كان يطلق عليه مشروع القرن لدعم الفقراء، باعتباره واحدا من أهم البرامج التنموية في تاريخ مصر المعاصر. وكان أيضا من الطبيعي أن يتحول هذا البرنامج إلي الصورة الأكثر إشراقا في البرنامج الانتخابي للرئيس السابق بل كانت تنمية هذه القري تتم تمهيدا لتوريث الابن.. فقد تبنت هذا المشروع الحكومة ودعمه الحزب الوطني.. وكان بالطبع لابد من تغيير تسميته من »القري الأكثر فقرا« إلي »القري الأكثر احتياجا« لكن بعد الزيارة الأخيرة لمسئولي الجهاز المركزي للتعمير للمشروع في محافظة البحيرة من الممكن أن تتحول التسمية إلي »القري الأكثر غضبا« كما أن هناك زيارة قادمة لهؤلاء المسئولين لمحافظة المنيا خلال أيام (بعد إلغاء المحليات).. لكننا لا نستطيع أن نتكهن ماذا سيكون اسم هذا البرنامج التنموي بعدها؟! فما هو هذا المشروع؟ وما الغرض منه؟ وكيف يسير العمل به بعد الثورة؟ طبقا لتقرير البنك الدولي ووزارة التنمية الاقتصادية عام 7002 يمثل الفقراء في الريف حوالي 77٪ من جملة فقراء مصر.. وبناء عليه جاء مشروع الاستهداف الجغرافي لتنمية القري الأكثر فقرا في مصر لإحداث نقلة نوعية في مستوي معيشة المواطن.. من خلال تدخل الحكومة بشكل متكامل ومتزامن للارتقاء بالخدمات العامة والاجتماعية وتحسين الدخل بزيادة الإنفاق وتنشيط الاقتصاد المحلي.. ومن أجل ذلك تشكلت مجموعة عمل في مارس 7002 من مختلف الوزارات المعنية بهدف إعداد سياسات وآليات لتنفيذ خطة الدولة لتنمية هذه القري، ومن ثم اختيرت وحدتان محليتان هما »ننا« بمحافظة بني سويف »والعصايد« بمحافظة الشرقية كمرحلة تجريبية لتنفيذ عدة مشروعات تنموية في مجالات (الصحة، الإسكان، التعليم، البنية، الشباب والرياضة، التضامن الاجتماعي). وتم تكليف الجهاز المركزي للتعمير التابع لوزارة الإسكان والمرافق بتولي تنفيذ هذا المشروع.. وبنجاح المرحلة التجريبية قررت المجموعة الوزارية للتنمية استكمال تنفيذ المشروع بالقري الأكثر فقرا، تم اختيار القري طبقا ل 73 مؤشرا من أهمها التعليم وفرص العمل والمرافق والديموجرافية ودخل الأسرة. يهدف المشروع لحل مشاكل الفقراء في بر مصر من خلال الاهتمام ب 41 محورا من أولويات الحياة منها تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي وبناء وحدات صحية متطورة وإضافة فصول لمدارس ابتدائية وإعدادية وتمهيد طرق والتخلص من المخلفات الصلبة وبناء مساكن آدمية تستر من فيها ومراكز اجتماعية وملاعب رياضية وإعداد مخططات استراتيجية وتفصيلية وأحوزة عمرانية للقري. المشروع يستهدف تنمية 3511 قرية في 11 محافظة علي مرحلتين.. الأولي تستهدف تنمية 151 قرية بعدد 6 محافظات (المنيااسيوطسوهاجقنا البحيرة الشرقية) بإجمالي 42 وحدة محلية ويصل عدد السكان بهذه القري لأكثر من 5.1مليون نسمة ومخطط الانتهاء منها في أواخر 2102 ومتوفرة استثماراتها. والثانية تستهدف 2001 قرية علي ثلاث أسبقيات (أسبقية أولي 373 قرية وأسبقية ثانية تشمل 592 قرية وأسبقية ثالثة تستهدف 433 قرية) وتم البدء