعدم سيطرة تيار سياسي بعينه "الإسلاميين" علي اللجنة بحكم الأغلبية البرلمانية وبالتالي علي صياغة الدستور. لقد كان الاخوة الليبراليون والقوميون واليساريون من أشد المؤيدين لهذه الوثيقة وفي مقدمتهم شخصيات معروفة إعلامياً مثل الدكتور عمرو حمزاوي باعتباره أحد أكبر المدافعين عن مدنية الدولة والمستميتين عن حق الشعب بكل تياراته وطبقاته وفئاته في صياغة الدستور الجديد دون انفراد مجلسي الشعب والشوري بوضع الدستور باعتباره وثيقة قومية يجب ان تعبر عن الشعب كله وليس البرلمان أو أغلبيته فقط خاصة ان هذه الأغلبية متغيرة من انتخابات إلي أخري. كما ان البرلمان ذاته إحد السلطات الثلاثة وفي انفراده بوضع الدستور مخالفة صريحة للمباديء الدستورية المقررة عالمياً وحمدنا له ولأمثاله هذا الموقف المبدئي المحترم. بالصدفة شاهدت د. عمرو حمزاوي علي إحدي القنوات الفضائية منذ أيام وبعد ان فاز بعضوية البرلمان وبمناسبة المبادرة التي أطلقها بالاشتراك مع د. مصطفي النجار للتبكير بانتخابات رئاسة الجمهورية يدافع بنفس الحماس وبنفس الاستماتة عن حق أعضاء مجلسي الشعب والشوري منفردين في اختيار أعضاء اللجنة المنوط بها وضع الدستور محتمياً بشرعية الانتخابات وباستفتاء 19 مارس والإعلان الدستوري الصادر في 30 من نفس الشهر أي انه تبني أخيراً وجهة نظر التيارات الإسلامية وتخلي تماماً عن موقفه السابق بعد ان تبدلت المراكز القانونية وأصبح بالانتخابات واحداً من هؤلاء الأعضاء الذين سيختارون وحدهم أعضاء اللجنة!!! سبحان مغير الأحوال .. فهل هذه هي السياسة في مفهوم هؤلاء؟!