نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيًا نسب تنفيذ أعمال الخطة الاستثمارية للرصف بطريق ترعة الزمر    بعد قرار البنك المركزي بخفض الفائدة.. خبراء: ينعش أسواق المال ويعيد توجيه بوصلة المستثمرين    افتتاح الدورة ال28 من معرض «صنع في دمياط» لدعم صناعة الأثاث| صور    أردوغان يتعهد بزيادة الدعم للجيش السوداني    انفجار فى ألمانيا ليلة عيد الميلاد يتسبب بحريق هائل فى منشأة صناعية    احمد عيد يرد علي حساب الدوري الإنجليزي    مسؤول إسرائيلي: التهديد الصاروخي إيراني خطير وسنعرض معلومات استخباراتية على ترامب    شبكة أطباء السودان: الدعم السريع تحتجز 73 امرأة و29 طفلة بولاية غرب كردفان    مبابي وديمبلي يتوجهان إلى المغرب لدعم هذا المنتخب في كأس أمم أفريقيا    محافظة القاهرة: استبدال التوك توك بسيارات كيوت في 5 أحياء بتسهيلات    ضبط 100 كيلو لحوم مجهولة المصدر في حملة تموينية بالخانكة    17 حالة انفصال للمشاهير في 2025.. آخرهم عمرو أديب ولميس الحديدي    صالات العرض تستقبل فيلمين جديدين بداية الأسبوع المقبل    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    وزير المالية: إجراءات استثنائية لخفض الدين مع الحفاظ على الانضباط المالي    إصابة 6 أشخاص إثر مشاجرة بالشوم والعصي بقنا    جمارك السلوم تحبط محاولة لتهريب كمية من البذور الزراعية الموقوف تصديرها    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    إسرائيل تتحدى العالم: لن ننسحب أبدًا وسنحمى مستوطناتنا    ختام مبهج ل «الأقصر للتحطيب»    خبير تشريعات: جولة الإعادة أكدت صعود المستقلين وبروز ملامح البرلمان الجديد    بعد عام من الانفصال.. طلاق شريف سلامة وداليا مصطفى    العائلة المصرية في برلين: مشاركة إيجابية للجالية المصرية في انتخابات «النواب»    خبير: صناعة التعهيد خلقت فرص عمل كبيرة للشباب وجذبت استثمارات أجنبية لمصر    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا «التضامن» و«العمل» يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتي الفيوم ووادي النطرون    سحب رعدية ونشاط رياح.. طقس السعودية اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجل ابو الخباب المصري الرجل الثالث في تنظيم القاعدة ل » الأخبار«:
أمن الدولة عذبتني 9 سنوات بدون محاكمة بسبب والدي
نشر في الأخبار يوم 10 - 03 - 2011

ماذا لو ساقتك الاقدار لتجد نفسك فجأة امام احد رجال طالبان.. قادما اليك من جبال افغانستان ليحكي لك اسرار السجون السرية في القاهرة والاسكندرية ؟؟.. رجل سيرت حياته بدون ارادته.. حلم بحياه هادئة ولعب الفروسية.. فقضي بدلا منها طفولته مع القاعده وشبابه في المعتقلات دفع ثمن غيره... فكل ذنبه انه نجل كيميائي القاعده الذي رصدت امريكا ملايين الدولارات لمجرد معرفة مكانه.. بعد ا ن اذاق قواتها العذاب في افغانستان.. ها هو الآن في جريدة "الأخبار".. في أول حوار للصحافة المصرية.. يكشف محمد مدحت مرسي الابن الأوسط ل "أبو الخباب المصري " اسرار والده الرجل الثالث في تنظيم القاعدة وخبيرها الكيميائي الذي وضعته واشنطن علي رأس قائمة اخطر ارهابيي القاعدة.. معلنا رفعه دعوي قضائية للتحقيق في دور امريكا في اغتيال والده في افغانستان..كما يروي قصة تعذيبه الشديد لمدة 9 سنوات في معتقلات أمن الدولة بدون محاكمة ...ودوره الحالي في الدفاع عن حقوق المعتقلين..