بالفعل في هذه المرحلة يناير0102 ومخطط الانتهاء منها في عام 5102. كما أن مشروع الاستهداف الجغرافي للقري الأكثر احتياجا كما أطلق عليه بعد فترة من بدء تنفيذ المرحلة الأولي منه.. كان جمال مبارك بصفته الأمين العام للجنة السياسات بالحزب الوطني يتنقل بين هذه القري بصفة مستمرة وبصحبة 5 وزراء (وأحيانا 6 في المرة الواحدة) وكل رجال الحزب وبعض رجال الأعمال وبذلك تحول من مجرد فكرة إلي مشروع قومي. وبالتالي شعر أهالي هذه القري أنه مشروع لقيادات الحزب الوطني والمحليات فيها ومن علي شاكلتهم وأنه لايخصهم من قريب أو بعيد، رغم تمهيد الطرق وفتح فصول جديدة في المدارس لتخفيف الكثافة بداخلها وإقامة وحدات صحية متطورة إلي آخره.. فهم لازالوا يعانون فقر رغيف الخبز وصولا إلي العثور علي مسكن آدمي يحمي من برد الشتاء ويقي من حر الصيف. وفي أول زيارة لمسئولي وزارة الإسكان ممثلة في الجهاز المركزي للتعمير المشرف علي تنفيذ المشروع بعد سقوط نظام مبارك ورجاله وسجن الوريث.. كان الهجوم الكبير من المواطنين علي المشروع والاعتراض علي كل مايقال لدرجة اتهامهم بالكذب. وبالتأكيد هذه أول زيارة لا يكون فيها وزراء أو محافظون.. فلم يحضر كل من وزير الإسكان ووزير التنمية المحلية ومحافظ البحيرة.. وكان الهجوم من نصيب كل من اللواء محمود مغاوري رئيس الجهاز المركزي للتعمير واللواء عفت لبيب المشرف العام علي المشروع ومحمد تاج سكرتير عام محافظة البحيرة. يذكر أن القري الأكثر فقرا التي يتم تنميتها بمحافظة البحيرة يبلغ عددها 91 قرية بمركزي بدر وأبوحمص وذلك من خلال 3 وحدات محلية يقطن بها حوالي 561 ألف مواطن. وهناك 421 مشروعا مخطط تنفيذها بها.. كما يقول اللواء عفت لبيب المشرف علي تنفيذ المشروع مؤكدا أنه علي مستوي المحافظة تم الانتهاء من 72 مشروعا وجاري العمل حاليا في 32 مشروعا ويتم طرح 7 مشروعات أخري. مشيرا إلي أن هذه الوحدات الثلاث هي النجاح وتضم 7 قري وبركة غطاس وتشمل 5 قري ودميسنا وبها7 قري. وتشتمل الوحدة المحلية النجاح علي 7 قري هي النجاح والعزيمة والتل الكبير والكفاح والفالوجا والمعركة وعين جالوت ويصل عدد سكانها لحوالي 34 ألف نسمة. ووحدة النجاح هي التي كان من نصيبها الزيارة الأولي للمسئولين عن المشروع بعد الثورة وتغيير النظام.. ومن الممكن أن تكون اسماء قراها أحد الأسباب التي دعت لزيارتها أو تكون الصدفة البحتة وراء ذلك. وكما يوضح اللواء عفت أنه في مجال إسكان الأسر الأولي بالرعاية تم انشاء082 وحدة سكنية بواقع 04 وحدة لكل قرية واتاحة دعم 52 ألف جنيه لكل وحدة منها. وتم توصيل خدمات الصرف الصحي في ال7 قري وإقامة محطة معالجة ثلاثية حيث كانت هناك مشكلة من جانب وزارة الري التي اشترطت ذلك لأن المياه المعالجة الخارجة من المحطة كانت تلقي في مصرف زراعي! أما في مجال إعداد المخططات الاستراتيجية والتفصيلية والأحوزة العمرانية.. كما يقول اللواء عفت فقد تم اعتماد الحيز العمراني الجديد لقري الوحدة المحلية النجاح بمساحة 853 