البحث عن لقمة العيش مهمة صعبة للغاية وهذا ما دفع شباب الأقاليم للزحف الي المحافظات المزدحمة في محاولة للحصول علي وظيفة يتربحون منها لسد احتياجات أسرتهم. هؤلاء جاءوا من محافظات الصعيد يحملون بضائعهم لعرضها بأسواق الإسكندرية ومنهم من يحاول بأن يمتهن مهنة البائع المتجول الذي يبيع سلعاً تناسب كل موسم. كما نجد شباباً يأتي من الأرياف يحملون منتجاتهم وبيعها علي المنازل. يقول محمد صديق بائع حلوي: أنا متزوج وحاصل علي دبلوم تجارة ولدي ولد وبنت جئت من محافظة كفر الشيخ بعد رحلة بحث عن وظيفة استمرت لسنوات عديدة الي أن قررت السفر الي مدينة الإسكندرية لبيع منتجات الحلوي المختلفة التي تنتج بمدينتي في شوارعها لأنها مدينة بها "رجل" وحركة البيع والشراء طوال أشهر العام ولذا اتخذت أحد الأرصفة بمنطقة المندرة "حي المنتزة" لعرض بضائعي عليها وأحياناً أتجول بين الميادين خاصة يوم الجمعة يوم الاعتصامات وأقوم ببيع الحلوي وبعد انتهائها أعود الي مكاني علي الرصيف وأستمر في البيع علي المواطنين وآخر اليوم افترش بجانب بضائعي خوفاً من سرقتها بالإضافة لتوفير ثمن المسكن. يطالب الجهات المختصة بتوفير مكان له حتي ولو "متر في متر" لكي يستطيع العمل حتي يعيش حياة كريمة دون الخوف من شرطة الازالة التي تهدد وظيفته المؤقتة. يضيف صبري الطيب بائع أعلام: أنا من محافظة أسيوط جئت الإسكندرية فور تنحي مبارك وشاركت أهلها فرحتهم في هذا اليوم ما دفعني بأن أفكر في بيع الأعلام وبالفعل امتهنت هذه المهنة وأقوم ببيعها في الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات وأيام الجمعة واتخذت من ساحة مسجد القائد إبراهيم مكاناً لي. أضاف أن علم مصر أصبح سلعة رائجة وبدأت افترش الأرصفة بمجموعة من الأعلام مختلفة الأحجام الي أن توسعت في بيع التيشرتات والقبعات والسلاسل والمعاصم التي تطبع عليها علم مصر. أعترف بأن الأعلام كانت في البداية صناعة صينية إلا أنه اتفق مع أحد الورش بأن يصنع له هذه المنتجات لكي تكون صناعة مصرية. يطالب بتخصيص مكان لبيع هذه الأعلام وليس من الضروري بأن تكون هذه الأماكن كبيرة الحجم أو تقوم الجهات المسئولة باستخراج تصاريح لنا بالبيع حتي نستطيع الحصول علي لقمة العيش. يوضح سامي محروس أن الباعة يمثلون نسبة كبيرة من شرائح المجتمع وأغلبهم بالطبع فقراء يحاولون التخلص من فقرهم. وهي ليست ظاهرة جديدة ولكنها انتشرت بشكل كبير عقب اندلاع ثورة 25 يناير لغياب الرقابة الأمنية علي الشوارع وكان توقف الحركة التجارية في بعض القري والمناطق الريفية سبب لسفر الكثير من هؤلاء الشباب والتجار الي المحافظات للحصول علي جنيهات قليلة تسد احتياجات أبنائهم وكان هذا السبب الرئيسي في ظهور الأعداد الكبيرة من الباعة الجائلين الذين يقومون بعرض وبيع بضائعهم علي الأرصفة بدءاً من علب الكبريت وإبر الخياطة الي الملابس والأدوات المنزلية. يؤكد علام سويلم أنه متزوج ولديه أربعة أولاد من محافظة سوهاج وجاء من الصعيد الي الإسكندرية للبحث عن لقمة العيش والستر حيث قام بالعمل في مجال المعمار لمدة طويلة وبعد توقف هذا العمل قرر بأن يمتهن مهنة بيع الملابس الداخلية والشربات ويفترش الأرصفة في مناطق محطة الرمل والمنشية وبرغم صعوبة هذه المهنة من مخاطر عديدة استطاع بأن يتغلب علي بعضها ومنها النوم علي الرصيف لحماية بضاعتي من السرقة بالإضافة الي التنقل من رصيف الي رصيف آخر أثناء حملات الازالة التي تلاحقنا دوماً. أضاف أن الباعة الجائلين يساهمون في عرض بضائع رخيصة تناسب المواطن البسيط صاحب الدخل القليل عكس ما يعرض في المحلات بأسعار خيالية ونحن نواجه مخاطر عديدة من أجل الحصول علي القليل من المال لكي أرسله كل نهاية الأسبوع الي زوجتي وأولادي ووالدي المسن عن طريق البوستة. يتمني أن يعمل في مكان آمن أو يستطيع بأن يحصل علي محل لكي يعرض بضائعه بنفس السعر الذي يتناسب مع دخل المواطن البسيط. يقول رضا السنوسي أنا من محافظة المنيا جئت الي الإسكندرية من خمس سنوات واستطعت أن أحجز مكاناً علي أحد الأرصفة بمحطة مصر لكي أبيع بها الشاي والمأكولات للمارة وللباعة الجائلين بالإضافة الي سائقي الميكروباص. أضاف سبب حضوري الي الإسكندرية هو أن أدخر فلوساً لزواجي وبالإضافة الي ارسال مبالغ شهرية الي أمي وأبي الذين أصبحوا شيوخاً. أكد بأنه عاني العديد من المشاكل بين شرطة سياحة وشرطة المرافق بالإضافة الي رجال المباحث. يقول سعيد حامد بأنه جاء من الصعيد للعمل بالإسكندرية هارباً من قلة العمل بمحافظات الصعيد قائلاً إن نظام مبارك ظلم الصعيد وتعامل معنا علي أننا مواطنون من الدرجة الثالثة. بسبب عدم قيام أي مشروعات تنموية لتوفير فرص عمل للشباب مشيراً إلي أنه خريج كلية التجارة ولكنه جاء من الصعيد الي الإسكندرية بعد الثورة للبحث عن لقمة العيش وذلك من خلال بيعه للمفروشات والأدوات المنزلية بوسط المدينة ويقضي طوال يومه بجوار فرشه وفي المساء يفترش جزءاً من الرصيف لكي ينام لاستقبال يوم جديد مستخدماً حمامات المساجد القريبة من فرشه. يضيف إننا نبحث عن لقمة العيش حتي ولو كانت في "حنك" السبع وبرغم ذلك أعرف أن عملي لا أمارسه بطريقة شرعية وأننا نتسبب في حدوث الزحام بالطرق والشوارع لكننا لم نجد البديل عن هذا العمل.