بنظرة عالقة علي الحدود بين مشاعر الحزن والذهول والأمل.. الانكسار والانتصار.. واحيانا الدموع...ونبرة تحمل قدراً من السخرية اكتسبها من خبراته الأليمة.. دار الحوار لساعات طويلة لم نشعر فيها بمرور الوقت.. ونحن نتنقل بين جبال الافغان والجهاد مع طالبان إلي رحلة الهروب في ايران والبحث عن الاستقرار في السعودية وحتي خبايا السجون السرية في معتقلات أمن الدولة..
بدأت الحوار وأنا افكر في انني امام رجل من جماعة طالبان اعتاد ان يحمل السلاح دائما.. شاب تربي في حماية بن لادن اقرب اصدقاء والده.. في ظروف اخري كنت بالتأكيد شعرت بالخطر.. ولكنه هاهو الان يبدو امامي مسالما جدا يتحدث وهو يخفض عينيه غالبا.. فحياته بالتأكيد قد تغيرت وانقلبت رأسا علي عقب ليصبح مقهورا قتلوا فيه لسنوات عزة نفسه حتي استعادها..كان حديثه معي هادئا ولكن في عقلي كان صاخبا.. نظرت اليه وكأني اري رجلا كان ميتاً ثم حيا.
بطاقة هوية
لسنوات طويلة ظل محمد في المعتقل بدون أوراق رسمية ولذلك سوف نبدأ بتعريف هويته الشخصية الذاتية... يقرأ بنودها
الاسم : اسمي بالكامل هو محمد مدحت مرسي سيد عمر ونجل الجهادي الشهير ابو خباب المصري ...
السن : عمري 30 عاما قضيت تقريبا ثلثها في السجن بدون جريمة ..
التعليم : لم اكمل تعليمي بعد رفض اجهزة الدولة استخراج بطاقة كما رفضت جامعة الازهر استكمالي للدراسة بها..
العمل : تاجر للعطور ومتزوج حديثا وان كانت احوالي المادية غير مستقرة.. البعض يظن ان عائلتنا غنية وتمتلك مساعدات مستمرة وهذا غير صحيح بالمرة.
النشاط السياسي :هي الخانة الأهم بالنسبة لي وأؤكد انني لاأنتمي الي فكر محدد... ولا جماعات او احزاب سياسية.. فانا افضل الاستقلالية وابحث عن حياة هادئة مستقرة بعد شقاء دام لسنوات.
إختطاف
نستهل الذكريات بالحدث الابرز.. فلايمكن للمسجون ان ينسي سجانه.. ولا لحظات اغتيال حريته وكرامته.. تبقي دائما التفاصيل محفورة في الذاكرة..... اترك معظم الكلام علي لسانه فهو الاجدر بالرواية..
(5 - 5 -2000) مشهد لا انساه.. انه أول ايام ماسأة حياتي.. كنت حينها فقط ابن 18 عاما.. عندما اختطفتني امن الدولة بطريقة مهينة.. كنت اسير مع عمتي في منطقة محطة الرمل بالاسكندرية بشكل عادي تماما.. حتي فوجئت بشخصين ضخمي الجثة ظهرا فجاه امامي.. بادر احدهما بلكمي في وجهي.. وعاجلني الاخر بشد قدمي وأخفوا وجهي بواسطة كيس أسود.. وقاموا بإلقائي في سيارة ميكروباص بها عدة اشخاص قاموا بالجلوس فوقي وتفتيشي ذاتيا...خلعوا عني ملابسي عدا الملابس الداخلية ولم يكن معي شيئا حينها غير بعض المتعلقات الشخصية مثل الباسبور و5 جنيهات.. وسمعت احدهم يقول "قبضنا علي الجثة يا باشا".. ومن هنا بدأت الازمة.. اصناف من العذاب والهوان لم ارها من قبل.. ظلم بين.. استمر 9 سنوات ضاعت فيها احلي سنوات حياتي.. رأيت آلاف المعتقلين السياسيين والأبرياء خلف السجون ووحشية جهاز أمن الدولة هذا الجهاز الظالم الذي وجب سقوطه.
