أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    في يوم العمل الإنساني.. دعم إماراتي متواصل لإغاثة المحتاجين حول العالم    حسام المندوه: عقدنا جلسة مع وزير الإسكان وجاري حل أزمة أرض أكتوبر    مساعد وزير الداخلية الأسبق: 50 جنيهًا غرامة عبور المشاة عشوائيًا.. والمطلوب هو التطبيق الفعلي    «الأهم تدعوا لها».. محمود سعد يرد على شائعات تدهور حالة أنغام الصحية    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    كرم جبر يكتب: مصر والعرب.. الحكمة في زمن الارتباك!    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    جهاز حماية المستهلك يكشف شروط الاسترجاع واستبدال السلع بالأوكازيون الصيفي    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    4 أبراج لا تستطيع بدء يومها بدون قهوة.. القوة المحركة لهم    القومي للمرأة يشارك في قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    "تعليم الشرابية" توجه بسرعة رفع المخلفات وتكثيف أعمال التشجير بالمدارس    حزن في كفر الشيخ بعد وفاة والد كابتن محمد الشناوي إثر حادث سير    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد أوساسونا في الدوري الاسباني    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    طاهر النونو: مقترح بتشكيل لجنة مستقلة لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار لتسهيل إعادة الإعمار    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    بالصور العرض الخاص لدرويش في الرياض بحضور عمرو يوسف والفيلم تجاوز 10 ملايين جنيه في أربعة أيام عرض بمصر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محرز يقود تشكيل الأهلي المتوقع أمام القادسية في السوبر السعودي    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدب الطفل بين التسلية والهدف التربوي الشيخ: لابد من وضع القيم النبيلة في الاعتبار نجيب: الدخول في الوعظ قد يبتعد عن الفن
نشر في المساء يوم 20 - 11 - 2010

في مناسبة أعياد الطفولة التي تطالعنا هذه الأيام. فإن الاتهام الذي يواجهه أدب الطفل في بلادنا. أنه يقدم الحكاية أو الحدوتة أو القصيدة دون قضية يناقشها. أو هدف يسعي إليه. إنها مجرد كتابات لتسلية الطفل. وتخلو- في الأغلب- من المغزي التربوي الذي يرشد ويوجه ويعطي المثل.
في تقدير الروائي أحمد الشيخ أننا عندما نكتب للطفل. فلابد أن يضع الكاتب في الاعتبار أن القيم النبيلة. مثل الشجاعة والاحترام. لابد أن تكون في النص عبر سلوكيات الأشياء والحيوانات. وهي بذلك تكون حالة من حالات التعليم. لكن دون شكل تقريري أو فج. أي بعيداً عن النصائح. لابد أن يكون هناك هدف بعيد موجود وملموس. دون وعظ أو إرشاد. الكتابة للطفل هي زرع لأشياء نافعة وصالحة في نفس الطفل. وسلوكيات يرتضيها المجتمع. مثل حب الوطن. والجسارة. وحب الحياة. والتفاني في خدمة الوطن. إلخ.
الكتابة للطفل أشد خطورة من الكتابة للكبار. فلو قرأ الطفل نصاً. ولم يجد في نفسه استحساناً. فسوف يرفضه. مهما قلنا لأطفالنا. ولم يكن هناك اقتناع من الطفل سيقول: دعهم يقولون وسأفعل ما أحب. الكتابة للطفل مهارة خاصة لا يقدر عليها أي كاتب. وعليه بالتالي أن يخاطب الطفل بالطريقة التي يحبها. ويبحث عنها. ولابد من بث قيم تحتية يرتضيها المجتمع. وتبلور شخصية إيجابية للطفل.
ويري الشاعر والفنان التشكيلي مجدي نجيب أن المسألة التربوية تدخل في الوعظ وتبتعد كلياً عن الفن. الظروف الآن غير مواتية للقيم التربوية الصارمة والواضحة. وعلي كاتب الأطفال إذا أراد أن يكون تربوياً مباشراً. أن يعي أن الطفل مفتوح علي العالم كله. يشاهد التليفزيون والفضائيات ويتعامل مع النت. والأدب الآن ليس هو الجامعة. بالطبع فإن القيم غير المباشرة موجودة. لأنه من الصعب أن يفرح الكاتب بهذه القيم في عمل إبداعي. فالطفل- مثل الكبار- مدرك تماماً. يشاهد ما يشاهده الكبير. ويحب ما يحبه الكبير. ويقرأ المجلات. وله مخيلة واعية. القيم موجودة ومعروفة. المهم ألا يكون هناك هدم لهذه القيم. أو تبني قيم مضادة. الطفل يولد في هذه القيم عبر أصحابه وأهله ويحافظ عليها. المهم ألا تكون هذه القيم صريحة وواضحة. حتي لا يفر منها الطفل. أو يملها.
