انتهي القذافي واصبح مجرد ذكري.. وسواء مات متأثراً بجراحه. أو قتل عمداًً بعد اسره أو عوملت جثته بآدمية. أو مثل بها.. فإن المنطق يؤكد ان كل هذا لا يفيد فلا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها. وسواء تم دفنه سراً أو علانية أو تأجل الدفن لاجراء تحقيق داخلي أو دولي في ملابسات الاغتيال كطلب ارملته فإن الواقع يؤكد أيضاً ان هذا لن يغير من الأمر شيئاً.. لقد مات القذافي وماتت وستدفن معه اسراره الرهيبة. أنا شخصياً.. لست حزيناً علي قتله.. فقد قتل الكثيرين فعلياً أو معنوياً.. ومن قتل يقتل ولو بعد حين.. ومن لم يمت بالسيف مات بغيره.. تتعدد الأسباب والموت واحد. لكني بحق حزين علي أنه مات دون ان يتمكن من كتابة مذكراته التي كانت ستعريِ حتماً النظام العالمي الجديد.. ومن المؤكد ان هذا هو السبب في ان تصدر امريكا قرارها بالخلاص من القذافي بالقتل وألا يسمح بتقديمه للعدالة. كان لابد من تصفيته حتي لا ينطق بكلمة واحدة عن ارتباطه بالغرب عامة وامريكا خاصة.. وقد كان. لكن.. هل ينسي أحد اللقطة الشهيرة لبرلسكوني رئيس وزراء ايطاليا وهو يقبل يد القذافي؟ اليست فيها ما فيها؟! قد يكون مستساغاً في بعض المجتمعات ان يقبل رجل يد أو خد امرأة.. لكن العالم كله بكافة عقائده يرفض تقبيل رجل ليد رجل آخر إلا إذا كان والده أو أحد رجال الدين الكبار. مع ذلك لم يخجل برلسكوني وتناسي تأييده الواضح للقذافي في حياته وتقبيله ليده.. وانقلب 180 درجة بعد اغتياله حتي أنه هنأ الليبيين بهذه اللحظة الفارقة!! وهل ينسي أحد مدي اعجابه بكونداليزا رايس وزيرة خارجية بوش الابن؟ وارجعوا إلي ألبوم صورها الذي كان يحتفظ به القذافي وكان يصفها بالأميرة الافريقية ومأدبة العشاء التي اقامها لها علي أغنية "وردة سوداء بالبيت الأبيض" لقد كان خاتماً في اصبع الآنسة كوندي.. لماذا؟ وما هو الثمن الذي حصلت عليه بلادها من هذا الاعجاب؟ ارجعوا إلي الدفاتر لتعلموا انه كان عميلاً قذراً للمخابرات الأمريكية. وهل ينسي أحد الصفقة المريبة لتسوية حادث لوكيربي. واختفاء الإمام الشيعي موسي الصدر. والتدخلات المريبة لافشال تسويات فلسطينية ولبنانية مع إسرائيل؟ كلها صفقات مشبوهة تمت بينه وبين المخابرات الغربيةوالأمريكية. اخيراً.. اسألوا انفسكم: لماذا ذهبت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أوباما إلي ليبيا يوم الثلاثاء الماضي لتعلن صراحة امام الدنيا بأسرها ان الليبيين سيسعدون غداً بخبر مهم يدخل الفرحة إلي قلوبهم.. وبالفعل لم تمر ساعات إلا واعلن عن قتل القذافي. ان سجل القذافي مع الغرب وامريكا مليء بالمخازي.. فكان لازم يقتلوه ليضمنوا سكوته للأبد ولتدفن اسرارهم معه حتي تظل صورتهم كما هي: انهم محررو الشعوب المقهورة والمطحونة والمظلومة وهم أبعد ما يكونون عن شخصية سبارتاكوس محرر العبيد. وانهم يحاربون الفساد والمفسدين مع انهم اس الفساد ورأسه وجسمه وذيله أيضاً. وإذا كان القذافي قد قتل عمداً لأسباب غربية وامريكية فإن املنا اليوم في "رجال ملك الملوك" الذين اقتسموا معه السجادة أو الحصيرة ثم انفضوا من حوله بعد أن رأوا الكثير. املنا ان يتكلموا قبل ان يقتلوهم. وان يكشفوا علاقة القذافي بالغرب عامة وامريكا خاصة قبل ان يحتاطوا لذلك. ان هذه العلاقة قد دمرت الشعب الليبي وستعوق بناء ليبيا الجديدة حتي تسدد فاتورة الحرب كاملة.. ولنا في العراق خير مثل.