فلاش باك
ولكن لماذا حدث كل هذا؟
يجب ان نعود بالذاكرة الي وراء..نعم اكثر اكثر... نحن الآن تقريبا في منتصف الثمانينيات في الاسكندرية.. وسوف يروي لنا قصة العائلة.. كنت مازلت طالبا صغيرا في مدرسة بدر الابتدائية وكان عمري فقط 6 سنوات عندما قرر والدي مدحت مرسي سيد عمر والشهير بابو الخباب بدء رحلته في افغانستان .. وكان والدي مهندس كيميائي ماهر خريج كلية العلوم جامعة الإسكندرية.. انضم لفترة الي جماعة الإخوان المسلمين.. ثم قرر التوجه إلي الجهاد الأفغاني والذي كان يدعو إليه الشيخ عبد الله العزام في السعودية.. فسافرنا اليه عام 1987 لنسافر بعدها الي أفغانستان.. وهناك اصبح والدي علي علاقة قوية جدا بالشيخ أسامة بن لادن.. وبجانب عمله الجهادي العسكري تابع دراسة الماجستير والدكتوراه في مجال الكيمياء في باكستان..ولم يكن لوالدي اي دخل في المجال النووي كما اشيع.. وقد اكدت لي المخابرات المصرية لاحقا انه ليس له قضية محددة في مصر ولكن تمت ملاحقته بسبب رغبة الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرته عدوا لها.. واؤكد ان والدي لم يرغب في العودة الي مصر وكان يركز علي الدولة المحتلة
الحياة في أفغانستان
سارت بنا الحياة في افغانستان كان من المعتاد ان يحمل الجميع سلاحا هناك ...والتحقنا نحن الاطفال بالمدارس وعملت والدتي مدرسة وكنا ندرس المناهج اليمنية...وتزوج والدي ابو الخباب مرة اخري بافغانية وانجب منها 3 اولاد استشهد احدهم معه لحظة اغتياله..الحياة هناك كانت ذات طابع خاص فكانت شهور السنة مقسمة مابين العلم والاسرة والجهاد.. فكان المجاهدون وبينهم ابي يذهبون لمحاربة الروس الاجانب المحتلين ثم لاحقا الامريكان لعدة اشهر بينما تظل الاسرة في منطقة بيشاور في امان .. ومن يقتل نعتبره شهيدا ومن يرجع يعاود الكرة مرة اخري.. وبرز ابي في القتال والعلم... وتطور الامرواصبح من القيادات المشهورة في افغنستان بسبب مكانته العلمية وبدا كذلك في تدريب المجاهدين... وكان حلمه الكبير هو تحرير القدس.. وقد أورثني هذا الحلم.. وكان المجاهدون حينها يحصلون علي دعم كبير من الولايات المتحدة الامريكية والدول العربية لاستخدامهم كأداة في هدم الاتحاد السوفيتي الذي بمجرد انهياره انقلبت موازين المصالح الدولية وانقلبت امريكا علي المجاهدين وفقدت مصلحتها وبدأت تحاربهم واصبحوا مطلوبين امنيا من دولهم العربية لتبدأ رحلة الهروب...
رحلة الهروب
وبعد ان كنا نعامل كأبطال مجاهدين .. حاولت الولايات المتحده إظهارنا كإرهابيين.. وفي الحقيقة ان المنهج السائد هو السلفي الجهادي...فيما عدا جماعة متطرفة تسمي ب"جماعة التكفير"... وفي ظل هذه الأوضاع علم والدي من خلال المخابرات الباكستانية انه اصبح مطلوبا في مصر ونصحوه بالهروب.والاختفاء وهو ماتم.. بينما سقط في ايديهم زوج اختي حمدي احمد عبد الرزاق "ابو الحسن الشاعر" 1993 بعد ان عادت وسلمته السلطات الباكستانية بإيعاز من السلطات الأمريكية الي مصر واعتقل لفترة تصل الي 10 سنوات الي ان توفي في المعتقل.. وتفرقت العائلة... فظل ابي مع "حكمت يار" قائد الحزب الاسلامي حينها.. وذهبت عائلتنا الي عدة دول أجنبية مثل اذربيجان وايران .. ثم عدنا منتصف التسعينيات عندما تمكن حكمت يار من الاستيلاء علي رئاسة الوزراء وارسل أبي لنا طائرة خاصة للعودة ...وعدنا وقد اصبحنا في حماية وحيد الله سبعون وزير الدفاع وظللنا هكذا لمدة 3 اشهر...