ولابد للكتابة للأطفال- والكلام للكاتب المسرحي محمد عبدالحافظ ناصف- أن تحمل شيئين أثناء الكتابة. وهو الشق الإبداعي القائم علي جذب وإمتاع وتسلية الطفل. دون أن يغفل الجانب التربوي والأخلاقي والتعليمي الخاص بكل مجتمع. لكن يجب أن يختفي الشق التربوي والتعليمي تماماً من المقدمة. وأن يدخل للطفل مثل النمل الذي يدخل من العيون دون أن يراه أبداً. ودون أن يحس به الطفل في تعامله مع أي كتابة. سواء كانت قصة أو حكاية أو قصيدة أو رواية أو مسرحية إلخ. بمنطق الوعظ والإرشاد. وبشكل مباشر فسوف يلفظ تلك الكتابة مباشرة لأنه يستمع طيلة النهار إلي توجيهات وإرشادات ونصائح مباشرة من الأم والأب في البيت. وفي المدرسة. حين يذهب إليها.
في تصوري إذن أنه علي كل كاتب للطفل أن يبحث عن إمتاعه أولاً. ثم يدس له ما يريد من قيم تربوية وتعليمية في هذا السياق الامتاعي. وقد كانت لي تجربة في المسلسل التليفزيوني "رمضان أبو صيام" فعلي الرغم من أنه تعامل مع مسائل فقهية مباشرة في أمور الصيام. دون مواربة. أو فكاك من التعامل معها بنصها كالقرآن أو السنة. فإنني لم أجد وسيلة لتمرير تلك الفتاوي والنصائح والإرشادات إلا من خلال سياق درامي في صورة صراع بين أطفال شارعين من أجل الفوز بجائزة أجمل شارع. واكتشفت أن هذا السياق الفني الدرامي هو الذي شد الأطفال في الدرجة الأولي. وتعلموا- بعد ذلك- ما أردت أن أقوله بهدوء شديد.
وأدب الطفل- في تقدير الشاعر والروائي سمير الفيل- في حاجة ماسة لاهتمام الدولة. وليقظة هيئات الثقافة. ولخبرة رجال المسرح المدرسي. إن أدب الطفل الأصيل هو الذي يحتوي المعايير الجمالية والقيم التربوية متناغمين. بدون أن يشعر الطفل بذلك. فهو- أي الطفل- بحاجة فعلية لكي يتعرف إلي سلسلة من القيم والمثل العليا التي تساق في ضفيرة وجدانية. لا تنفصل عما يطرحه النص من متعة. وأعتقد أن كتاب أدب الطفل من الرواد كنجيب الكيلاني ومحمد الهواري وأحمد شوقي قد تنبهوا لهذا الدور الذي يجب أن تلعبه القصة والقصيدة في بناء كيان الطفل. وقد جاء الجيل التالي ممثلاً في عدد من الكتاب الذين راعوا هذه المسألة كما نجد عند يعقوب الشاروني وعبدالتواب يوسف وغيرهما من كتاب متمرسين. حدث بعد ذلك أن صار أدب الطفل مربحاً. ويبيع أكثر. فدخل الميدان عدد لا يستهان به من الكتاب الشباب. بعضه تنبه لهذه المسألة. فراعاها في كتاباته دون أن يكسر قوانين المتعة البريئة. وهناك- في المقابل- حشد من الكتاب الذين ظنوا أن بث قيم تربوية عبر النص. معناه الموعظة المباشرة وانعدام المتعة. وهؤلاء لايخسرون الطفل. ولا يفيدون الفن. فالخسارة هنا مضاعفة. إن أدباً جمالياً بحتاً يكون قليل الفائدة. لكنه براق. كما أن الأدب الفج أو المباشر الذي يسوق خطابه في شئ من الفظاظة. ودون غطاء جمالي رشيق. يجعل النص السردي أو الشعري أو المسرحي محملاً بدلالات ورموز وإيحاءات تربوية. دون أن يثقله ذلك الخطاب بثقل دم. أو عجرفة مصنوعة. والطفل المصري الذي يتصف بالذكاء وسرعة الاستيعاب ينفر في مثل هذه