رغم الأهمية الكبيرة للمشروع القومي للإسكان في الحد من أزمة الإسكان وتوفير مسكن مناسب للمواطنين إلا أن مسئولي محافظة البحيرة فرغوا هذه المشروع المهم والحيوي من مضمونه وأصبح أحد الأسباب وراء معاناتهم المستمرة منذ أن تم الإعلان عن هذا المشروع منذ عدة سنوات وبدلا من أن يخفف المشروع رحلة عذابهم اليومية بحثا عن حياة كريمة خاصة للبسطاء بات هذا المشروع يمثل صداعا مزمنا لهم والسبب مسئولو المحافظة والوحدات المحلية والإسكان الذين تلاعبوا بالمال العام والدعم الذي قدمته الدولة لمحدودي الدخل والفقراء من خلال هذا المشروع. مسئولو الوحدات المحلية ارتكبوا أخطاء صارخة ومخالفات جسيمة ولعل ما حدث في ايتاي البارود والمحمودية خير دليل حيث اعترض المواطنون في المدينتين علي قرارات لجان التوزيع واتهموا أعضاء هذه اللجان بمجاملة أقاربهم وذويهم وأصحاب النفوذ إضافة إلي ما قام به بعض أعضاء هذه اللجان من أعمال سمسرة وتربح من وراء هذا المشروع الذي هو في الأساس لخدمة الفقراء والبسطاء ومحدودي الدخل. ورغم هذه المخالفات وتفريغ المشروع من مضمونه وتقليل مساحة الشقة من 63 إلي 53 مترا مربعا بالمخالفة لما تم الإعلان عنه مسبقا والمعمول به في المحافظات الأخري ورغم مضي أكثر من ثلاث سنوات علي تسليم وحدات المشروع في ايتاي البارود إلا أن المنتفعين لم يتسلموا عقود تمليك وحداتهم حتي الآن الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام. "المساء" رصدت أوجاع أصحاب شقق المشروع القومي للإسكان في ايتاي البارود. يقول رمضان مرعي -مدرس- لا ينكر أحد أهمية المشروع القومي للإسكان كونه أحدث طفرة كبيرة في الإسكان خاصة في ايتاي البارود الذي تم إنشاء 1984 وحدة سكنية بها خلال المرحلتين الأولي والثانية وهناك مرحلة ثالثة ولكن ما حدث تسبب في معاناة كبيرة ومستمرة للبسطاء لأن المشروع كان يتضمن في بدايته نظام الإيجار الشهري مع مقدم الحجز لكن تم إلغاء هذا النظام في البحيرة وفرضوا علي الحاجزين دفع قيمة الشقة كاملة قبل الاستلام الأمر الذي يخالف ما هو متبع في المحافظات الأخري وأدي إلي إرهاق ومضاعفة مشاكل البسطاء فأنا مثلا موظف بسيط لا دخل لي سوي مرتبي واضطررت للحصول علي قرض من البنك لأدفع قيمة الشقة مرة واحدة والتي بلغت 35 ألف جنيه. ويشير محمد حماد -موظف- إلي أن المرحلة الأولي بالمشروع التي تضمنت إنشاء 1174 وحدة سكنية كانت مثالا صارخا للتلاعب والمجاملات من جانب مسئولي الوحدة المحلية وأعضاء لجان التوزيع الذين تجاهلوا الغلابة والفقراء ومحدودي الدخل في ضرورة حصولهم علي حقوقهم في الدعم الذي قدمته الدولة لهم من خلال هذا المشروع وضربوا بهذا الحق عرض الحائط وجاملوا ذويهم وأقاربهم والمحاسيب مما أدي إلي ثورة الغلابة الذين قدموا العديد من الشكاوي والاستغاثات إلي الأجهزة الرقابية وكان من نتيجة هذا التلاعب أن الشقق ذهبت لغير مستحقيها وانتفع بها اللصوص والسماسرة ومحترفو سرقة المال العام بل وزاد الأمر إلي أن مافيا المساكن حصلوا علي أعداد كبيرة من الشقق وباعوها ليتربحوا منها الملايين في ظل تواطؤ من مسئولي الوحدة المحلية. ويؤكد محمد علي -موظف- أن الأعمال الإنشائية للمشروع بها العديد من الأخطاء والسلبيات والعيوب الفنية كما أن أعمال التشطيب بالشقق غير جيدة بالمرة من حيث النجارة والكهرباء والسباكة والمحارة حتي أن أصحاب الشقق اضطروا إلي إعادة توصيل وتركيب المرافق المختلفة من جديد وتكلف ذلك أكثر من عشرة آلاف جنيه علما بأنه من المفروض أن يتم استلام الشقة جاهزة بكل مرافقها لكن ما حدث هو التلاعب وعدم مراعاة الضمير وانعدام الإشراف الجاد من لجان استلام المشروع وكان من نتيجة ذلك أن المرافق سرعان ما تهالكت خاصة الصرف الصحي وهناك أعمال حفر شبه يومية في شوارع هذه المساكن بسبب الأعطال المستمرة في شبكات المياه والصرف الصحي. ويضيف عبدالفتاح البكساوي -موظف- أنه رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات علي استلام وحدات المشروع وتسديد مستحقات البنوك والوحدة المحلية إلا أننا لم نحصل حتي الآن علي عقود تمليك هذه الوحدات مما يفتح الباب واسعا أمام العديد من التساؤلات حول الأسباب التي تمنع الوحدة المحلية من تسليمنا عقود تملك هذه الوحدات حيث إننا لا نملك حاليا ما يثبت أن هذه الوحدات تخصنا وكنا قد سمعنا بعد الثورة أن الوحدة المحلية أعدت عقود التمليك الابتدائية التي عرفنا فيما بعد أنها عقود تخصيص وليست تمليك الأمر الذي يؤكد أن الوحدة المحلية تنوي مطالبتنا بمبالغ مالية إضافية تحت زعم أن الحساب الختامي للمشروع مازال مفتوحا وهو ما يضيف أعباء جديدة علي أصحاب الشقق لا يستطيعون تحملها وحينما اعترض المواطنون علي هذه العقود تراجعت الوحدة المحلية لكننا لا نعرف ما يفكر فيه المسئولون بشأن هذا الموضوع.