شهد قطاع الطيران المدني الأسبوع الماضي حادثاً مأساوياً أعاد إلي أذهاننا المواطن التونسي بوعزيزي الذي أشعل النار في نفسه بعد تعرضه لضغوط من السلطات أدت إلي تراكم الديون عليه.. وترتب علي الحادث انفجار ثورة تونس. الحادث يتلخص في تخلص رجل الأعمال عدلي أيوب "34 عاماً" صاحب شركة ميدويست المصرية الخاصة للطيران من حياته برصاصة أطلقها علي نفسه بعد فشله في إقناع سلطة الطيران المدني بجدولة ديونه والسماح بإقلاع الطائرة المملوكة لشركته إلي باكستان لتنفيذ العقد الذي أبرمه بتأجيرها لإحدي الشركات في باكستان.. رغم أن ديونه لم تتجاوز ال200 ألف دولار وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالاستثمار في مجال الطيران المدني.. ورغم أن الطائرة مسجلة في سجل الطيران المدني المصري وطبقاً لقوانين الطيران المدني الدولية يحق لسلطة الطيران المدني المصرية إيقافها عن الطيران وإعادتها إلي مصر في حال إحجام الشركة عن سداد ديونها بعد تخطيها عثرتها.. لكن تعنت السلطة أدي إلي زيادة ديون الشركة بتغريمها الشرط الجزائي لعدم تنفيذها بنود العقد مع الشركة الباكستانية إضافة إلي الخسائر التي تتكبدها "ميدويست" وغيرها من الشركات الخاصة يومياً منذ قيام ثورة 25 يناير. والحقيقة أن انتحار صاحب شركة ميدويست للطيران تعد الحادثة الأولي لكنها في اعتقادي لن تكون الأخيرة بين أصحاب شركات الطيران المصرية الخاصة بسبب الضغوط اللامحدودة من سلطة الطيران المدني عليهم. أزمة شركات الطيران المصرية الخاصة تنقسم إلي جزءين.. الأول منها بدأ منذ أعوام عندما قامت السلطة بالضغط بكل ما أوتيت من قوة علي الشركات الخاصة مستترة بشعار حماية الشركة الوطنية.. وفي نفس الوقت قامت السلطة بفتح الباب علي مصراعيه لشركات الطيران الخليجية منخفضة التكاليف لتنظيم رحلاتها بالمطارات المصرية علي حساب الشركات الخاصة المصرية.. أما الجزء الثاني هو الخسائر الكبيرة التي تتكبدها الشركات الخاصة بسبب الأحداث التي تشهدها البلاد.. وللأسف لم يتحرك مسئول من الوزارة أو السلطة حتي الآن للاجتماع بأصحاب هذه الشركات لبحث مشاكلهم ومحاولة مساعدتهم علي حل ولو جزءاً منها رغم أن الاستثمار في مجال الطيران المصري الخاص يصل إلي مليارات الدولارات ويعد جزءاً لا يتجزأ من منظومة الطيران المدني المصري.. وإن انهيار الطيران الخاص في مصر يمثل سقوطاً لوزارة الطيران المدني. نتمني أن يدرك الطيار لطفي مصطفي كمال وزير الطيران المدني خطورة الموقف وأن يسارع بالاجتماع مع أصحاب شركات الطيران المصرية الخاصة للاستماع إلي مشاكلهم وبحث سبل تعويم شركاتهم وحمايتهم من تعنت سلطة الطيران المدني خاصة أن هناك بعض الشركات قد أفلست وخرجت بالفعل من السوق.. بينما نري جميعنا باقي الشركات في طريقها للإفلاس لنخسر بذلك استثمارات تقدر بالمليارات إضافة إلي زيادة نسبة البطالة. وعمار يا مصر!!