أثار د. يوسف القرضاوي مفتي الجماعة الإرهابية الكثير من الجدل علي مواقع التواصل الاجتماعي بعد كتابة تغريدة له يقلل فيها من قيمة الحج ويدعي بأن الله غني عن العباد وعن أدائهم هذه الفريضة ويجب عليهم أن يزكوا أنفسهم حتي يتقبل الله منهم وقال بالحرف الواحد "هذا الحج ليس لله تعالي حاجة فيه.. الله غني عن العباد. وإذا فرض عليهم فرائض فإنما ذلك ليزكوا أنفسهم وليرتقوا في معارج الرقي الروحي والنفسي والأخلاقي إلي ربهم. ولتتحقق لهم المنافع المختلفة في حياتهم". جاءت الردود علي القرضاوي صاروخية واتهمه المغردون بالهجوم علي الحج وإسقاط الركن الخامس من أركان الإسلام وصد الناس عن بيت الله وشعائره إرضاء لتنظيم الحمدين وتساءلوا إذا كانت هذه التغريدة تمهيدا لإصدار فتوي بتحريم الذهاب للحج في السنوات القادمة مشيرين إلي أن الله ليس في حاجة لصلاتنا ولا زكاتنا ولا صومنا فهل نترك هذه العبادات علي غرار مقاطعة الحج ونكفر بالله طالما أنه ليس لله حاجة لأعمالنا التي خلقنا من أجلها.. وأكدوا أن القرضاوي يناقض نفسه ودللوا علي ذلك بمقاطع فيديو توضح ذلك مؤكدين علي نجاح رحلة الحج هذا العام وأن فتاوي القرضاوي الشاذة المضللة مدفوعة الثمن التي لا تخرج من عالم دين إطلاقا لن تنجح في إسقاط العبادات لأنها فتاوي ذات هوي سياسي يعمل لصالح تنظيم الحمدين والمخطط الإيراني لتشويه الحج وتدويله فقد أصبح مضحكة للناس ونجح الحج. أكد د. أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن أي دعوة أيا كانت بواعثها سياسية أو طائفية لسلب أهل هذه البلاد شرف رعاية الحرمين الشريفين دعوة ظالمة ومردود علي أصحابها "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".. ثم إن إقحام شعائر الحج ومناسكه في صراعات سياسية جريمة منكرة قال الله تعالي "ذلك ومن يعظم شعائر الحج فإنها من تقوي القلوب" فالحج ركن من أركان الإسلام بمواقيته الزمانية والمكانية يجب إبعاده تماما عن تداعيات السياسة ورحم الله الإمام مالك حينما نصح الخليفة المنصور بألا يغير من وضع الكعبة وقال "لا تجعلها ألعوبة بين يدي الملوك يأتي هذا ليزيد ويأتي غيره لينقص فتضيع مهابتها بين الناس" ثم إن الحج يتميز بأنه عبادة بدنية ومكانية معا تهوي الأفئدة إلي الكعبة بالبيت الحرام لتؤدي الشعائر والمناسك لله عز وجل وأي تهوين من هذا الركن أيا كانت البواعث إنما هو هدم لأصول الإسلام وصدق الله حين قال سبحانه في سورة الحج "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير. ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق". حذر د. كريمة علماء الأمراء الابتعاد عن حرمات الله وشعائره فقال سبحانه "فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور". كبيرة من الكبائر يقول د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: من المتفق عليه بين العلماء أن الحج فرض علي المستطيع وأن من أدي الحج مرة فقد أدي حجة الإسلام ولا يطالب بعد ذلك بأداء حجة أخري إلا علي سبيل التطوع ودليله هذا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم "من حج حجة فقد أدي فرضه ومن حج ثانية فقد داين ربه ومن حج ثالثة حرم الله شعره وبشره علي النار". ولهذا فإن الصد عن أداء الحج ليس مطلوبا ومنع الناس عن الذهاب لأداء النسك معصية لله تعالي لأنه صد عن سبيل الله.. والصد عن سبيل الله كبيرة من الكبائر ولذا فلا ينبغي إحباط الناس أو بيان عدم شرعية أداء الحج أو أن هناك وجوها أخري أفضل من اداء الحج إذا كان هذا يتعلق بحجة الإسلام وهي الحجة المفروضة علي آحاد الناس.. ولذا فيعد من قبيل التعاون علي البر والتقوي تذليل السبل أمام الناس لأداء الحج لأن الله سبحانه وتعالي أمر بذلك فقال "وتعاونوا علي البر والتقوي" والتعاون علي أداء الحج هو تعاون علي البر والتقوي ولا ينبغي أن يحجر الناس علي بعضهم البعض وسائل الخير والسبل التي توصل إلي مرضاة الله. أضاف د. إدريس إذا كانت التداعيات التي في نفوس بعض الناس من قبيل اشتغالهم بالسياسة أو انخراطهم في هذا الجانب فإن الدين لا علاقة له بالسياسة من قريب أو بعيد وخاصة إذا كان هذا الدين عبادات يؤديها الناس لخالقهم امتثالا لما أمرهم به سبحانه وتعالي.. ولذا فإذا كان في نفس البعض شيء من سياسة يريد بها صرف الناس عن أداء عبادة معينة فإن هذا لا يجد مسوغا له من شرع الله تعالي وهو في نهاية الأمر صد عن سبيل الله وصرف للناس عن أداء القربات إلي الله سبحانه وتعالي وهذا من قبيل المعاصي والكبائر ولذلك ينبغي تشجيع الناس علي التقرب إلي الله بدلا من صدهم عن أداء هذه القربات. فريضة السلام والاستسلام د. آمال عبد الغني أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة المنيا: إن الحج فريضة السلام والاستسلام والانقياد لله الواحد القهار بل رحلة التقوي والإيمان والإخلاص يتحقق فيه جوامع العبادات وتعظيم شعائر الله تعالي.. ومع ذلك علينا ان نعلم أن الله غني عنا سبحانه عز وجل لا يزيد في ملكه شكر الشاكربن ولا ينقصه كفر الجاحدين ولا تضره المعصية ولا تنفعه الطاعة فهو القائل "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد" ولكنه سبحانه تفضل علينا بالرحمة وفرض علينا الفرائض وحد لنا الحدود لنعبده علي بصيرة وأرسل لنا الرسل لئلا يكون هناك حجة علي من عصاه سبحانه فهو المتفرد بالجلال والكمال خلقنا لعبادته وجعل لنا حقا عليه سبحانه رحمة بنا نحن الفقراء إليه فقال معاذ رضي الله عنه وهو رديف النبي علي دابته "يا معاذ: قلت لبيك وسعديك يا رسول الله قال: أتدري ما حق الله علي العباد وما حق العباد علي الله ؟ قلت الله ورسوله أعلم!! قال: حق الله علي العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وحق العباد علي الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا" والحج من أركان الإسلام التي أوجبها الله علي عباده للإقرار بالتوحيد له ونبذ الشرك والعبودية لغيره تعالي فشعيرة الحج تجعلك في عبودية لله دائمة فالذبح لله تقربا والطواف والسعي لله والوقوف بعرفة والدعاء فيه إقرار بالتوحيد والعبودية لله والمشعر الحرام ورمي الجمار فإنها لله طاعة أمرنا الله بها فحقه سبحانه وتعالي علينا أن نعبده ولا نشرك به شيئا مخلصين له منيبن فجمع لنا بين رحمته بنا وغناه عنا قال تعالي "وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" فعبادته أمر أوجبه علينا وافترضه بالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر الأعمال لله الواحد القهار.