فدانا بزيادة قدرها 4.46 فدان علي المساحة القديمة للوحدة وهذا المحور كان المفروض أن يستغرق عامين لوضع الحيز ولكنه اختصر لعام واحد فقط! وفي محور التعليم تم انشاء عشرات الفصول الجديدة في مدارس ابتدائية قديمة لخفض عدد التلاميذ فيها. أما في مجال شئون البيئة فقد كانت هناك تراكمات ضخمة من القمامة تم إزالتها وزراعة 0072 شجرة متنوعة وإنشاء مدفن صحي محكم بها. كما أتاحت وزارة التنمية المحلية 004 ألف جنيه لتوفير 009 فرصة عمل لأهالي النجاح. هذا بعض ماجاء في كلمة اللواء عفت أمام أهالي النجاح الذين اعترضوا بشدة علي كل ماجاء فيها ولكنه أكد لهم أنهم لم يصلوا للكمال ولكنهم ينفذون مشروعا إذا كان فيه بعض نواحي القصور، فإن عليهم الإرشاد إليها بصورة حضارية حتي يحاولوا تلافيها.. أما محمد تاج سكرتير عام محافظة البحيرة فقد أكد أن الأسر الأولي بالرعاية هي الأسر شديدة الفقر التي لاتملك بيتا ولكن حجرة بالإيجار أو تقطن عشة ولايزيد دخلها علي 006 جنيه شهريا.. لافتا إلي أن وزارة التضامن قامت بعمل أبحاث اجتماعية علي هذه الأسر التي وصل عددها إلي 693 اسرة وجاري حاليا التحقيق من استحقاقهم للوحدات السكنية. وعد الأهالي بعمل اجتماع اسبوعي لطرح مشاكلهم ومحاولة الوصول لحلول لها. وبعد جولة قام بها مسئولو الجهاز المركزي للتعمير لتفقد بعض ماتم تنفيذه من مشروعات في وحدة النجاح ومنها 2 وحدة صحية متطورة وملعب رياضي متعدد الأغراض و2 عمارة سكنية ومعرض للصندوق الاجتماعي للتنمية.. وكان الأهالي يلاحقونهم بالشكاوي بأن هذه الوحدات الصحية لا يستفيد منها أحد لأنها تغلق أبوابها في وجه الجمهور ظهرا، كما أن قروض الصندوق الاجتماعي للتنمية تذهب للمحاسيب ولا يعلمون عنها شيئا وأن من يعرضون منتجاتهم بالمعرض ليسوا من المستفيدين بهذه القروض وهكذا. فما كان من اللواء محمود مغاوري رئيس الجهاز المركزي للتعمير التابع لوزارة الإسكان إلا أن قال إن المشروع يستهدف تنمية3511 قرية وطالما تتوافر استثمارات له حتي 2102 فإننا مستمرون في تنفيذ مشروعاته، أما الأهالي فمن حقهم أن يكون لهم احتياجات ومطالب جديدة ولكنهم في نفس الوقت عليهم واجبات وهي مراقبة الأجهزة المحلية التي تتسلم هذه المشروعات لإدارتها.. فقد تم رصد أكثر من 3 مليارات جنيه لتنمية 151 قرية كمرحلة أولي ستنتهي في 2102 وأن علي المواطنين تصحيح المسار في هذه المشروعات والمجتمع المدني له دور أيضا في الارتقاء بهذه القري. وأشار اللواء مغاوري إلي أن هناك اجتماعا اسبوعيا يتم في وزارة الإسكان كل يوم أحد لبحث هذه المشاريع وكيف يتم تنفيذها، كما أن لدينا لجنة لمتابعة إدارة المشروع تدون الملاحظات التي تطرح في الاجتماع ليتم تبليغها للتنفيذيين. إلي جانب وجود لجنة أخري في كل محافظة برئاسة السكرتير العام للمحافظة وتضم ممثلا لجهاز التعمير. موضحا أن الوحدات السكنية يتم تفويض المحافظ لعمل أبحاث اجتماعية للأسر شديدة الفقر علي مستوي المحافظة وبناء عليها يتم توزيعها علي المستحقين لها.