إنه التنوع.. بين ليونة الصلصال وضراوة الجرانيت.. بين المصمت المنغلق والمفرغ المنفتح.. إنه التحليق بعيدا عن أجواء الأرض.. والخروج من الأطر الحبيسة فالانطلاق متعة. "عاطفة العقل" عرض الساحر "دوس" * نظم الزمالك آرت جاليري معرضاً لمنحوتات الفنان "ناثان دوس" بعنوان "عاطفة العقل". وناثان فنان له بصمته وهو من جيل حاول النحت في صخور الإبداع كي يحفر اسمه بين عمالقته. من مواليد المنيا 1971 وله مشاركات دولية منها مشاركته في سمبوزيوم أسوان الدولي للنحت 2003 و2004 وبينالي القاهرة وبينالي الإكوادور 2008 حصل علي عِدة جوائز محلية. وله مقتنيات بمتحف الفن الحديث. "ناثان دوس" هو فنان يجيد الإبحار في خبايا النحت الحديث وكتب اسمه بإزميله بين أهم فناني النحت المعاصر من خلال اللعب علي أوتار سيمفونية التشكيل في الفراغ واجتهد ليكشف لنا أسرار خامة البرونز. وكالساحر يحول البرونز لأشكال هلامية ويجعل الفراغ من حولها يتحول لماء وهواء. وحيث كان النحت دوما هو هذه العلاقة الأبدية والحوار الشيق بين الكتلة والفراغ فنجد الفنان "ناثان دوس" يدرس مساحات فراغه بحرفية عالية. فالفراغ كسكتات الكلام.. تؤكد علي معني العبارات لتعبر طريقها للوجدان. وهذا ما أكد عليه الفنان من خلال دور الفراغ في منحوتاته وتماثيله. وفي أحد أعماله نجده يفرغ تمثالاً لجسد أنثي من محتواه ويحوله إلي قصيدة متشابكة من الحروف الأبجدية المتلاحمة التي ليس من الضروري أبدا قراءة مفرداتها لكنها بصريا تنفذ فورا إلي المشاعر الإنسانية فيدخل المشاهد داخلها ويتحاور مع الفراغ داخلها ويتنفس هواء الإبداع في أرقي صوره وبسلاسة تتعجب لها رغم تعقيد فلسفته التي يوصلها لكل مشاهد لمنحوتاته. إن منحوتات الساحر دوس ليست فقط منحوتات من خامة البرونز والذي لم يستسلم لصلابة الخامة لكنه أحيانا أعاد تحويلها إلي أشكال مبهمة ليجعلك تقف أمام تساؤل عن كيفية تطويع هذه الصلابة إلي كل تلك النعومة والرقة والليونة في التشكيل لخدمة أفكاره وفلسفته. فتجد علي سبيل المثال تماثيله وكأننا نشاهد لوحة مصورة نشعر فيها بكل عناصر الطبيعة دون عناء منا. لذا ليس أقل أن نعترف بأن معرض الفنان الساحر ناثان دوس الأخير بقاعة الزمالك للفن بمثابة نقلة نوعية في النحت الحديث والمعاصر وبداية منعطف جديد في أعماله ننتظر فيه الكثير والكثير. "تنوع" محمود الدويحي * افتتح الفنان "محمود الدويحي" معرضه بجاليري بيكاسو بعنوان "تنوع". والفنان من مواليد أسوان 1978 وشارك بالعديد من المعارض منها المعرض العالمي للبيئة وصالون الشباب السادس عشر 2004 والسابع عشر 2005 وسمبوزيوم النحت الدولي بأسوان 2006 و 2007 وغيرهما. وحصل علي الجائزة الأولي في النحت 2005 والجائزة الأولي لصالون الشباب في النحت 2007 وجائزة أخري للفنون والإبداع 2008 وله مقتنيات بمتحف الفن الحديث. تنوعت منحوتات الفنان "محمود الدويحي" في معرضه بين خامات البرونز والجرانيت الأسود والجرانيت الأحمر بروفير.. ومن هنا خلق للوهلة الأولي حالة من التنوع اللوني في عرضه لمجموعة تماثيله لكنها كلها تحمل خطاً تكوينياً ثابتاً يؤكد علي الإحساس بالكتلة المتكاملة ويترك المشاهد يحفر بعيونه داخلها عن مسار للرؤية. في أعماله تأكيد علي ليونة خطوطه فقد ابتعد عن كل ما هو حاد بصريا وتشكيليا وشعوريا بالرغم من صلابة خاماته - فنحت الجرانيت من أصعب أنواع النحت - في التعامل مع الخامة ورغم ذلك فقد استطاع أن يخرج لنا تماثيل تحمل الخط التجريدي لاختصار الجسد الإنساني من الجرانيت. اعتمد في أسلوبه علي الأخذ بظاهر الموضوعات وعلي بساطتها وصولا إلي تحليلها من خلال التوافق بين ما هو عضوي وما هو هندسي. وبذلك خلق هذه الحالة من "التنوع" سواء في الأسلوب أو المادة أو ذلك التنوع في الهدف مؤكدا أن الجوهر هو ذات الفنان ومسار إبداعه. ويستمر المعرض حتي 30 نوفمبر 2017.