طالبان والاغتيال
في ذلك الوقت كانت بدأت تنتشر حركة طالبان وظهرت شائعة باطلة انها تتبع لأمريكا ولكن عندما علمنا حقيقتها التحقنا بها لأنها الحركة الوحيدة المسيطرة علي افغانستان.. وتريد توحيد الافغان بقياد الملا محمد عمر.. ومن خلال طالبان استقر وضعنا في افغانستان واصبح ابي من كبار قادتها.. الي ان تم اغتياله عن طريق شخص وضع له شريحة لارشاد الطائرات المقاتلة عنه.. واعتقد انها كانت في ملابسه حيث ان القذيفة اصابت موقع سجوده تحديدا بدقة شديدة.. وقد روي احد رفقائه المصابين قبل موته تفاصيل ليلة الحادث حيث كان مع ابي 4 رفقاء لحراسته واخي احمد من زوجته الاخري وزوج اختي ابو اسلام .. وقبل نومهم دعاهم الي صلاة الوتر جماعة وقال لهم لعلها تكون الليلة الاخيرة التي نعيشها سويا ونبه اخي الي اهمية ترديد الشهادة.. وهذه الرواية من احد رفقائه الذي حكاها وهو جريح قبل موته..... تدمع عيناه حينها ويصمت قليلا.... ثم يتابع كنت حينها في المعتقل... اتذكر ان عادل حمزة احد أصدقائي في المعتقل هو من مهد لي الخبر ...سألني ماذا لو انك عرفت ان والدك قتل ؟.. فقلت له سوف اتخيل ان ظهري قد قسم فكنت اشعر برفعة ومكانه أبي ... فقال لي »ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون« .. ففهمت وسعدت وقلت لعله يكون حاجزا لي عن النار... ثم جاء الضباط وعزوني
إعتقال
نعود مرة اخري الي رحلة العائلة.. كيف عدتم الي مصر؟
في عام 1997 قررت العودة مع جزء من العائلة وهم والدتي وأختي وأولادها فقد كنا نرغب في الاستقرار والحياة بهدوء.. في البداية ذهبنا الي السعودية.. وفي عام 2000 عندما كان عمري 18 عاما قررت السفر الي مصر لمقابلة أخوالي لكي ينظموا إقامة والدتي وأختي وظللت في مصر 5 أشهر الي ان ابلغ احد الأفراد عني فقبضت عليّ أمن الدولة..
عذاب الفراعنة
عندما تم القبض عليّ في مصر كان بداية التعذيب في الإسكندرية.. اقتادوني الي مقر أمن الدولة بشارع الفراعنة.. هناك بقيت 9 أيام.. في أول يوم قالوا لي " اتكلم بالذوق انت خلاص وقعت" .. سألتهم ماذا تريدون مني.. فاجابوا نريد تفاصيل كاملة عن حياة والدك وعائلتك.. ومكان أسامة بن لادن.. فقلت لهم لا اعرف شيئا وقد ابتعدت عنهم منذ فترة .. وبدأ التعذيب واقساه بالكهرباء كنت ببراءة اناديه "ياعمو حرام عليك.. عايز ايه ياعمو".. فيردون علي ساخرين " لا تقل ياعمو " ويسبوني بقسوة... كان امرا عاديا بالنسبة لهم ان يسبوا بالدين والأعراض.. كنت في رعب شديد وتخيلت انني في يوم القيامة او فعلت مصيبة كبيرة ولا اعرفها وسوف يحكم علي بالاعدام.. كان الضباط يتكتلون عليّ كأنني فريسة وانا لا أعرف ماذا اقول او افعل... كانت التحقيقات تتم بدون توقف ومن خلال أشخاص مختلفين.. في أحدي المرات تعرضت للاغماء فادخلوني الي غرفة دكتور فوضعوا لي جهاز تنفس اوكسجين واعادوني فورا للتحقيق..