المباشرة. ويسقطها من حسابه. وقد تسني لي خلال عملي كموجه للتربية المسرحية بالمدارس الحكومية. أن شعرت بالقلق كثيراً لقلة الأعمال التي يمكن تجسيدها علي المسرح فالأغلب يتصف بمادة مطولة بعيدة عن الوجدان وبلغة قديمة سقيمة وهو ما يدل علي أهمية وجود كاتب مسرحي للطفل يعرف كيف يجري حواراً سهلاً وينشئ أصواتاً محكمة وبلغة بسيطة أشعر بغياب شبه كامل لهذه النصوص وحتي المسرحيات المختارة للكتاب المدرسي يغلب عليها الطابع الوعظي وتقدم بلغة مقعرة لا أحساس فيها إنها مشكلة أتعرض لها طيلة خمس سنوات لا أنفي وجود أعمال مسرحية ناجحة لجيل الشباب لكنها نادرة أو مخطوطة ولهذا فهي قليلة الانتشار. إن أدب الطفل في حاجة ماسة لاهتمام الدولة وليقظة هيئات الثقافة ولخبرة رجال المسرح المدرسي من كوادر التوجيه الفني ومازلت أعول علي المسرح المدرسي بما لديه من قدرة في النصوص المسرحية لمراحل العمر المختلفة. خاصة في مرحلة التعليم الأساسي لأنه لو نجح في خطته لنشر الطقس المسرحي الأصيل نكون أمام تجربة تربوية في غاية الروعة والدقة والجمال.
وتكتسب الكتابة الواعية الهادفة للطفل اليوم- كما يري شاعر العامية مجدي عبدالرحيم- أهمية كبري فهي تعمل علي تشكيل وجدانه وتنمية الحس الفني والأدبي بداخله واستكشاف عوالمه المجهولة في محاولة جادة لإبراز مشاعره وملكاته الفكرية وما بها من طاقات وإبداعات تجعله يحلق دائماً في فضاءات فسيحة ورحبة.
وأطفال اليوم هم فرسان المستقبل وأمل الأمة الذين سوف يحملون المسئولية كاملة علي أعناقهم من أجل تحقيق الطموحات والتقدم ويتوقف ذلك علي ما تعلموه واستقر وسكن في وجدانهم من ثقافة وتربية ومبادئ وأخلاق. ذلك أن بناء العقل لا يقل أهمية عن بناء الجسم. والدول تتقدم بالمعرفة والعلم والتمسك بالتراث. ومن لا ماضي له ينهل من نبعه. لا حاضر له ولا مستقبل. والتراث هو ذلك المخزون الثقافي الهائل الكامن في وعي الشعوب عبر الأجيال. وتكمن أهمية توظيفه في تنشئة الطفل أن هناك تباعداً خطيراً بين الأبناء وبين عادات وتقاليد الآباء والأجداد التي تحمل الكثير من قيم الخير والأخلاق المتوارثة من جيل إلي آخر. وأصبح الطفل محاصراً بكم هائل من الثقافات الغربية الدخيلة علي مجتمعاتنا الشرقية بما تحمله من قيم غير تربوية يراد بها محو هويتنا. وتربية فلذات أكبادنا علي عادات وتقاليد لا تمت إلي تراثنا بشئ. وأعتقد أن الكتابة للطفل تحتاج إلي إعادة النظر وتكاتف من المخلصين. وعقول نستطيع أن تقدم ما يناسب طفل اليوم وعصره. لقد مللنا الأدب والقصص والحكايات المكررة الوعظية المباشرة. التي تحاول أن تسقي الطفل المعلومة كأنها جرعة علاجية بالإكراه. وفي رأيي أن الكتابة الناجحة للطفل يجب أن تكون للمتعة في الدرجة الأولي. لإشباع ملكاته ومداعبة خياله وتنمية فكره وإيقاظ القدرات الكامنة بداخله. عند ذلك فقط يكون الكاتب قد نجح في أداء رسالته. ويستطيع بعد ذلك أن يوصل إليه ما يريد من رسالة وقيم تربوية وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.