أحيانا يندهش الإنسان ويفغر فاه لخبر غريب تقع عليه عيناه لأول مرة.. ثم يتكرر هذا الخبر مرة بعد مرة فيعتاده الإنسان ولايهتز له.. مثل هذه الحالة كالطفل الذي يضربه أبوه لأول مرة فيخاف ويهلع.. فإذا كرر الأب ضربه مرة بعد مرة يتعود ذلك ولاينزعج ويهلع مثل المرة الأولي. والحديث عن الأجور والمرتبات الخيالية في بعض الجهات بمصر يصيبك بصدمة لأول مرة.. فإذا اكتشفت أو علي الأقل نشرت الصحف أخبارا عن مرتبات خرافية في بعض الجهات ولأشخاص معينين اكثر من مرة تستقبل هذه الأخبار ببرود أعصاب وتصبح شيئا عاديا ولايبقي لديك الا حسرة تترسب في النفوس. سمعنا وقرأنا عن أجور خيالية لعدد كبير من الإعلاميين العاملين في البرامج الفضائية حتي بلغ ما يتقاضاه أحدهم تسعة ملايين جنيه في العام أي بمعدل 750 ألف جنيه شهريا. وقرأنا عن أسعار بيع وشراء لاعبي كرة القدم وأجورهم السنوية ومكافآتهم من النوادي التي يلعبون لها.. والكلام في هذا الموضوع ليس بآلاف الجنيهات وانما بالملايين التي يسيل لها اللعاب. نقرأ ونسمع عن مرتبات ومكافآت وحوافز لقيادات البنوك والتي تجعل هذه القيادات في طبقة تعلو في الفضاء وتنظر باستعلاء إلي طبقات كادحة تبحث عن عدة جنيهات. هناك احاديث كثيرة عن مرتبات وحوافز ومكافآت لفئات ومجموعات خاصة من موظفين قريبين من السلطة.. وكان وكلاء ومستشارو وزارة المالية القريبون من الوزير الأسبق يوسف بطرس غالي محل حسد من كل الناس للمبالغ الطائلة التي يحصلون عليها.. وقد اذيعت أرقام صادمة في هذا الشأن.. كذلك الوضع بالنسبة لقيادات الضرائب والجمارك وغيرهما. سمعنا وقرأنا عن اضراب ضباط مراقبةالمطارات والتي أدت إلي خسائر جسيمة للوطن قدرت بعشرات المليونات من الجنيهات.. بينما ظهر أن هؤلاء المضربين يتقاضون مرتبات بعشرات الآلاف. وأخيرا.. نشرت صحيفة "الدستور" أن زوجة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق السيدة زينب عبداللطيف محمد زكي تقاضت من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات مبلغ مليونا و110 آلاف جنيه خلال تسعة أشهر فقط.. وهي مجرد موظفة ضمن عشرات ومئات الموظفين في هذه الجهة.. وقد فصلت الصحيفة بالمستندات والارقام مفردات هذه المبالغ.. فهل أخذ زملاؤها مثل ما اخذت. ولاشك ان هناك اكثر من "زينب" في جهات أخري كثيرة ينطبق عليها ما ينطبق علي حرم الدكتور نظيف. نقارن كل هذا بما بح به صوت البدري فرغلي رئيس نقابة اصحاب المعاشات لكي يحصل علي وعد من نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الدكتور حازم الببلاوي بزيادة المعاشات بحد أقصي مائة جنيه وحد أدني خمسين جنيها لكل من يقل معاشه عن 800 جنيه. ويحضرنا هنا قول فضيلة شيخ الأزهر الأسبق الشيخ عبدالمجيد سليم رحمه الله "تقتير هنا وإسراف هناك". وكان الله في عوننا جميعا.