ما اهم ادوات التعذيب في مقر أمن الدولة بالاسكندرية ؟
الادوات هناك متنوعة مثل الكرباج وكرسي الكهرباء و سرير الكهرباء والذي كان بمثابة شواية آدمية وهناك بعض المعتقلين الذين قتلوا عليها مثل اشرف السعيد المقبوض عليه في قضية "الازهر" والذين اشاعوا انه قد انتحر..
حفل لب في لاظوغلي
انتقلت بعد ذلك الي جهاز لاظوغلي قبل إنشاء جهاز مدينة نصر.. وهناك بقيت لمدة شهرين ونصف تحت تعذيب اشد... وكنت اقيم في زنزانة تحت ارض بعمق مترين بدون شباك وكان طولها متر وعرضها 60 سم حيث كنت لا استطيع فرد جسمي خلال النوم.. وقد اصيب بعض المعتقلين بتقوس العظام بسبب ذلك.. كانت الحشرات تملأ المكان ومياه المجاري .. واعطوني هناك بطانية مقملة.. وكان الذهاب الي الحمام مسموح به مرة واحده فقط في اليوم..وكانت رحلة العودة والذهاب إليه محنة حيث كان يتم اهانة وركل المساجين واذا بقي احدهم اكثر من 5 دقائق يتم اقتحام الحمام.. وقد اصبت من بيئة الزنزانة غير الصحية بالمرة بمختلف الامراض الصدرية مثل الربو.. واتذكر انه في احدي المرات مرض زميل لنا جدا واوشك علي الوفاة فاحضروا طبيبا ما ان وصل حتي صرخ من هول المكان وطالب باخراجه سريعا.. فالحرارة كانت شديدة جدا ولاتوجد تهوية.. في احدي مرات التعذيب كان يجرحون المعتقل ويقومون بخرم جسده حتي يظهر العظم ويدقونه ويصلون الكهرباء بالأعصاب مباشرة.. واتذكر أنه في احدي المرات كان من تسلية ضباط امن الدولة الجلوس في حلقة لقزقزة اللب ووضع احد المعتقلين في المنتصف عاريا تماما ويبدأون في سؤاله اسئلة مختلفة فاذا اعجبتهم الاجابة تركوه اذا لم يعجبهم يضربونه بشدة
كيف كانت تتم التحقيقات ؟
كانت التحقيقات علي فترتين غالبا... الاولي من الساعة 11 الي 5 عصرا في التحقيقات.. والثانية من الساعة 11 ليلا الي الساعة 2 صباحا او الفجر.. بالطبع سمة التحقيقات هي التعذيب وكان هدفهم هو اذلال ضحاياهم حتي يتمكنوا من الحصول علي اكبر قدر من المعلومات.. عندما كنت اتعب بشدة كان يسمحون لي بالوقوف ووجهي الي الحائط ويكتفون بالضرب"علي القفا".
الحرية
وكيف تم الافراج عنك ؟
لم تفرج عني امن الدولة الا بعد مقتل والدي في عام 2009.. حيث تم اصطحابي الي قسم باب شرق في الاسكندرية وبقينا فيه 3 اشهر لمدة تحت الارض.. وكانت المهانة لاتختلف هناك.. في احدي المرات.. غرقت الزنزانة بمياه الصرف الصحي فطلبنا من الشاويش اخراجنا.. فرفض فقمنا بالطرق علي الباب لفترات طويلة الي ان جاء رئيس المباحث في قسم باب شرق وقام بسبنا وعندما قمت بالرد عليه.. اقتادني الي منتصف الحجز ومعه 10 مخبرين وقام بلطمي علي وجهي 30 مرة.. وعندما أفرج عني في النهاية لم اصدق نفسي.. شعرت بسعادة تامة.. ظللت اضغط علي الارض بقدمي واقفز واتلفت حولي حتي قال لي الضابط لا تفعل هذا والا سوف يظنونك مجنونا.. يضحك ويقول اني اشعر وانا صغير وضعت في قفص وعذبت..
