لم يخطئ الدكتور بطرس بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان والأمين العام الأسبق للأمم المتحدة عندما نبه الساسة الجدد الذين أفرزتهم ثورة 25 يناير إلي ضرورة دعم روابط مصر السياسية والاقتصادية بدول العالم الخارجي. وقال إن مشاكل مصر لا يمكن حلها داخليا فقط. بل لابد من التعاون مع الدول الأخري خاصة وأن موقعها في قلب منطقة الشرق الأوسط يتطلب ذلك. وحذر الحركة الأصولية "يقصد التيار الإسلامي الذي اكتسح انتخابات المرحلة الأولي" من غلق الأبواب والانعزال علي أنفسهم. هذه الآراء التي أعلنها الدكتور بطرس بطرس غالي في مقر المجلس القومي لحقوق الإنسان لم تعجب احدي الصحف الحزبية. فكتبتها في صفحتها الأولي علي أربعة أعمدة واختارت لها عنوانا يحمل تعليقا هجوميا علي الرجل هذا نصه: "من شابه ابن أخيه فما ظلم.. بطرس بطرس غالي يطالب بتدخل الدول الخارجية لحل مشاكل مصر". لقد قرأت التصريحات التي نشرتها الصحيفة فلم أجد فيها ما يدل علي المطالبة بتدخل الدول الخارجية لحل مشاكل مصر. وإنما كانت المطالبة بالعمل علي الانفتاح علي العالم الخارجي للتغلب علي المشاكل الكبيرة وفي مقدمتها تراجع الاقتصاد حيث يحجم السياح والمستثمرون عن المجيء إلي البلاد بسبب الاضطرابات خاصة وأننا في حاجة إلي اعالة مليون أو مليوني شخص يضافون سنويا إلي السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة. ونبه الدكتور بطرس إلي ضرورة الاهتمام بأزمة المياه التي تلوح في الأفق مع تطلع الدول الأفريقية في الجنوب إلي الاستفادة بشكل أكبر من نهر النيل علي حساب مصر. قال إن الرأي العام يولي اهتماما أكبر لما يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة بدلا من الاهتمام بما يجري في البلدان الأفريقية حيث توجد منابع النيل.. ونبه إلي أن الشعارات التي رفعتها ثورة 25 يناير ركزت فقط علي السياسة الداخلية ولم تتطرق أبداً إلي السياسة الخارجية. وأبدي أسفه لأن مبارك فشل أيضا في معالجة هذه القضايا من خلال حوار دولي أعمق. مما أدي إلي قيام إثيوبيا ومعها خمس دول أفريقية من حوض النيل للتوقيع علي معاهدة جديدة من شأنها أن تخفض حصة مصر من المياه. حيث بموجب هذه المعاهدة تحصل علي 90 في المائة من حاجتها من مياه النهر رغم تزايد هذه الحاجة مع النمو السكاني. هذا الكلام في رأيي لا يوجد فيه ما يبرر الهجوم علي الرجل. ويقارن بينه وبين ابن أخيه يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق الذي أفسد الاقتصاد المصري وهرب بعد الثورة. د. بطرس غالي رجل له إنجازاته عندما كان وزير دولة للشئون الخارجية. وابعدته أمريكا عن أمانة الأممالمتحدة لوقوفه ضد ارادتها فيما يتعلق بمجزرة "قانا" التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين ولا يصح مقارنته بيوسف بطرس. إن لجوء بعض الصحف لاختيار عناوين مثيرة لا تتناسب مع مضمون الخبر لا يعطيها المصداقية اللازمة لكسب ثقة القارئ.. والصحيفة ظلمت الدكتور بطرس غالي بهذا العنوان المثير والمسيء.