تحول الربيع العربي في بعض دولنا إلي قيظ وحر ولهيب وإذا كان زين العابدين بن علي لم يستغرق قلبه والتخلص منه سوي ستة وعشرين يوماً ولم يستطع أن يصمد نظام مبارك أكثر من سبعة عشرة يوماً وتفتحت الزهور بالفعل في تونس وفي مصر و"انقشعت الغمة" طبقاً لتعبيرات عمنا عبدالرحمن الجبرني. إلا أن الغمة مازالت في كل من ليبيا وسوريا واليمن. ففي ليبيا مازال الثوار يقدمون ويتراجعون علي حدود مدينة سرت الليبية. وفي اليمن مازال الثوار في الشوارع والميادين علي مدار ثمانية شهور. ومازال نظام الأسد يقبض علي الناس هناك بالحديد والنار منذ اندلاع المظاهرات السورية في منتصف مارس. فإن الغمة بضم حرف الغين مازالت هي سيد الموقف في البلدان المذكورة وإن كانت هناك تطورات أكثر دموية وممارسات أكثر قمعية. في سوريا يتحول الموقف من مجرد المداهمات واستخدام الشبيحة في ضرب المتظاهرين إلي اغتيالات لبعض قيادات المعارضة السورية ومقتل الزعيم الكردي مشعل تامو علي أيدي رجال النظام السوري إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من الغمة في سوريا. كما أن استخدام علي عبدالله صالح للأسلحة الثقيلة في الهجوم علي الثوار في تعز وصنعاء يعكس رغبة علي عبدالله صالح في إسالة الدماء انهاراً قبل مغادرته لليمن أو مفارقته للدنيا بعد الأنباء التي ترددت حول حالته الصحية ومشاكل التنفس التي يعاني منها والتي قد تتطلب رحيله إلي الخارج لتلقي العلاج. أما الوضع في ليبيا فإن حلف الناتو فيما يبدو وليس الثوار يريد أن يطيل أمد الحرب قليلاً إلي ان يتم الاتفاق علي تقسيم المصالح الأوروبية قبل إلقاء القبض علي القذافي أو دفعه للهروب خارج ليبيا. وفي النهاية لم يعد الربيع العربي ربيعاً وسط حكام جثموا طويلاً علي صدور شعوبهم وقرروا إزهاق أكبر عدد من الأرواح قبل رحيلهم والذي أصبح الحقيقة الواحدة غير القابلة للجدل أو النقاش.