كيف رأيت الحياة خارج المعتقل لاول مرة؟
أصبت بصدمة فقد رأيت الناس يتقاتلون علي لقمة العيش والفزع والرعب في الوجوه.. فالفرق بين المعتقل والشارع المصري قبل الثورة...ان المعتقلين كان لديهم امل ان يخرجوا الي الشارع مرة اخري.. اما في الشارع فكانت حالة السخط واليأس شديدة
كيف تصف هذه السنوات؟
انا اسميها سنوات العجاف.. تعلمت خلالها ان الصبر ليس له حدود.. والان علم ان اليقين ان الصبر اوله مر واخره حلو.. فزوال امن الدولة كان من الاحلام التي لاتخطر علي بالي..
ما صلتك الحالية باسرتك في افغانستان وهل مازلت علي تواصل معهم؟
لقد لحق بي في المعتقل اخي عبد الله مدحت الذي قبض عليه في باكستان ثم اعتقلته الولايات المتحدة الأمريكية وعذبته لمدة 6 أشهر ثم سلم الي المخابرات المصرية وبقي عند جهاز امن الدولة لمدة تزيد عن شهر ثم لحق بي في سجن شديد الحراسة بابو زعبل ومن اقسي السجون وكنا نواسي بعضنا البعض.. اما باقي العائلة فقد انقطعت عنها الاتصالات.. ولكني اعرف ان اخي الاكبر الحسين الذي ورث كنية ابي ابو الخباب واختي اسماء غير قادرين علي الرجوع الي مصر خوفا من الاوضاع الامنية التي قد يتعرضون لها..
هل تفكر في العودة الي افغانستان واللحاق بهم؟
لا اريد ان اعود الي هناك فانا ابحث عن الحياه المستقرة واتمني ان يعودوا الي مصر ليجتمع شمل الاسرة مرة اخري في بلدها
كيف تصف امن الدولة ؟
هذا هو الجهاز الذي استطاع ان ينزع الرحمة من قلبه ولايتعامل مع المواطن الا بوجه الانتقام والنيل منه سواء كان احوال مادية او معنوية..
هل تعرض جهاز امن الدولة لعائلتك في مصر ايضا؟
لقد تعرضت عائلتي لاهانات كثيرة.. وقد كان رجال امن الدولة يهجمون علي بيت جدي ويقتادونه ليلا للتحقيق.. وحتي الان فعماتي السبع يرفضن مقابلتي خوفا من تعرضهن للتعذيب.. فأمن الدولة لم يرحم كبيرنا ولا صغيرنا.
مجموعة رسائل توجهها لكل من أمن الدولة ووالدك والثورة؟
أمن الدولة : هذا جهاز ظالم كان هدفه التجسس علي المواطن المصري ويجب عند اعادة تشكيله تغيير اسمه الذي ارتبط بارهاب المصريين وان يكون عليه رقابة شديدة، والدي : مات شهيدا وربانا كرجال وسوف نظل كذلك.. واعلن انني سوف ارفع دعوي في الولايات المتحدة الامريكية للتحقيق في مقتل والدي وطلب التعويض وربما يكون محامينا هو منتصر الزيات.
الثورة: اؤيد الثورة تماما واحيي شباب الثورة الابطال علي دورهم المهم في اعادة العزة للمواطن المصري ..
وماذا عن دورك الحالي في مساندة معتقلي أمن الدولة؟
حاليا انا اقوم بمساعدة اهالي الضحايا والعتقلين في حصراسمائهم والمطالبة بالافراج الفوري عنهم و دفع التعويضات.. ونحن نناشد القوات المسلحة ونطالب بالافراج الفوري عن جميع المعتقلين واسقاط جميع الاحكام السياسية في عهد مبارك وإلغاء قانون الطوارئ الذي ساهم في ارهاب المصريين ونشر الفساد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.